يقول الله تعالى في محكم تنزيله في سورة البقرة : (والذين آمنوا أشَدُّ حباً لله). لقد أكرم الله تعالى عباده المؤمنين وشرَّفهم بمحبتهم له سبحانه، وشرَّفهم شرفاً أكبر، وكرَّمهم بما هو أعظم، وذلك بمحبته سبحانه لهم يقول جل شأنه في سورة المائدة: (يا أيها الذين آمنوا من يرتَدَّ منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه). وأورد الإمام البخاري في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون اللهُ ورسولُهُ أحَبَّ إليه مما سواهما. يقول ابن عرفة الورغمي التونسي في تفسيره: المحبة عند العرب إرادة الشيء على قصد له، ويقول أبو منصور الأزهري الهروي: محبة العبد لله ورسوله طاعته لهما واتباعه أمرهما. ويقول العلامة الشيخ محمد متولي الشعراوي: إنك قد تحِبُّ الله ولكن عليك أن تلاحظ الفرق بين أن تحب أنت الله، وبين أن يحبك الله، إن التكليف قد يبدو شاقّاً عليك فتهمل التكليف، لذلك نقول لك: لا يكفي أن تحب الله لنعمة إيجاده وإمداده؛ لأنك بذلك تكون أهملت نعمة تكليفه التي تعود عليك بالخير، ومن الجائز أن تجد عباداً يحبون الله لأنه أوجدهم وأمدَّهم بكل أسباب الحياة، ولكنْ حُبُّ الله لعبده يتوقف على أن يعرف العبد نعمة الله سبحانه في التكليف. ويقول الشيخ الإمام عبد الله سراج الدين: إن حُبَّ الله تعالى لعبده المؤمن لهو المجد الأعلى، والشرف الأسمى، والفوز الأكبر، والفضل الأعظم، وذلك أن الله تعالى إذا أحَبَّ عبده تولاه وتصرَّف في حواسِّه وجوارحه نحو مرضاته سبحانه، وأذاقه حلاوة طاعاته، ولذة عباداته، وحبَّبه فيما يحِبُّه سبحانه ويقرِّبه إليه، وكرَّه إليه ما يكرهه سبحانه، ويبعده عنه، وحماه حماية خاصة مما يشغله عنه. وعلامة المحبة الصادقة لله تعالى قد بَيَّنَها سبحانه في قوله جل شأنه في سورة آل عمران: (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم). إن اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم، هو علامة المحبة الصادقة لله تعالى، فمن اتبعه فهو محب لله تعالى حقاً، والله تعالى يُحِبُّه ويرضى عنه فيغفر له ذنبه وهذا هو المطلب الأسمى، ومن ادَّعى محبة الله ولم يَتَّبِعْ رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو كاذب في دعواه.