المواطنون: فرحتنا لا تكتمل دون شرائها ولو بأقل كمية .. والأولوية لمستلزمات المدارس التجار: الزبائن اكتفوا بالسؤال عن الأسعارفقط .. و«الحجز المسبق» اختفى الجزارون : بعض البائعين والتجار يتعمد وضع الملح فى الماء للخروف ليزيد وزنه
سيطرت حالة من الركود على أسواق اللحوم بعد عزوف كثير من المواطنين عن الشراء بسبب ارتفاع أسعار اللحوم، معلنين رفضهم الزيادات، نظرا لوجود أولويات تجبرهم على التردد في شراء اللحوم .. فقدوم موسم المدارس عقب العيد مباشرة جعل المواطن فى حيرة من أمره، فإما شراء اللحوم أو مستلزمات المدارس ومصاريف الدروس، والبعض لجأ إلى شراء كميات محدودة من منطلق مبدأ «القليل يكفى». «الأهرام» قامت بجولة داخل بعض الأسواق لرصد آراء عدد من المواطنين والجزارين وتجار الماشية لمعرفة أسباب ارتفاع سعر اللحوم، والبدائل التى يلجأ إليها المواطنون. أحمد أبو سريع - جزار بالبساتين - يؤكد أنه يبيع بأسعار العام الماضى، فالزبون يعيش فى مناسبات متلاحقة ، فيخرج من رمضان وعيد الفطر إلى عيد الأضحى يعقبه مباشرة موسم المدارس، وكل مناسبة تحتاج لمصروفات ضخمة، فكيلو اللحم البلدى أبيعه ب 135 جنيها والضانى 140 وسعر العجول الحية 58 جنيها والخراف 65 جنيها، وينصح المواطنين عند شراء الخروف بالابتعاد عن الخروف ذى الفرو الكثيف، ويطالب البائعين بترك الخروف على الأرض وعدم رفعه حتى لا يخدع المشترى ويحذر من الغش بالملح، لأن أغلب التجار يتعمد وضع كميات من الملح للخروف ليشرب المزيد من المياه بكثرة ليزيد وزنه ويصبح شكله مغريا للزبون الذى يفاجأ عند الذبح بأن ربع وزن الخروف «ماء»، كما يقوم بعض التجار بإطالة صوف الخراف لزيادة وزنها طمعا فى مزيد من الربح. محمد الشريف - جزار بمنطقة زينهم - يؤكد أن معظم المحال تحاول تخفيض الأسعار لجذب الزبائن للسوق مرة أخرى بعد اتجاههم لسوق الدواجن والأسماك، مما أثر على تجارتنا بالسلب، مشيرا إلى انه يعمل بالسوق منذ 30 عاما ولم يشهد ركوداً في الحركة مثلما هو الحال الآن. بالحجز مدحت صبحى - أحد تجار الماشية بمنطقة عرب المعادي - يقول : عادة يبدأ المضحون بحجز أضحيتهم قبل العيد بشهر ، وتسلمها قبله بأيام معدودة مباشرة الا أن هذا الموسم تسوده حالة من الركود في حركة البيع والشراء، نظرا لارتفاع سعر الاضاحى بسبب ارتفاع أسعار الأعلاف .. فطن الذرة الصفراء ارتفع سعره من 1700 جنيه إلى 4300 جنيه، كما ارتفع سعر طن الفول من 3500 جنيه إلى 8 آلاف جنيه، مؤكدا أن الزبائن هذا العام اكتفوا بالسؤال عن الأسعار فقط دون وجود نية للشراء. التاجر مظلوم ويرى سيد عبد المنعم - تاجر ماشية بمنطقة عرب المعادي - أن التاجر مظلوم .. فهو يشترى من المربى أو المزارع بسعر مرتفع .. ويضطر الى تخفيض هامش الربح كي يكسب .. فيرتفع السعر على المواطن، مؤكدا أن حركة البيع تنتعش يوم عرفة، لأن اغلب المواطنين يقبلون على شراء الأضحية يوم الوقفة، اعتقادا بان التجار يخفضون أسعارهم فى هذا اليوم نتيجة لحالة الركود. أشرف حمدى - تاجر مواشى بالبساتين - أكد أن معاناة المواطنين من ارتفاع الأسعار بصفة عامة هى السبب الرئيسى للركود خاصة ان الأسعار مقاربة للعام الماضى.. فكيلو الضآن القائم وصل إلى63 جنيها، والماعز 65، حيث يتراوح سعر الماعز بين 2000 و 3000 والخراف من 4 إلى 8 آلاف وتتراوح أسعار العجول من 20 ألفا إلى 50 ألفا وفقا