الرئيس السيسي: زيادة معدلات تشغيل ذوي الهمم ودمجهم بسوق العمل    طريقة الاستعلام عن نتيجة الامتحان الإلكتروني ل مسابقة معلم مساعد فصل في 12 محافظة    منها إجازة عيد العمال وشم النسيم.. 11 يوما عطلة رسمية في شهر مايو 2024    رئيس جهاز بني سويف الجديدة يتابع مع مسئولي "المقاولون العرب" مشروعات المرافق    وزير التعليم العالي يستقبل مدير المجلس الثقافي البريطاني لبحث آليات التعاون المُشترك    برعاية «ابدأ».. إطلاق أول صندوق للاستثمار الصناعي المباشر في مصر    ختام دورات ترشيد استخدام مياه الري وترشيد استخدام الأسمدة المعدنية بالوادي الجديد    وزير الإسكان: جار تنفيذ 64 برجاً سكنياً بها 3068 وحدةو310 فيلات بالتجمع العمراني "صوارى" بالإسكندرية    البنك المركزي: تسوية 3.353 مليون عملية عبر مقاصة الشيكات ب1.127 تريليون جنيه خلال 4 أشهر    مفتي الجمهورية ينعى الشيخ طحنون آل نهيان فقيد دولة الإمارات الشقيقة    توقع بإدراج إسرائيل الشهر المقبل على القائمة السوداء للأمم المتحدة    القرم ترد على تلميح كييف بقصف جسرها: «إشارة للإرهاب»    غرق عشرات الإسرائيليين في البحر الميت وطائرات إنقاذ تبحث عن مفقودين    وزير الخارجية السعودي يدعو لوقف القتال في السودان وتغليب مصلحة الشعب    أهالي الأسرى الإسرائيليين يقطعون طريق محور أيالون بتل أبيب    حسن مصطفى: كولر يظلم بعض لاعبي الأهلي لحساب آخرين    قمة روما ويوفنتوس تشعل الصراع الأوروبي    الأهلي يجهز ياسر إبراهيم لتعويض غياب ربيعة أمام الجونة    بنزيما يتلقى العلاج إلى ريال مدريد    صباح الكورة.. الزمالك يفاوض ساحر دريمز وتطورات تجديد عقد نجم ريال مدريد ونجم الهلال يقتحم حسابات الأهلي    بسبب معاكسة فتاة.. نشوب مشاجرة بين طلاب داخل جامعة خاصة في أكتوبر    ارتفاع درجتين.. تفاصيل طقس الأقصر اليوم    حملات أمنية ضد محاولات التلاعب في أسعار الخبز.. وضبط 25 طن دقيق    ماس كهربائي.. تفاصيل نشوب حريق داخل مخزن ملابس في العجوزة    "فى ظروف غامضة".. أب يذبح نجلته بعزبة التحرير بمركز ديروط بأسيوط    القبض على 34 شخصا بحوزتهم مخدرات بمنطقة العصافرة بالإسكندرية    ماذا حقق فيلم السرب في أول أيام عرضه داخل مصر؟    عصام زكريا ل "الفجر": مهرجان القاهرة السينمائي أكبر من منافسة مهرجانات وليدة واسمه يكفي لإغراء صناع الأفلام    كيف تحتفل شعوب العالم بأعياد الربيع؟    لمواليد 2 مايو.. ماذا تقول لك نصيحة خبيرة الأبراج في 2024؟    الأحد.. «أرواح في المدينة» تعيد اكتشاف قاهرة نجيب محفوظ في مركز الإبداع    على طريقة نصر وبهاء .. هل تنجح إسعاد يونس في لم شمل العوضي وياسمين عبدالعزيز؟    