فوجىء الكنديون منذ أسابيع قليلة بحادث دهس فى قلب مدينة تورونتو أودى بحياة عشرة أشخاص وإصابة ستة عشر آخرين وهو ما آثار مخاوف الكنديين من احتمالية وصول حوادث الدهس الإرهابية لكندا التى طالما أكد ساستها وحكوماتها أنها بعيدة تماما عن هذا الخطر الذى يجتاح العالم. لكن ما يثير قلق الكنديين حيال هذا الحادث الذى نفى وزير الأمن العام علاقته بالإرهاب فى العالم هو ذلك التحفظ الذى يصل لحد التعتيم فى بعض الأحيان على سير التحقيقات التى مازالت تجرى حول الحادث وأسبابه وربما لهذا السبب تعالت الأصوات فى كندا التى تشير الى تزايد نفوذ الإسلاميين والتنظيمات الإسلامية ،التى ليست بعيدة عن سيطرة تنظيم الإخوان الدولى مستغلة مناخ حرية التعبير ، حيث تسعى لفرض نوع من الهيمنة على الخطاب الدينى الإسلامى فى كندا. وفى مواجهة ذلك تأتى جهود من مسلمين كنديين لمحاولة مواجهة هذه السيطرة وتقديم صورة حقيقية عن الدين الإسلامى السمح. من بين هؤلاء الكاتب والباحث حسان جمالى الذى هاجر لكندا منذ سنوات طويلة قادما من سوريا، وأصدر عددا من الكتب من أهمها «كيف يعيش المسلم فى الغرب» بالإضافة إلى كتبه «النجاح فى كيبيك دليل الدراسات والمهن للمهاجرين»، و«مسلم فى الغرب»، و«القرآن والانحراف السياسي». وحول أفكاره ونشاطاته وكتبه كان هذا الحوار معه. لماذا تعتقد أن استخدام مصطلح «الإسلاموفوبيا» يعطل تطوير الخطاب الإسلامى كما جاء فى كتابك الأخير؟ الإسلاموفوبيا مصطلح غير محدد يتم استخدامه فى كل شيء. من الممكن أن يكون معناه الخوف المبالغ فيه من الإسلام. كما يمكن استخدامه ضد أى شخص يريد مناقشة قضايا الإسلام أو ينتقد بعض الحركات الإسلامية. وبالتالى يستخدم لإسكات مسلمين يحاولون الإصلاح الدينى وإعادة النظر فى منظومة الفكر الإسلامى التى ظلت ثابتة طوال 1400 سنة. من الذى يستخدم هذا المصطلح بالمعنى الذى شرحته؟ الإخوان وقياداتهم مثل طارق رمضان حفيد حسن البنا. بالإضافة إلى بعض الأشخاص الذين يعتبرون أنفسهم ممثلين للإسلام. هؤلاء يتعمدون المبالغة فى المطالب على أساس دينى، وهذا يزعج المجتمع الكندى. مثل تخصيص أماكن للصلاة فى الشركات، أو التغيب عن العمل لصلاة الجمعة أو فى الأعياد.كما يطلبون الفصل بين الذكور والإناث فى المدارس أو يرفضون تعليم بناتهم السباحة. هل هذا يعنى أنه لا يوجد إسلاموفوبيا فى كندا والغرب؟ أنا أعيش فى كندا منذ 40 عاما ولم ألحظ أن هناك خوفا من المسلم المتدين، لكن بالتأكيد هناك خوف من العمليات الإرهابية. ما هى خريطة الإسلاميين فى كندا والغرب؟ نسخة طبق الأصل من الموجود فى مصر والشرق الأوسط،الإخوان هم الأكثر تأثيراً، فهم نشطون وممولون و ينشرون عقيدة سياسية شمولية ديكتاتورية يمكن أن تدفع المسلم العادى إلى العنف. كيف يمكننا أن نحدد مصادر الإرهاب؟ فى مدينة مونتريال على سبيل المثال يوجد معهد تعليمى دينى اكتشفوا أن من بين طلابه شابا وفتاة على علاقة بمنظمات إرهابية. والأخطر أن بعض الطلبة والطالبات ذهبوا إلى سوريا ليحاربوا مع داعش تأثرا بزملائهم وتأثرا بالأسرة والفضائيات. وتوجد مدارس فى مونتريال كلها مسلمة. وهذا يعزلهم عن المجتمع الكندى، حتى إن البعض يعتبر أنهم يعيشون فى «جيتو». هل تعتقد أن سبب الإرهاب والتطرف هو الفقر والتهميش ؟ لا أظن، أنا أعتقد أن الإرهاب هو تعبير متطرف عن فكر سياسى، فحركة الإخوان تعد ردا على ديكتاتوريات غربية مثل النازية والشيوعية. هل صحيح أن الغرب يعادى الإسلام ؟ الغرب فى كثير من الأحيان كان حليفاً للإسلاميين لتحقيق مصالحه، مثلما حدث فى أفغانستان. تنظيم القاعدة كان حليفاً للإدارة الأمريكية. معظم الدول العربية والإسلامية حليفة للغرب. وبالتالى غير صحيح وجود موجة شعبية إعلامية معادية للإسلام. الحقيقة أن المتشددين هم الذين يطرحون خطاباً معادياً للقيم الديمقراطية الغربية، وللحريات ولحقوق الإنسان. لكن هذه القيم الغربية فيها تهديد لخصوصية المسلمين؟ هل يمكن اعتبار أن التمييز وعدم المساواة ضد المرأة «خصوصية» ؟هل رفض الحريات الفردية والعامة نسميها «خصوصية»؟.كما أن خصوصيات أى مجتمع ليست ثابتة بجانب أن لدينا خصوصية فى الإيجابيات مثل الكرم العربى، وهذا مثلاً ما يجب أن نحافظ عليه. إذا كانت المنظمات الإسلامية فى الغرب تدافع عن المسلمين وتساعد فى حمايتهم من أى اضطهاد .. فلماذا ترى هذه المنظمات خطرا ؟ لأن هدفهم هو السيطرة على المسلمين من خلال أيديولوجيتهم، والتحدث باسمهم . فهم ينشرون العداء للغرب وللآخر فى المساجد والفضائيات. هذا يجعل المسلم فى الغرب يعيش منعزلاً رغم أن أحدا لا يجبره على أن يفعل أى شيء لكن مطلوب ألا يعادى القيم الغربية حتى لو لم يكن يؤمن بها. هل اليمين المتطرف فى الغرب ولاسيما كندا يعتبر معاديا للإسلام؟ أولا لا يمكن مقارنة اليمين المتطرف هنا فى كندا بأوروبا. هم يشبهون المتطرفين الإسلاميين، يتحدثون عن تهديد المهاجرين للقيم المسيحية الغربية، مثلما يتحدث الإسلاميون عن تهديد خصوصية القيم الإسلامية. هل اليمين المتطرف الغربى مسلح؟ لا، فى أوروبا توجد أحزاب تمثل اليمين المتطرف، مثل فرنسا وألمانيا وهولندا وغيرهم. لكن فى كندا حتى الآن لا يوجد أحزاب يمينية، ووجود منظمات أو أفراد هامشيين وليس لهم تأثير سياسى. كيف يمكن مواجهة هؤلاء المتشددين ؟ المتشددون يصبحون ضعفاء فى ظل أى نظام ديمقراطى حر لأنه فى هذه الحالة سيتم نقاش حر لفكرهم الإسلامى أما القمع فيساعدهم فى الانتشار والتأثير والتغلغل فى المجتمع. لك كتاب عن الكيفية التى يمكن أن يعيش بها المسلم فى الغرب؟ نعم حاولت ان أقدم للمسلم وسيلة يمكنه ان يتعايش خلالها مع المجتمع ويحافظ على قيمه الدينية أيضا ، ببساطة عليه ان يقتصر على الدين فقط، ويبتعد عن تسييس الدين وعليه الرجوع إلى القيم الأساسية فى الإسلام.. كما أركز على فكرة قبول الآخر المختلف والذى لا يتبنى القيم الإسلامية، أما التفكير فى تطبيق الشريعة طبقاً لفهم أنصار الإسلام السياسى، على كندا أو الغرب، فهذا مستحيل.