فى دعوة إلى عدم المساس بالحكاية الشعبية بغرض التحديث ومواكبة العصر خرج لنا كتاب «الحكايات الشعبية بين التنوع والاختلاف» للدكتورة غراء مهنا. وتتساءل فيه عن أسباب العبث بهذا التراث الشعبى الثمين ومحاولة إخراجه من مضمونه ووأده بتحويله إلى مسارات أخرى تخدم أفكارا وأيديولوجيات بعيدة مما احتفظت به الذاكرة الشعبية وما توارثته الأجيال؟. وتتساءل أيضا عن فائدة إعادة كتابة الحكاية وربطها بعصر معين ومكان محدد وجعلها حكاية مختلفة تتغير شخصياتها التى اعتدنا عليها وتتطور أحداثها ولا تظل حكاية كل زمان ومكان. وتقول الكاتبة إنه من المعروف أن الحكاية الشعبية تختلف وتتنوع باختلاف السياق والمجتمع والراوي، ولكن العبث بها وتشويهها ومسخها مرفوض تماما فهى عاشت فى ذاكرة الناس وقلوبهم وتخطت حواجز الزمان والمكان وستبقى دائما واحدة وإن تغيرت بعض تفاصيلها .ويتناول الكتاب فى فصوله المختلفة هذه الإشكالية، ويتحدث فى الفصل الأول عن الحكاية الشعبية بين الرغبة فى التغيير والعبث ثم يتناول فى الفصول الأخرى أشكالا عديدة لتنوع الحكاية الشعبية: مساراته وشخصية الغول بصورها المختلفة وكذلك تنوع شخصية الأم فى الحكاية الشعبية، وتشير الكاتبة إلى أن إعادة كتابة الحكاية الشعبية يضعها فى قالب واحد فتعكس صورة المجتمع الذى كتبت فيه، وأن الكاتب عادة ما يقوم بتحريف المعنى الأصلى أو إضافة فكرة أو مغزى سياسى يعبران عن آرائه ومعتقداته فى حين يلتزم الراوى الشعبى بالنموذج العام للحكاية. وتختتم الكاتبة قائلة: إن محاولات تغيير وتحويل الحكايات الشعبية التقليدية هى عملية تخريب تتم عن طريق مزج الحكايات القديمة بالمجتمع الحديث والبيئة المحيطة، وأن الناس عموما والأطفال بشكل خاص يرفضون تغيير الحكاية التقليدية ويقاومون هذا التغيير، فهذه الحكايات توارثتها الأجيال وسمعتها كما يحكيها الجد والأب والابن بنفس الطريقة وبنفس الأحداث والشخصيات.