يقول الله تعالى فى محكم تنزيله فى سورة فاطر: (إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه) العمل الصالح هو ما تصلح به النفس، فيكون صاحبها صالحاً غير فاسد، وبه يصلح العبد لأن يعرض على ربه وهو عنه راضٍ، وبالعمل الصالح يصلح العبد لمراتب القرب والحب الإلهى والوُّد والمباهاة والثناء فى الملأ الأعلى، يقول الله سبحانه فى سورة الحاقة: (يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية) أي: تزينوا بالأقوال الصالحة والأعمال الطيبة فالعمل الصالح يصلح به الإنسان ظاهره وباطنه وسريرته وعلانيته. كما أن العمل الصالح يجعل صاحبه صالحاً، وأهلاً للمراتب العالية والدرجات الرفيعة عند رب العزة، فبالعمل الصالح يصلح العبد لمنزلة القرب من حضرة المولى جل شأنه فيكون أهلاً للحُبِّ والوُّد، يقول سبحانه فى سورة مريم: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن وداً) فقد أورد الإمام مسلم فى صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال إن الله تعالى إذا أحَبَّ عبداً دعا جبريل عليه السلام فقال: إنى أُحِبُّ فلاناً فأَحِبَّه فيُحِبُّهُ جبريل، ثم ينادى فى السماء فيقول: إن الله يحِبُّ فلاناً فأَحِبُّوه، فيُحِبُّه أهلُ السماء، قال: ثم يوضع له القبول فى الأرض. يقول الشيخ الإمام عبد الله سراج الدين: الصلاح فى الأصل هو ضد الفساد، يقول الله تعالى فى سورة الأعراف: (ولا تفسدوا فى الأرض بعد إصلاحها)، أي: لا تفسدوا فى الأرض بالإصرار على المعاصي، والتمادى فى مخالفة أوامر الله تعالى، ومجاوزة الحدود التى حدَّها سبحانه، بعد أن أصلح الأرض ببعثه الرسل، وإنزاله الكتب الإلهية التى فيها بيان سبل الصلاح والنجاح. وهذا العالم الكبير هو من خلق الله وصنعه سبحانه يقول جل شأنه فى سورة السجدة: (الذى أحسن كل شيء خلقه) ويقول جل شأنه فى سورة النمل (...صنع الله الذى أتقن كل شيء) وقد هدانا سبحانه لنظام العمل فيه وذلك بما شرعه لنا، ففيه الصلاح والإصلاح، وبذلك تكون الأرض صالحة وأهلها مصلحين، ولن يكون العمل صالحاً حتى يصلح القلب، فقد أورد الشيخان البخارى ومسلم أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: ألا وإن فى الجسد مُضغة إذا صَلَحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهى القلب.