طلع الصباح.. ياولاد بلدنا من جنوبها لشرقها يسعد صباحكم كلكم ياشغالين الشمس طالعة بابتسامة الامل شعلة ياقوت زي الخدود وقت الخجل بتقول يانايم قوم بدا وقت العمل دي دنيا خيرها وعزها للشقيانين يسعد صباحكم كلكم يا شغالين يا ولاد بلدنا من جنوبها لشرقها.. يامشمرين عن السواعد كلها,, النور حضن بلدنا وضمها والشمس هلت بالامل ع الشقيانين, يسعد صباحكم كلكم ياشغالين .................................... الله عليك يا عم نجم,, هذه ليست كلمات بل إبداع لا يفني بفناء الزمن, شأنه شأن كل عمل يؤدي بإخلاص وتفان وتكاتف وتضافر فلابد أن يخلد, فكلمات قصيدة شاعرنا العظيم احمد فؤاد نجم, لم تفارق مخيلتي من بداية زيارتي لمواقع العمل المختلفة بالصباح الباكر وقبل بزوغ الشمس واشتعال لهيب حرارتها المضنية, والتي هي وهيج في المواقع بالصحراء, وهذه الانشود ننشدها لملايين العمال المصريين المرابطين في مئات من المواقع, التي رصدتها كاميرات الأهرام في نهار الصيام وليله حتي ليلة العيد صوتا وصورة في العاصمة الإدارية الجديدة, فحيثما تقع عينك علي موقع عمل تجد عمالة يعتلون السقالات أو فوق قباب الكنائس او المساجد او البرلمان منهم النجار او فني الشد, والحداد يجهزون لصب الاسقف الخرسانية دور يليه الاخر, بعمل متوال, كتوالي الايام, بنظام الساعة دون تعطل او عطلات او اعياد, فعيدهم الحقيق باكتمال البنيان, في كل شبر من ارض الوطن, ويشيدون الجسور والكباري والمصانع, ويعيدوا الوجه البهي للقاهرة الفاطمية بتاريخها وتراثها ومبانيها العتية ببناء عاصمة جديدة نباهي بها بين الأمم, إنها شيدت بأيادي مصرية خالصة, تحملوا الصعاب وظمأ الصيام في رمضان, وغير رمضان تحملوا لهيب الشمس وبرد الشتاء, لا تثنيهم الأزمات ولا ضيق الحال, فلا تجد أمام إصرارهم وعزتهم وجسارتهم وتحملهم اليا ان تنشد لهم أغاني ومواويل العزيمة والامل والنضال الفواعلية, والتي غناها الشيخ إمام علي للشاعر ماجد يوسف عوده: هيلا هيلا صلي عالنبي..يامهون هون و النبي. .شيل يابا و حمل فوق راسي وان مالت اعدلها و واسي طببلي جروحي و احساسي و عاوني علي تقل الشيله.. يا مهون هونها الشيله.. يا معدل عدلي الميله فوق سطح الدور الخامس بمني البرلمان بالعاصمة الإدارية الذي صمم بطراز قريب من مبني مجلس الشعب يعتليه العديد من العمال من نجار وحداد ومهندس وفني شدة ينتشرون في المكان كل واحد منهم يقوم بمهمته بتركيز, وهمة عاليه, بحيث لا تسمع الا صوت الشواكيش وهي تدق لتعلن نداء العمران, صعدنا فوق السقالات و لنقترب منهم وهم يعملون وبسواعدهم يشيدون برلمانهم الجديد, و بعد آن أنهكنا التعب وإرهاق الصعود فوق السقاله حتي السطح أول من التقينا به هو احمد محمد سليمان عبد الواحد, نجار مسلح من محافظة الشرقية و يعمل منذ ثلاث سنوات بشركه المقاولين العرب بنظام اليومية, وخلال أيام رمضان يعمل من7 صباحا حتي الواحدة ظهرا وبعدها يعود لبلده في الشرقية بسيارة الدورة التابعة للشركة, أما في الأيام العادية فيظل في الموقع ويبيت في استراحة الشركة ولا يعود لأسرته إلا يوم الجمعة من كل أسبوع. وأضاف نحن كعمال يومية نحرص علي الدوام في العمل حتي نحقق دخلا يكفي أسرنا, فاليوم الذي نتغيب فيه عن العمل لا نتقاضي أجره, كما يحدث مع المعينين بالشركة, و نحلم نحن المؤقتين أن نعين في الشركة ونحصل فيه علي كل الحقوق من تامين صحي وإجازات, فهذه أشياء مهمة للعامل حتي يشعر بالأمان والطمأنينة علي نفسه وأسرته, وهذا ما يجعلنا نتمسك في العمل بالشركة علي الرغم من أن