مسار العائلة المقدسة يبقى شاهدا على احتضان مصر لأنبياء الله مازلنا فوق أرض سيناء فى رحلة شائقة نلتمس فى رحابها مواقع ذكرت فى القرآن الكريم وبالذات فى سورة «الكهف» ولها شواهد أثرية مازالت موجودة حتى الآن، ومن أهم هذه المواقع كما يشرح د. عبد الرحيم ريحان، مدير البحوث والدراسات الأثرية بسيناء، هو «جبل طور سيناء» والتجليات الإلهية بالوادى المقدس «طوى» .. فإن سيناء تنفرد دون غيرها فوق سطح الأرض بالموقع الفريد والوحيد الذى تجلى فيه الخالق سبحانه وتعالى مرتين فى موقع واحد..
عندما شاهد النبى موسى عليه السلام خلال رحلته وأسرته عبر سيناء بالوادى المقدس طوى ليلاً، ضوءًا يومض فى الظلام، وعندما اقترب من الضوء ظنًا منه أنه نار مشتعلة قد يأتى منها «بقبس» يحمله إلى أسرته لحمايتها من صقيع المنطقة كى يصطلوا بها – كما جاء فى القرآن الكريم – تجلى له المولى سبحانه وتعالى، فأنار شجرة العليقة الموجودة حتى الآن بالوادى المقدس، وتجلى أيضًا سبحانه وتعالى عندما طلب موسى أن يرى الله. وقد أحدث تجلى الخالق تخلخل الجبل وعندما نظر نبى الله موسى للجبل شهد المعجزة الإلهية بدك الجبل، ومازالت بقايا الجبل موجودة ويطلق عليها اسم «الجبل المدكوك». وأشار مدير البحوث الأثرية إلى أن الخالق جل شأنه كرم جبل الطور فى الآية الكريمة «والتين والزيتون وطور سنين وهذا البلد الأمين» والتين الزيتون ترمز للقدس، وطور سنين هو جبل الطور بسيناء، والبلد الأمين هى مكةالمكرمة، وبذلك فقد جعله فى منزلة مكة والقدس. عيون موسى وفى أرض سيناء أيضًا منطقة عيون موسى والتى تصل إلى 12 عين ماء تفجرت لبنى إسرائيل حين استبد بهم العطش من موقع عبورهم البحر فى المشهد التاريخي، وغرق فرعون، عند رأس خليج السويس، تفجرت لهم العيون بعدد أسباط (عائلات) بنى إسرائيل، وكل سبط ينتمى إلى ابن من أبناء نبى الله يعقوب عليه السلام، وهم إخوة يوسف الصديق وعددهم 12، وكانت المياه متفرقة حتى لا يتكالبوا عليها.. ومع مرور الأيام وتراكم الرمال لم يتبق إلا 4 عيون فقط. وقد حولت مصر هذه المنطقة إلى منتجعات سياحية .. واستخدمت مياه هذه العيون فى الاستشفاء من العديد من الأمراض الروماتزمية. مجمع البحرين وفى سورة الكهف ذكر موقع مجمع البحرين خلال رحلة الخضر وموسى عليه السلام.. وأكدت دراسات الباحث الأثرى عماد مهدى أن هذا الموقع يقع بمنطقة رأس محمد بشرم الشيخ، عند نقطة التقاء خليج العقبة بجنوب سيناء، وذلك بالمسح التصويرى الفضائى باستخدام تقنية تصوير الأقمار الصناعية التى حددت موقع لقاء نبى الله موسى والخضر على أرض سيناء منذ حوالى 3200 سنة، وأن التوصيف اللغوى لكلمة «مجمع البحرين» لا ينطبق جغرافيًا على أى مكان فى العالم إلا فى رأس محمد، وهى مجمع خليج العقبة والسويس فى بحر واحد، هو البحر الأحمر. وكشفت الدراسات أيضًا عن موقع صخرة الحوت والتى تمثل نقطة اللقاء بين نبى الله موسى والعبد الصالح «الخضر»، وهى الصخرة الوحيدة التى تتوسط طريق الدخول لرأس محمد، وما يزال الرصيف البحرى التى رست عليه سفينة الرجل الصالح» الخضر» والتى تحدث عنها القرآن الكريم فى سورة «الكهف» باقيًا حتى الآن وهو الشاهد الأثرى على تأكيد موقع «مجمع البحرين» العائلة المقدسة ويذكر التاريخ أن السيدة مريم العذراء وابنها المسيح عيسى عليه السلام، تعرضا لاضطهاد هيرودتس .. وجاءت تعليمات من السماء عندما ظهر ملاك الرب ليوسف النجار فى حلم قائلاً «قم وخذ الصبى وأمه واهرب إلى مصر، وكن هناك حتى أقول لك، فقام وأخذ الصبى وأمه ليلاً وانصرف إلى مصر. ومرت مسيرة العائلة بمدينة «رفح» شرق العريش ويوجد بها الآن أطلال لها صلة بالديانة المسيحية.. وكانت «الفرما» هى المحطة الأخيرة التى حلت بها العائلة المقدسة فى سيناء وتعتبر الآن من مراكز الرهبنة فى الديانة المسيحية.