خالد احمد المطعني :(br) هو ابن إبراهيم الخليل أبو الأنبياء عليهم السلام, فقد ذكر المؤرخون واهل السير, وأهل الكتب السابقة أنه بعد إقامة إبراهيم عليه السلام في بيت المقدس لم تنجب له سارة زوجته ولدا تقر به عينه. فوهبت له جاريتها هاجر عسي أن يكون لهما منها الولد, فدخل عليها إبراهيم فحملت بإسماعيل. ولدت هاجر إسماعيل عليه السلام ولإبراهيم عليه السلام من العمر ست وثمانون سنة وذلك قبل مولد إسحاق بثلاث عشر سنة, ثم بعد ذلك أمر الله خليله إبراهيم أن يخرج بزوجته الحبيبة هاجر وابنه الوحيد إسماعيل الي موضع الكعبة في مكةالمكرمة حيث لا مأوي ولا شجر ولا ماء ولاأنيس, فاستجاب إبراهيم لأمر الله كشأنه في كل ابتلاء وقع له في السابق واللاحق, وصبرت له سارة التي تمنت الطفل فلما جاء أبعد عنها فكوفئت بالبشارة بإسحاق ومن ورائه يعقوب, وكان الابعاد حلقة من حلقات اعداده للإمامة العامة قال تعالي: ا.....قال إني جاعلك للناس إماما ا( البقرة-124). وذكر الدكتور محمد عبده يماني في كتابه( أجداد النبي صلي الله عليه وسلم) ان إبراهيم ترك الرضيع إسماعيل وأمه هاجر عند مكان الكعبة ولم يترك لهما الا جرابا من تمر وسقاء فيه ماء, وتولي عنهما منصرفا يعالج وجد الأب المفارق لزوجته ووحيده الرضيع في تلك الظروف المهلكة, لايكاد يردد النظر إليهما لولا يقينه بوعد الله له فيما أمر فقامت هاجر وتعلقت بثيابه وقالت: ياإبراهيم أين تذهب وتدعنا ههنا وليس معنا ما يكفينا فلم يجبها, فلما ألحت عليه وهو لايجيبها, قالت له: بآلله أمرك بهذا قال: نعم, قالت: فإذن لايضيعنا ا. انطلق إبراهيم حتي إذا كان عند الثنية حيث لا يرونه, استقبل بوجهه البيت ورفع يديه بالدعاء قائلا:( ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم و ارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون) اإبراهيم:37ب. وجعلت هاجر ترضع إسماعيل وتأكل من جراب التمر و تشرب من سقاء الماء حتي إذا نفذ ما في السقاء عطشت وعطش ابنها, وجعلت تنظر إليه يتلوي من الظمأ و يتلبط, فانطلقت كراهية أن تنظر إليه وهو علي هذه الحالة حتي بلغت الصفا أقرب جبل رأته حولها, فقامت عليه, ثم استقبلت الوادي تنظر و تدير فيه النظر هل تري من أحد, فلم تري أحدا, فهبطت من الصفا حتي إذا بلغت الوادي رفعت طرف درعها أي شمرت عن ساقها ثم سعت سعي الإنسان المجهود مهرولة في بطن الوادي, حتي غذا جاوزته ثن أتت المروة تسلقت حتي قامت عليها و نظرت هل تري من أحد فلم تري أحدا, ففعلت ذلك سبع مرات, قال ابن عباس: قال النبي صلي الله عليه وسلم ا فلذلك سعي الناس بينهما ا. فلما أشرفت علي المروة في سابع شوط من سعيها سمعت صوت فقالت: صه تريد نفسها, ثم تسمعت فسمعت أيضا, فقالت: قد أسمعت إن كان عندك غواث, فإذا هي بالملك عند موضع زمزم, فبحث بعقبه, أو قال: بجناحه حتي ظهر الماء فجعلت تحوضه وتقول بيدها هكذا وجعلت تغرف من الماء في سقائها وهي تفور بعدما تغرف( قالوا: كانت تجمع حولها من التراب و الحصي مخافة أن يذهب الماء في الأرض وهي تقول: زمي زمي يا مبارك) ولهذا سميت زمزم. قال ابن عباس: قال النبي صلي الله عليه وسلم: ا يرحم الله أم إسماعيل, لو تركت زمزم, أو قال: لو لم تغرف من الماء لكانت زمزم عينا معينا ا. وكان مكان البيت الكعبة مرتفعا من الأرض كالرابية تأتيه السيول فتأخذ عن يمينه و شماله, فكانت كذلك حتي مرت بهم رفقة من جرهم فنزلوا في أسفل مكة فرأوا طائرا عائفا( أي يبحث عن الماء ويحوم حوله) فقالوا: إن هذا الطائر ليدور علي الماء, وعهدنا بهذا الوادي وما فيه ماء. فأرسلوا جريا, أو جريين فإذا هم بالماء, فرجعوا فأخبروهم بالماء, فأقبلوا قال: وأم إسماعيل عند الماء, فقالوا: أتأذنين لنا أن ننزل عندك قالت: نعم, ولكن لا حق لكم في الماء. فقالوا نعم. قال ابن عباس: فألفت ذلك أم إسماعيل وهي تحب الأنس, فنزلوا و أرسلوا إلي أهليهم فنزلوا معهم, حتي كان بها أهل أبيات منهم, وشب الغلام إسماعيل وتعلم العربية منهم, و أنفسهم و أعجبهم حين شب فلما أدرك زوجوه امرأة منهم. ثم بعد ذلك رجع إبراهيم إلي ابنه إسماعيل وقد أمره الله بذبحه كما جاء في القرآن حتي يشتد البلاء علي إبراهيم ولكن امتثل هو وابنه إسماعيل لأمر الله وقال الابن لأبيه: ا يا أبت افعل ما تؤمرستجدني إن شاء الله من الصابرين ا حتي أتاه الفداء من الله لينجح الاثنان في الاختبار قال تعالي ا وفديناه بذبح عظيم ا وبذلك يكون إسماعيل هو الذبيح الأول.