العمل بالقطاع الخاص له ربح واجر أعلي بكثير مما نتقاضاه بالشركة, ولكنه لا يشعرنا بالأمان علي المستقبل, ولهذا نحن المؤقتين بالشركة نعمل بتفان وتحت أي ظرف لتلبية احتياجات العمل والتي قد تضرنا لتطبيق الوردية في كثير من الأحيان, أو العمل في الاجازات والعيد ونعمل فيه كأي يوم عادي وتداخل زميله محمود فتحي الذي يعمل في تركيب خشب الأعمدة بجواره قائلا: أعمل في شركة المقاولين منذ8 سنوات وقبلها كنت أعمل مع مقاول, لكن العمل في الحكومة فيه آمان للعامل, مع أن الشغل في الشركة شاق ومضغوط, فعلي سبيل المثال الشغل هنا في العاصمة الجديدة صعب وشاق ومرهق أكثر من الاماكن الأخري, حيث لا يوجد جوامع أو دورات مياه آو مياه أصلا وسألنا محمود عن شعوره بمشاركته في بناء برلمان بلده, وما الذي يتمني أن يحققه للبلد وللمواطنين؟ فأجاب: و الله احنا نفكر في الغلاء الذي نعيشه, وما نحصل عليه من عملنا ليل نهار لا يكفي, فكل تفكيري يدور حول سؤال واحد كيف اكفي مطالب أسرتي بمبلغ ال90 جنيها, وأملي أن أعضاء البرلمان الذين سيمارسون عملهم من هنا لا يعملون من كوكب آخر, ويفكرون في حلول لجحيم الأسعار الذي يحرقنا أشعر بالفخر و في أثناء حديثنا مع العمال اقبل نحونا المهندس محمد الخولي مهندس تنفيذ هو يرتدي خوذته شانه شأن العمال بالموقع وقال مؤكدا طبعا كشاب مصري أشعر بالفخر ويزيد فخري أني أقوم علي تنفيذ هذا المشروع, وهو حدث تاريخي لا يكرر إلا كل100 أو200 عام وكون شاب في سني ويشارك في مثل هذا المشرع فذلك يزيدني شرف وخبرة و علميا استفيد به في مجالات الهندسة و في مجال العمل بعد ذلك ويكتب في سيرتي المهنية, فمشاركتي في تشييد مبني برلمان مصر شيئ ممتاز يعلي من فرص عمل بسوق المعمار بداخل مصر وأردف قائلا مشروع البرلمان يعمل فيه يوميا نحو2000 عامل علي مدي اليوم بنظام الورديات ما بين نجارين وبرادين و حدادين وفنيي لحام, وذلك لنتمكن من تنفيذ حجم الأعمال المطلوبة داخل موقع العمل بمبني البرلمان وملحقاته علي مسطح ارض بمساحة18000 متر مسطح للمبني الرئيسي نحو24000 متر مسطح للمبني الخدمي, وقد صممت هذه المباني بذات تصميم مجلس الشعب ولكن الجديد في اتساع المساحة ونظام التأسيس من حداده ونجارة والفكر المعماري والتنفيذي لأعمال الإنشاءات التي تجري علي الأرض الآن وكأحد الشباب المشاركين في تشييد البرلمان الجديد أمل أن يضم نواب ذو فكر يصب في مصلحة الوطن والمواطنين ويهدف لحل مشاكلنا ويقف علي طلباتهم واحتياجاتهم ويعمل علي تلبيتها, دون ان ينسي في لحظة من اللحظات ا ن أهل دائرته اختاروه من اجل هذا الهدف وليس من اجل مصالحه الشخصية ونحن كشباب وبعد مرورنا بثورتين في البلاد فآمل أن يستمع الكبار وأعضاء البرلمان لفكر الشباب الجديد وأخذهم في الاعتبار, ودعمهم والاستجابة لمطالبهم والتي تتبلور في مطلب أصيل توفير فرصة عمل كريمة تكفي الالتزامات التي تتطلب منهم لبداية حياتهم, فأمنيتي أن يهتم البرلمان بقضيتي البطالة والفقر لأنها السبب الرئيسي في أكثر الجرائم والفساد الذي يتغلغل في كثير من قطاعات الدولة. ومن شدة حرارة الشمس وتصبب العرق علي ملابسنا انهينا حديثنا مع العمال وقت أذان الظهر, وتوجهنا عبر المشدات الحديدية داخل المبني في الدور الرابع للنزول علي السقالات إلي بدرون المبني والذي يتم تجهيزه بأعمال المحارة والنجارة والبياض, وهناك وجدنا مجموعة من العمال اصطفوا لصلاة الظهر وعمالا آخرين ملئوا خوذهم بالمياه للتوضؤ بها استعدادا للصلاة أيضا واقتربنا منهم حيث جلسوا فوق قاعدة احد