هل تحسم الحكومة مصير الاتفاق مع صندوق النقد الدولي بعد عيد الفطر؟ سؤال قد تجيب عليه كريستين لاجارد رئيس صندوق النقد الدولي والتي من المقرر ان تزور القاهرة يوم22 اغسطس الحالي كما اعلن الصندوق علي موقعه الالكتروني بدعوة من الحكومة المصرية لترأس جلسة مباحثات رسمية مع الحكومة الجديدة لمناقشة طلب مصر الحصول علي قرض من قد يكون هو الاكبر في تاريخ علاقة الجانبين حيث تتجه مصر لتطلب من لاجارد رسميا رفع قيمة القرض من3.2 مليار دولار تمثل200% من حصتنا في الصندوق الي4.6 مليار دولار تمثل300% علي ان يكون سعر الفائدة كما اتفق عليه في المشاورات السابقة1.1% فقط, طلب مصر رفع قيمة قرض الصندوق ياتي اسوة بكل من المغرب والأردن اللذين وافق مجلس المديرين التنفيذيين لصندوق النقد الدولي منذ ايام قليلة علي منحهما مساعدات من الصندوق تبلغ2.05 مليار دولار للاردن تمثل نسبة700% من حصتها في الصندوق و6.2 مليار دولار للمغرب تمثل800% من حصتها في الصندوق. وبعيدا عن الجدل الذي قد يندلع مجددا في الشارع الاقتصادي والسياسي بمصر ازاء هذه التطورات, واثارة قضية مدي حاجتنا لقرض بهذا الحجم او جدوي الاقتراض الخارجي بوجه عام, فان معرفة الاسباب التي دفعت الاردن والمغرب وهما ليسا من دول الربيع العربي للحصول علي تلك القروض التي بمقاييس البلدين يفوقا القرض المصري بمراحل قد توضح اهمية الخطوة المصرية.هذه الاسباب والمبررات كشفها مسعود احمد رئيس دائرة الشرق الاوسط بصندوق النقد الدولي فبالنسبة لقرض الاردن فسوف يستخدم لدعم برنامجها لتحقيق الاستقرار الاقتصادي ومعالجة التأثير السلبي للصدمات الخارجية خاصة في قطاع الطاقة الي جانب الاضرابات الاقليمية, مشيرا الي ان القرض سيسمح للاردن بمواجهة أي صدمات جديدة وتجنب التعديلات الحادة في سياساتها المالية والنقدية التي يمكن اتن يكون لها تاثير سلبي علي النمو الاقتصادي والاهم علي شرائح السكان الضعيفة اقتصاديا. وقال ان القرض والذي سيصرف علي مدي الثلاث سنوات القادمة سيوفر سيولة بما يمكن الحكومة الاردنية من تنفيذ برنامجها الاصلاحي الوطني بصورة تدريجية حماية للفقراء والاسر الضعيفة, مشيرا الي ان القرض سيدعم ايضا جهود الاردن لتحقيق النمو المرتفع والشامل من خلال اتخاذ الاجراءات اللازمة لتحسين مناخ الاعمال وزيادة الشفافية في اتخاذ القرارات وتشجيع التجارة.وبالنسبة للمغرب اشار مسعود احمد الي ان مساعدات صندوق النقد تستهدف توفير التامين اللازم لها في حالة تاثرها بتدهور حاد في الاقتصاد العالمي علي خلفية ازمات منطقة اليورو وضعف نمو الاقتصاد الامريكي, مشيدا بسجل المغرب الايجابي في مجال السياسات الاقتصادية السليمة والذي زادها قوة وقدرة علي تخفيف اثر الازمة العالمية وفي نفس الوقت تلبية الاحتياجات الاجتماعية الملحة. واكد مسعود ان المغرب ليس في حاجة عاجلة لاي تمويل من الصندوق, ولكن الاتفاق ضروري للحكومة المغربية في ظل وجود مخاطر حقيقية تفرضها اجواء عدم اليقين المحيطة بمنطقة اليورو واحتمال ارتفاع اسعار البترول, ولذا فان الاتفاق يمثل خط الوقاية والسيولة للمغرب فهو يوفر تمويل متاح للحكومة المغربية السحب منه طوال العامين المقبلين فيما يشبه وثيقة التامين لتلبية احتياجات المغرب التمويلية اذا ما تحققت المخاطر الحالية. اعتقد ان هذه المبررات والاحتياجات تنطبق علي مصر بصورة اوضح, خاصة وان المخاطر بدات تتحقق بالفعل حيث شهدت الصادرات المصرية الشهر الماضي اول تراجع مؤثر منذ اكثر من عام, كما ان اسعار القمح العالمية زادت بنحو55% خلال الاسابيع القليلة الماضية وقد تواصل الارتفاع مع اسعار زيت الطعام والمنتجات البترولية بما يزيد من الضغوط علي الموازنة العامة بما قد يزيد حجم العجز الكلي بها والمقدر بنحو135 مليار جنيه وفي نفس الوقت مانزال نعاني من نزيف مستمر في الاحتياطيات الدولية قد يدفع لمزيد من التخفيض في التصنيف الائتماني لمصر. لاشك ان خطوة الحكومة بالاسراع في توقيع اتفاق مع صندوق النقد الدولي مع زيادة قيمة القرض طبقا لتصريحات وزير المالية ممتاز السعيد, هي خطوة طال انتظارها حتي تتفرغ الحكومة لمهمة تحقيق النمو الشامل والمستمر فكما يقول مسعود احمد فان تجربة الربيع العربي اثبتت ان ارقام النمو الاجمالية وحدها لا تكشف الا عن جزء من المشهد القائم, في حين ان ضمان استمرارية النمو في ان يكون مرتبط بتوفير فرص العمل الحقيقية والدائمة وان يعم ثمار النمو والفرص الاقتصادية التي يوفرها وبصورة اكثر انصافا نطاقا اوسع من المواطنين لا ان تستاثر به فئة قليلة.