عندما رحل لتدريب ريال مدريد عام 1996 كانت مهمته الأساسية كيفية الجمع بين ثلاثة مهاجمين من الطراز العالمى فى تشكيلة واحدة، رغم ميوله الدفاعية المعروفة عن الطليان، ووقتها انتظر الجميع أن يخفق الإيطالى العنيد فابيو كابيلو فى هذا التحدى الصعب، خاصة مع وجود العديد من الضغوط الجانبية على أى مدرب يعمل فى الميرينجى. ................................................................. لكن كابيلو فاجأ مناصريه قبل منتقديه بالنجاح فى مهمته، وتواجد فى أغلب المباريات المهاجمون الثلاثة الصربى مياتوفيتش وراؤول جونزاليس والكرواتى دافور سوكر. موسم واحد قضاه الإيطالى فى قيادة ريال مدريد نجح خلاله فى استعادة لقب الدورى الإسبانى من أنياب منافسه اللدود برشلونة الذى كان يقوده الداهية الهولندى يوهان كرويف مع فلسفة الكرة الشاملة. على الرغم من نجاحه المبهر، فإن إدارة النادى الملكى قررت الاستغناء عنه بنهاية نفس الموسم بحجة أن أسلوبه دفاعى لا يناسب الريال، وقيل أيضا لأنه غير محبوب من المشجعين بعدما تجرأ على تغيير مركز فتى مدريد المدلل راؤول من قلب الهجوم إلى الجناح الأيسر دون أن يخرج أحد من المعترضين ليقدم تصورا تكتيكيا بديلا يمكن فيه استيعاب المهاجمين الثلاثة مع الحفاظ على مراكزهم الأصلية كمهاجمين فى المركز رقم 9. قصة كابيلو مع ريال مدريد تلخص حكايته مع كرة القدم وتحديدا عالم التدريب الذى أعلن قبل أيام اعتزاله نهائيا، فالرجل الذى تخرج من مدرسة التدريب الإيطالية التى يتنفس طلابها ومعلموها الأساليب الدفاعية قدم فى كل تحد واجهه قدرة فائقة على تنويع أفكاره وقناعاته التكتيكية، وأظهر مرونة مدهشة فى التعامل مع قدرات كل فريق أو منتخب دربه، لكنه فى كل المرات لم يكن الشخص المفضل للمشجعين ولا للإعلام رغم كل إنجازاته. صحيح أن الرسم التكتيكى العام لكابيلو مثل كل المدريين الطليان يعتمد على الدفاع المتحفظ وعدم الاندفاع الهجومى انطلاقا من مبدأ كروى مهم يقول إنه من الجيد أن تفوز لكن الأهم بالتأكيد ألا تخسر. نموذج ثان لمرونة كابيلو الخططية عندما تولى تدريب منتخب انجلترا فى مهمة اعتبرها كثيرون انتحارية، فقد كانت قناعة الجميع فى ذلك الوقت باستحالة تواجد لامبارد وجيرارد فى التشكيلة الأساسية، كونهما يؤديان نفس الدور كلاعبى «بوكس تو بوكس» لكن الإيطالى نجح فيما فشل كثيرون فى مجرد توقعه، فثبّت لامبارد فى مركز لاعب الارتكاز ذى النزعة الهجومية ووضع بجواره اللاعب الشاب وقتها جاريث بارى، وحوّل جيرارد ليكون جناح خط الوسط الأيسر وهو المركز الذى بقى محجوزاً لسنوات للاعب تشيلسى جو كول لكن جيرارد شغله بامتياز جعل مشجعى منتخب الأسود الثلاثة ينسون من هو جو كول من الأساس. عندما انتقل العجوز لتدريب المنتخب الروسى تميز أسلوب كابيلو بالقوة البدنية العالية والتركيز العالى على أرض الملعب واللعب على المرتدات السريعة ليتناسب مع طبيعة اللاعبين الروس التى تعتمد على القوة أكثر من المهارة. كذلك اعتمد على مهاجم واحد وخلفه مجموعة كبيرة من لاعبى خط الوسط، وفق رسم تكتيكى هو (4-2-3-1)، ومزج كابيلو، فكره الدفاعى مع التنويع الهجومى خصوصاً بوجود حارس مرمى بارز هو إيجور أكينفيف. بشكل عام فان أهم ما يميز المدرب الإيطالى قدرته المذهلة على فرض الانضباط على أرض الملعب بفضل شخصيته القوية، وعمله الدءوب مع كل اللاعبين من أجل تحقيق الأفضل، بجانب سماته القيادية التى تجبر لاعبيه على احترامه، ولعل أبرز ما يعكس تلك الشخصية أن كابيلو رفض تقديم استقالته من تدريب المنتخب الانجليزى عقب الخروج من نهائيات مونديال 2010 بهزيمة مهينة من ألمانيا فى ثمن النهائى، لكنه استقال طوعا بعد ذلك بعامين احتجاجا على قرار الاتحاد الانجليزى بسحب شارة قائد المنتخب من المدافع جون تيرى دون الرجوع إليه.