أول تحرك برلماني بشأن الآثار الجانبية للقاح كورونا «أسترازينيكا» (تفاصيل)    التضامن: انخفاض مشاهد التدخين في دراما رمضان إلى 2.4 %    البصمة ب 1000 جنيه.. تفاصيل سقوط عصابة الأختام المزورة في سوهاج    المركزي يوافق مبدئيا لمصر للابتكار الرقمي لإطلاق أول بنك رقمي"وان بنك"    هئية الاستثمار والخارجية البريطاني توقعان مذكرة تفاهم لتعزيز العلاقات الاستثمارية والتجارية    ارتفاع حصيلة قتلى انهيار جزء من طريق سريع في الصين إلى 36 شخصا    نشاط الرئيس السيسي وأخبار الشأن المحلي يتصدران اهتمامات صحف القاهرة    فاتن عبد المعبود: مؤتمر اتحاد القبائل العربية خطوة مهمة في تنمية سيناء    تشغيل 27 بئرا برفح والشيخ زويد.. تقرير حول مشاركة القوات المسلحة بتنمية سيناء    دعاء النبي بعد التشهد وقبل التسليم من الصلاة .. واظب عليه    «هونداي روتم» الكورية تخطط لإنشاء مصنع جديد لعربات المترو في مصر    الكشف على 1361 مواطنا ضمن قافلة «حياة كريمة» في البحيرة    رئيس الوزراء يُهنئ البابا تواضروس الثاني بعيد القيامة المجيد    صباحك أوروبي.. حقيقة عودة كلوب لدورتموند.. بقاء تين هاج.. ودور إبراهيموفيتش    هل توجد لعنة الفراعنة داخل مقابر المصريين القدماء؟.. عالم أثري يفجر مفاجأة    تحديد أول الراحلين عن صفوف برشلونة    هل يستجيب الله دعاء العاصي؟ أمين الإفتاء يجيب    مشروع انتاج خبز أبيض صحي بتمويل حكومي بريطاني    تعرف على أحداث الحلقتين الرابعة والخامسة من «البيت بيتي 2»    متى تصبح العمليات العسكرية جرائم حرب؟.. خبير قانوني يجيب    طريقة عمل الآيس كريم بالبسكويت والموز.. «خلي أولادك يفرحوا»    لاعب الزمالك السابق: إمام عاشور يشبه حازم إمام ويستطيع أن يصبح الأفضل في إفريقيا    عميد أصول الدين: المؤمن لا يكون عاطلا عن العمل    هذه وصفات طريقة عمل كيكة البراوني    حكم دفع الزكاة لشراء أدوية للمرضى الفقراء    مظهر شاهين: تقبيل حسام موافي يد "أبوالعنين" لا يتعارض مع الشرع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



متى ينتهى هذا التخبط؟
نشر في الأهرام اليومي يوم 14 - 08 - 2018

أثار موضوع استخراج القرنية من أحد الموتى وزرعها فى عين أحد الأحياء ليتفادى عاهة العمى لغطا كبيرا فى المجتمع. وتدخل فى الجدل أطباء ورجال قانون وأعضاء برلمان ورجال إعلام والجمهور العادي. أهم ما يفصح عنه هذا الجدل هو أننا لم نتقدم خطوة ونصر على أن نبقى متخلفين عما هو سائد لدى الأمم الأخري، كما يفصح عن قسوة اجتماعية، حيث إن العلم أتاح لنا أن نجعل عددا من العميان مبصرين ولكن الكثيرين منا يقيمون العراقيل فى وجه ذلك وينجحون.
