فى فترة من فترات الزهو والتألق والازدهار التى عاشتها مصر بعد ثورة يوليو 52 فيما يسمى العصر الذهبى للغناء كان الأمل الذى يراود كل الشعراء والمبدعين فى الدول العربية والاسلامية أن يزور كل منهم القاهرة ويتقابل مع أساطين الموسيقى، وفى مقدمتهم محمد عبدالوهاب ورياض السنباطى ويلتقى بسيدة الغناء العربى أم كلثوم التي يستمعون لروائعها الغنائية الخميس الأول من كل شهر وكانت بطبيعتها عاشقة للشعراء العرب وتقتنى كثيرا ً من دواوينهم الشعرية أو يهديها الشاعر ديوانه لعلها تختار أحد قصائده لتغنيها فى حفلاتها الشهرية ،حدث هذا مع كثير من الشعراء الذين اختارت بعض قصائدهم مثل الشاعر الكبير أبو فراس الحمدانى فى قصيدة « أراك عصى الدمع « ومع شاعر باكستان الكبير محمد إقبال فى قصيدته « حديث الروح « ، وكانت أم كلثوم معجبة بالشاعر السعودى الكبير الأمير عبدالله الفيصل التى اختارت بعض قصائده ومنها « ثورة الشك ومن أجل عينيك عشقت الهوى « وكان الشعراء العرب يترقبون وصول محمد عبدالوهاب أو السنباطى أو بليغ أو الموجى فى زياراتهم خارج مصر ويهدونهم بعض قصائدهم ليتغنى بها نجوم الغناء أيضا ً حدث هذا مع الموسيقار عبدالوهاب عندما تأكد الشاعر الكبير نزار قبانى أنه يقضى فترة الصيف فى فندق إنتركونتيننتال باريس فذهب إليه وأهداه قصيدة « أيظن « التى غنتها الفنانة القديرة نجاة الصغيرة « أيظن أنى لعبة فى يديه .. أنا لا أفكر فى الرجوع إليه « والتى لاقت نجاحا ً كبيرا ً ولا يذيعها التليفزيون رغم أن ملحنها هو الموسيقار عبدالوهاب ، وحدث هذا أيضا ً مع نزار عندما علم بوجود عندليب الغناء عبدالحليم حافظ فى مستشفى لندن كلينك للعلاج من دوالى المرىء ومعه صديقه الموسيقار محمد الموجى فذهب إليه وأهداه قصيدتين من ديوانه الشعرى « رسالة من تحت الماء وقارئة الفنجان « اللتين حققتا نجاحا ً كبيرا ً وتابع نزار بنفسه تنفيذهما فى القاهرة أثناء زيارة عبدالحليم فى شقته بالزمالك أو زيارة الموجى فى مكتبه بشارع عبد الخالق ثروت أو فى منزله بشارع البراد بالعباسية وقد عاصرت بنفسى بروفات وتسجيل هذه الأغانى فى توقيتها . وحكايات كثيرة غير ذلك كانت فيها القاهرة مركز إشعاع وجواز مرور كل نجوم الغناء العرب لعالم الشهرة والانتشار ، ولا أنسى الموسيقار الكبير كمال الطويل وأغنياته الرائعة للعندليب التى كتبها الأمير عبدالله الفيصل ومنها رائعته « سمراء يا حلم الطفولة .. يا منية القلب العليلة .. كيف الوصول إلى مناك وليس لى فى الأمر حيلة « . ولا ننسى على الإطلاق نجم الغناء العربى الكبير فريد الأطرش وإقامته فى عمارته الشهيرة بالجيزة وتمسكه بأن يكون شاعره المفضل هو مأمون الشناوى الذى كتب له معظم أغانيه وأشهرها « أدى الربيع عاد من تانى .. والبدر هلت أنواره « وكان هو وعبدالحليم نجمى الغناء الكبار اللذين ينتظرهما العالم العربى فى موسمهما الغنائى كل عام ، إلى جانب مطربات العرب فايزة أحمد ووردة الجزائرية وسعاد محمد وصباح ونجاح سلام مع كبار المطربات المصريات نجاة وشادية وشهر زاد وفايدة كامل وكذلك المطربون المصريون محمد رشدى وكارم محمود ومحمد العزبى ومحمدعبدالمطلب ومحرم فؤاد و غيرهم الذين امتلأت سماء القاهرة والعواصم العربية بإبداعاتهم العظيمة الرائعة ، فهل يعود هذا الزمن من جديد ؟ الإجابة قالتها أم كلثوم « عايزنا نرجع زى زمان .. قول للزمان ارجع يازمان «. لمزيد من مقالات مصطفى الضمرانى