عجزت البشرية عن أن تكون مثل الحشرات والحيوانات فى توفيرها للطاقة، وصنع نظام لبيوتها يوفر لها الرطوبة والدفء، مثل النمل الذى يبنى بيوته منذ خلقه الله مستخدما مادة بناء خاصة به من الطين الموصل للحرارة، وترى الأرانب البرية تجعل فتحات ومداخل بيوتها حيث مصدر الشمس حتى تتلقى أكبر قسط من أشعة الشمس المباشرة . صنعنا أجهزة تكييف جعلتنا فى عداء مستمر مع الطبيعة واستخدمنا أنظمة إضاءة بعيدة عن نظم العمارة الخضراء والمبانى الصديقة للبيئة. قبل أن تجتاح مصر حمى التكييفات ويصبح فى البيت جهاز واثنان وثلاثة، قال لى أحد العلماء كان يعمل فى الخارج إنه سيأتى إلى مصر ليعيش فيها ويصفى أعماله فى الخارج بسبب الأضرار الجمة والتلوث والأمراض التى تسببها أجهزة التكييف. بعد أن أفرط العالم فى استخدام مصادر الطاقة، وبعد أن أهدر الموارد الطبيعية التى حبا الله بها كل دولة، برزت أنياب المصالح وانتظرت حتى أجهزت على الفريسة، وفريسة العالم الآن هى مصادر الطاقة بعد أن عزَت وندرت بفعل فاعل فاشتعلت الأرض بالحروب الخفية والظاهرة ومسرحها مازال يتسع ويكبر وخاصة على أرضنا أرض العرب من المحيط إلى الخليج التى تمزقت بسبب أطماع العالم فى الطاقة لدينا، ونحن دول تتوافر فيها الموارد تحت الأرض وفوقها، دول أغناها الله من المصادر النظيفة ربما أكثر من الملوثة للبيئة، ألسنا ذا ثراء فى مصادر الغاز الطبيعى والطاقة الشمسية وسرعات الرياح تتيح لهذه المصادر النظيفة الدخول فى حزمة الطاقة. مع ذلك فنحن مازلنا لا نخطط للمستقبل أن يكون بطاقة نظيفة ولا بتلك المصادر المتجددة بل بالتوسع فى استخدام الطاقة الملوثة، وسوف يستمر الطلب العالمى على الطاقة بشكل مخيف ومريع وسريع، فالعالم فى عام 2013 على سبيل المثال كان يستخدم 15 مليار وحدة حرارية بريطانية من الطاقة فى كل ثانية وهو ما يعادل تشغيل 40 مصباحا كهربائيا باستمرار لكل شخص يعيش على هذا الكوكب، فى الوقت نفسه الذى يوجد فيه 1٫6 مليار إنسان على وجه الأرض لا يستخدم الكهرباء لأنها ليست فى متناول يديه. تطل علينا الإحصائيات والتقديرات الخاصة بحجم الطلب العالمى على الطاقة فى عام 2030 حيث سيرتفع معدل استخدامنا لها بنسبة 25 %، وأن 60 % من الطاقة المستخدمة ستأتى من النفط والغاز. يرى الدكتور مهندس محمد مصطفى الخياط صاحب كتاب (الطاقة .. لعبة الكبار) أن الإفراط فى استخدام مصادر طاقة بعينها بحجة توافرها يعد إضرارا بالاقتصاد القومى وإهدارا للموارد الطبيعية المتاحة لدى كل بلد، كما أن ما تخلفه المصادر الملوثة من آثار سلبية يضع فوق أكتافنا أعباءَ وهموما تجعلنا نحلم بيوم نحصل فيه على طاقة من مصدر لا يترك فى نفوسنا عقدة الذنب، وقصر النظر فى البحث عن خيارات للحل. لكن السؤال هل لدى العالم فعلا عقدة ذنب تجاه ما حلَ بالبيئة من جرائم كان السبب الرئيسى فيها العالم المتقدم، ويعانى منها البشر والحجر وكل كائن حى؟ لقد بات علينا فى مصر أن نحقق تقدما فى مجال الطاقة بالاهتمام بتصنيع نظم الطاقة والخلايا الشمسية ورفع كفاءة أنظمة تسخين المياه بالشمس، وتطوير نظم التحكم فى الطاقة وترشيدها وتقليل استهلاكها فى المبانى والمصانع. أرى أن قوتنا المستقبلية فى إجادة استخدام الطاقة بشكل يكون أكثر إنتاجا. 100 دولة فى العالم الآن وضعت تشريعات لتشجيع استخدام الطاقة المتجددة، خذ الهند مثالا على ذلك حتى أنها قفزت بسبب صناعة معدات ونظم الطاقة المتجددة وصارت إلى جانب الصناعات الآسيوية مصدرا لمحطات الطاقة المتجددة، فى العديد من الدول الأوروبية والولايات المتحدةالأمريكية. علينا التعلم من الحشرات والحيوانات مهارتها الفائقة فى تصميم بيوتها، وتغيير مواقعها لتناسب طبيعة حياتها وحياة صغارها وغذائها، فقد استطاعت هذه الكائنات بناء مدن للشمس وفشلنا نحن البشر. لمزيد من مقالات ◀ سهيلة نظمى