قضية زراعة الأعضاء من الموتى قضية حديثة مرتبطة بتطور الطب المعاصر، وهى ترتكز على تعريف الوفاة بأنها موت جذع المخ، وهو التعريف الذى يسمح بأنه خلال ساعات معدودة يمكننا الاستفادة بأعضاء الشخص المتوفى وزراعتها فى جسم مريض محتاج. ورغم تبنى دول العالم هذا التعريف ووضعها قوانين وإجراءات تنظم هذه العملية نظل نحن مترددين بل وممانعين، ويرجع ذلك إلى حجج غريبة. الحجة الأولى هى أنه علينا أن نترك المريض المحتاج يموت حتى لا نؤخر لقاءه بربه، وهذه حجة يمكن أن تطيح بمفهوم الطب كله، ونمنع الناس من تعاطى المضادات الحيوية والأمصال التى تقاوم الفيروسات. الحجة الثانية هى أن الجثة ملك الله. وهذا أمر بدهي، فمن حيث المبدأ كل شيء فى هذا الكون ملك الله ولكن من حق الإنسان التصرف فيه بما يحقق المنفعة العامة. الحجة الثالثة هى أن للموتى حرمة ولا يجوز الاقتراب منها. وهذا مفهوم قديم كان سائدا لدى كل الثقافات القديمة وعلى رأسها مصر الفرعونية يتعلق بقدسية الجثة. وكان الأطباء فى العصور الوسطى فى البلاد الإسلامية وفى أوروبا يشرحون الحيوانات ليفهموا كيف يعمل جسم الإنسان. وفى الصين الحديثة فى أربعينيات القرن العشرين تعاقدت إحدى الجامعات مع أحد أساتذة الطب الفرنسيين لتدريس الجراحة، وفى مجلس الكلية طلب الأستاذ توفير جثة فأصيب جميع أعضاء المجلس بالذعر وسألوه لماذا؟ فقال لتشريحها أمام الطلاب لأغراض تعليمية. فقالوا له: لا تقترب من أى جثة وإن كان ولابد فسوف نأتى لك بأحد المجرمين الأحياء لتشرحه كيفما شئت. الآن واكبت الصين العصر وتخلصت من هذا الحظر. المشكلة أن أغلب هذه الحجج منبعها فتاوى رجال الدين، والغريب أيضاً أن جميع البلاد الإسلامية وعلى رأسها المملكة السعودية قد وافقت على نقل الأعضاء من الموتى ومن سنوات طويلة. ولكن يظل الكثير من رجال الدين فى مصر متنمرين لوأد أى أمل فى مواكبة ما يجرى من حولنا فى هذا الشأن، حتى إنه حينما صرح فضيلة الشيخ طنطاوى شيخ الأزهر بأنه لا يرى غضاضة فى زراعة الأعضاء من الموتى للأحياء وأنه يترك جسمه صدقة جارية بعد وفاته ليستفيد منه المرضى المحتاجون، تعرض لهجوم رجال الدين وهجوم الإخوان المسلمين الذين بذل أعضاؤهم فى مجلس الشعب جهدا لمنع إصدار قانون زراعة الأعضاء. وينصحنا آخرون بالإنتظار لحين نجاح الطب فى تكوين أعضاء عن طريق تكاثر الخلايا الجذعية دونما حاجة لاستعارتها من أجسام الموتي، هذا بالفعل ما يراهن عليه العلم ولكن فيما يبدو أن الطريق ما زال طويلا. تتردد أيضا حجة وجوب استئذان أهل المتوفى وهى حجة غريبة فحتى لو وافق منهم أحد سيتهمه الآخرون بالتفريط فى جثة قريبهم، فهى بمثابة وضع العقدة فى المنشار، كما أنها تفترض أن جثة المتوفى هى جزء من الميراث الذى يتركه لأبنائه. ولهذا فحكاية الاستئذان هذه غير معمول بها فى أى مجتمع.
الجثة ملك من؟ معضلة قانونية تم حلها باعتبار الجثة ملك صاحبها وبالتالى صار التشريع فى طريقين: الأول هو أن يعلن المتوفى فى حياته أنه موافق على التبرع بأعضائه بعد موته وهو المعمول به فى أمريكا. الطريق الثانى هو أن نعتبر كل أفراد المجتمع متبرعين تلقائيا ما لم يسجل الإنسان فى حياته رفضه أخذ أعضاء منه وهو المعمول به فى فرنسا.
ومما يدل على تخبط مجتمعنا أن هناك قانوناصدر بالفعل يقر بزراعة الأعضاء من الموتى عام 2010 ويتضمن نص القانون صدور اللائحة التنفيذية له بعد ثلاثة أشهر من صدوره من مجلس الشعب.
وقد مرت ثمانى سنوات ولم تظهر اللائحة التنفيذية بعد! الضحية الأولى لكل هذا التخبط كالعادة هم الفقراء. فالأغنياء يركبون الطائرات ويذهبون إلى البلاد التى لاتوجد بها هذه المحاذير، أما المرضى المحتاجون من الفقراء فلا يملكون ما يسمح لهم بذلك، بل حتى الأصحاء منهم أحيانا يضطرون تحت قناع التبرع لبيع كلية أو جزء من الكبد لأنهم يحتاجون للمال، فى حين أننا لو استفدنا بأعضاء الموتى لما كانت هناك حاجة للتبرع من الأحياء.
لمزيد من مقالات ◀ د. أنور مغيث


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.