الأعمدة يأخذون لحظات من الراحة تمكنهم من جفاف عرقهم الذي بتصبب علي أعينهم, وتحدث سامي محمد الشحات بصوت منهك وخافت من شدة إرهاقه من العمل وارتفاع حرارة الشمس وقال: انه يعمل بشركة المقاولون العرب منذ10 سنوات فني شدة ويأتي يوميا للعمل بالمشروع من مدينة بنها هو و14 عاملا آخر, ونعمل في ورديتنا وإذا استدعت الظروف وطلب منا البقاء لتسليم المشروع في الموعد المحدد نظل بالموقع حتي يكتمل العمل المطلوب إنهاؤ, خاصة اننا نعمل في مشروع تاريخي سيظل ذكري جميلة لنا جميعا. وعلي الجهة الاخري كان يجلس حسان بعد نهاية ورديته كعامل في الموقع يقف مع النجارين يساعدهم في العمل حيث أتي من الغربية بحثا عن فرصة عمل ككهربائي بالشركة في موقع العمل ولكنه لم يتمكن من ذلك حيث لم تبدأ اعمال توصيل الكهرباء ومازال العمل في طور التأسيس والانشاءات, فلم يترك العمل واستمر به كعامل وخاصة انه رب أسرة ولدية طفل وطفلة, وعمره تعدي ال36 عاما,, واصر أن يمكث في الموقع ويبيت في سكن الشركة في بدر ويحب ان يشارك زملاءه في تجهيز طعامهم بدلا من الأكل في ميز الشركة حتي يحصل علي بدل الوجبة وقدره35 جنيها. وبجوار حسان جلس عم فتحي جمعة ووضع بجواره شنيور كهربائيا حيث يعمل منذ10 أعوام نجار أبواب وشبابيك فورم الأسقف والأعمدة, وقال انه يعمل في أكثر من وردية رغم أن لديه نسبة إعاقة في قدمه اليسري ولكنه يبذل جهدا أكثر حتي يوفر لابنتيه معيشة كريمة ويحقق حلمه بإكمال تعليمهما حتي يري إحداهما طبيبة والأخري مهندسة, ويتمني أن يتم تعيينه من بين نسبة المعوقين التي اقر الدستور ويتساءل بحسرة عن رفض الكومسيون الطبي بالشركة تعيينه بسبب نسبة الإعاقة رغم إنها لا تعيقه عن عمله بدليل انه مستمر في الشركة باليومية كل هذه السنوات, ويقول أيضا انه سعيد بمشاركته في بناء برلمان مصر الجديد ويدعو الله أن يكون فاتحة خير علي مصر, ويأمل أن يلتفت أعضاء البرلمان للغلابة ويهتموا بأحوالهم المعيشية في ظل الأسعار الملتهبة وانهينا جولتنا في موقع العمل بالبرلمان بعد الظهر ومع انتهاء وردية الصباح وتوجهنا نحو مسجد الفتاح العليم ونحن متوجسون من انتهاء وردية العمل به أيضا في هذة الأجواء شديدة الحرارة بنهار رمضان ولكننا بعد أن اقتربنا ودخلنا حتي البوابة الرئيسية من المسجد وجدنا بهو المسجد يعج بالحركة النشيطة بأعمال تركيب الأسقف المعلقة بالأوناش وتركيب رخام أرضيات صحن المسجد كل علي السواء, المهندس علي جاد الله كان يقف أسفل الونش وهو يقوم برفع قطعة من السقف المعلق لتركيبها ولحامها بالسقف والقبة داخل صحن المسجد يقول: ان العمل تم ضغطه وزيادة عدد الورديات لتسليم المسجد بالعيد ثم أردف قائلا ان عمله بالمسجد يعد الثاني في العاصمة الإدارية حيث شارك في تشطيب فندق الماسة وهذا مصدر فخر له كونه مهندسا شابا يشارك في هذه المشروعات الكبيرة ويرفع من أسهم عملي وخبرتي في سوق العمل, كما أتمني علي الرئيس عند افتتاحه للمسجد ان يكرر لفتته الكريمة التي قام بها في العلمين عندما طالب الشركات بتحمل التأمينات عن المهندسين والعاملين بالمشروع ويمنحونا اجازة أسبوع كمكافأة لنا عن جهدهنا في العمل بالمشروعات القومية. وفي نهاية جولتي وحديثي مع عمال وفنيين ومهندسين اثنين من المشروعات الكبري بالمشروع المسجد والبرلمان يتوسطهما مبني الكاتدرائية المهيب, والذين تحدثوا بقلب مفتوح وامالهم وطموحاتهم لاسرهم وبلدهم الحبيب وامانيهم من الرئيس وأعضاء البرلمان, وقتها استرجعت كلمات اغنية عبدالحليم حافظ وقلت لهم خلي تكالكم علي الله.