كشف قرار ترامب الأخير، بالانسحاب من الاتفاق النووى مع إيران، أشياء كثيرة خطيرة، منها الجانب الذى يتجلَّى للرأى العام العالمى عن مدى النفوذ الإسرائيلى القوى المؤثر على أعلى مستوى فى صناعة القرار الأمريكى، بما يزيد من غموض آلية هذا النفوذ، الذى يصل إلى حد أن يتبنى الرئيس الأمريكى مزاعم واهية لرئيس وزراء إسرائيل يُكذِّبها العالم كله، وحتى رئيس الموساد السابق دانى ياتوم الذى قال إن الأدلة التى يزعمها نتينياهو عن انتهاك إيران للاتفاق بنشاطات نووية سرية هى معلومات قديمة قبل توقيعها للاتفاق! ولا يمكن لخيال ترامب، ولا مجموعة معاونيه الذين لم يتركوه بعد ولا يزالون ينصاعون له ويقرّون بزعامته، أن يصلوا إلى الآثار البعيدة غير المحسوبة لقراره بالانسحاب من الاتفاق، حتى على أقرب حلفاء أمريكا الذين صاروا مهددين بعقوبات أمريكية بعد أن استعاد ترامب قرارات مقاطعة إيران، ولا حتى كل الآثار السلبية على أمريكا نفسها! كما لا يجوز الارتكان إلى أن مخاطر التصعيد إلى حد الحرب تكبح كل الأطراف عن بلوغ هذه النقطة، لأن إسرائيل بدأت بالفعل فى التعامل على الأرض قبل إعلان قرار ترامب رسمياً، لمعرفتها بالخبر من الكونترول، ووجهت صواريخها ضد الوجود الإيرانى فى سوريا. وأيضاً، وبفرض أن حدث، بالقصد أو بالخطأ، أن صدرت ضربة ضد إيران من القاعدة العسكرية فى قطر، أليس من الوارد أن تتحول القاعدة من حامية لحكام قطر إلى وبالٍ عليهم؟ ثم إن ترامب وضع مبدأ جديداً فى تبريره للانسحاب من اتفاقية دولية وقعت عليها بلاده، بزعم أنها مجحفة كما أنها من إدارة سابقة عليه! وبالتالى، فقد صار من الممكن، على الأقل نظرياً فى الوقت الحالى ولا أحد يعلم ما يخبئه المستقبل، أن تستند أطراف أخرى على هذا المبدأ الترامبى وينسحبون من اتفاقيات أخرى! أليس ممكناً أن يأتى فى إيران من يبرر مستقبلاً الانسحاب من اتفاقية حظر التسليح النووى التى وقعها شاه إيران، بنفس الحجج التى يسوقها ترامب؟ أو أن تفعلها دول أخرى؟ أو أن يعلن الفلسطينيون انسحابهم من كل الاتفاقيات التى وقعوها مع إسرائيل بعد أن تبين عدم جدواها؟. [email protected] لمزيد من مقالات أحمد عبد التواب