لوزنها. الأموال للمدرسة «نعتمد على اللحوم التى توزع علينا من أضاحي الأغنياء»، هذا ما أكده سعيد عرفة «عامل» قائلا : أعمل باليومية كسائق تاكسي بالأجرة واللحوم لم تعد من متطلبات حياتنا الأساسية فالتعليم والصحة أهم أولوياتنا .. ولدي أربعة أبناء فى مراحل تعليمية مختلفة، وبالكاد أوفر لهم مصاريف المدارس ومتطلباتها من أدوات وملابس ولأن قدوم العيد يلحق به مباشرة بدء العام الدراسي، لذا تسنوفر الأموال للمدرسة. مصطفى عرفة - موظف - يقول : شراء اللحوم طقس من طقوس عيد الأضحى لا يمكن الاستغناء عنه.. وعلى الرغم من الظروف الاقتصادية التى تعانيها ومهما ارتفعت الأسعار وبلغت الأزمة ذروتها فإن فرحة المصريين لا تكتمل دون شرائها ولو بأقل كمية. صباح عبد العزيز - ربة منزل - تؤكد أن 5 كيلو لحمة الآن ب800 جنيه دون حساب تكلفة الخضار أو الأرز أو السمن، أي أن لوازم الوجبة الواحدة قد تتعدى 200 جنيه، وعندما يأتي أولادي وأحفادي للغداء فبالكاد يكفيهم 2 كيلو من اللحم.. بالإضافة إلى الأرز والخضار فقد يصل ثمن الوجبة إلى أكثر من 500 جنيه، لذلك سأكتفي بدعوتهم على «الفتة» أول يوم العيد كالعادة ليفرح الأحفاد. «السنة دى ما فيش لحمة» هذا ما قالته أم سيد التى أكدت أنها ستقوم بشراء أحشاء الماشية «الحلويات والعفشة»، لأن ارتفاع سعر كيلو اللحمة البلدي إلى 150 جنيها، وارتفاع المستورد إلى 100 أدى إلى صعوبة شرائها. أضحية جماعية وتقول ليلى محمد - موظفة - سنلجأ إلى الأضحية الجماعية، أي مشاركة أكثر من أسرة فى ذبيحة واحدة فالأسعار مرتفعة ولا تناسب شريحة كبيرة من المواطنين. أما سعاد أحمد - ربة منزل - فتقول: لدى 4 أبناء و2 كيلو من اللحم لا يكفينا، مع أنها أقل كمية يمكن أن أشتريها، لذلك ألجأ إلى شراء لحم مفروم لرخصه، واستخدمه فى عمل حواوشى رغم علمي أنه عبارة عن دهون وتوابل و20 % فقط منه لحم حتى اشعر الأبناء ببهجة العيد. مناسبات متلاحقة محمد شرف، نائب أول رئيس شعبة القصابين بالغرفة التجارية، يؤكد أن هناك تراجعا في الطلب على اللحوم هذا العام بسبب الظروف الاقتصادية للمواطن فهو محاط بالمناسبات التى أنهكت امكاناته المادية، فلم يشعر المواطن بالراحة من ولائم رمضان وملابس العيد، حتى جاء عيد الأضحى الذى يعقبه موسم المدارس وهو الموسم الوحيد الذى لا يستطيع رب الاسرة الاستغناء عن تلبية احتياجات أبنائه فيه.. وهناك منافذ بيع للحوم منتشرة فى الشوارع سواء لجهاز الخدمة الوطنية أو منافذ أمان التابعة لوزارة الداخلية ويباع فيها الكيلو ب90 جنيها، والممتاز ب 100 وسيارات وزارتي التموين والزراعة، وجميعها تستحوذ على قرابة 55 % من مبيعات اللحوم فى السوق .. وال 45 % الباقى تباع فى محال الجزارة .. موضحا أنه من قبل كان يوجد المجمع والجزار التعاونى والجزار الحر، وكنا نحكم السوق بأكمله، أما الآن فلا أحد يستطيع أن يعلم مصدر اللحم، هناك من يبيع الكتلة 3 كيلو ب 105 جنيهات، فاللحوم مجهولة المصدر أصبحت تباع بالشوارع، والآن لا نملك حق الضبطية القضائية للتفتيش على العربات أو محال الجزارة، ولأن الثروة الحيوانية لم تعد تكفى كالسابق فنحن مضطرون لدخول المستورد، بالإضافة إلى أن عدم فرض تسعيرة جعلنا لا نستطيع أن نضبط السوق، فالتاجر كان يرسل سيارة العجول للكشف البيطري عليها دون وسيط، الآن يتم تحميل التكلفة مصروفات سمسرة ومشال ووهبة وانتقالات وذبح وغيرها.