لبنان على موعد مع استحقاق انتخابات نيابية فى مايو المقبل هى الأكثر جدلية فى تاريخه المعاصر، هكذا يصفها الشارع السياسى بل والنخبة أيضاً، فآخر انتخابات نيابية جرت فى لبنان كانت فى صيف عام 2009، ونتاجا لفراغ رئاسى كان واقعاً لم يكن من المنطقى حل البرلمان وإعادة انتخاب نوابه من جديد - ذات الأعضاء من ذات الأحزاب - بغية انتخاب الرئيس، الا انه ومع التسوية السياسية التى جرت وانتخاب الرئيس الحالى العماد ميشال عون رئيساً للبنان، بدأ البرلمان ممارسة اختصاصاته التشريعية تمهيداً للانتخابات النيابية فأقّر قبل نحو عام قانوناً جديداً للانتخابات التشريعية بعد تعذر التوافق بين القوى السياسية على طريقة الانتخابات لسنوات طويلة تخلّلها تمديد ولاية البرلمان لثلاث مرات فى الأعوام 2013 و2014 و2017. «الأهرام» رصدت آراء المواطنين حول مستقبل الانتخابات اعتماداً على قانون النسبية الجديد وفقاً للتوزيع الجغرافى وآلية عمل الاستحقاق مع الصوت التفضيلي. أولا: هناك قطاع كبير، خاصة من فئة الشباب، مهتمون بالمشاركة الانتخابية، ولكن بحذر كونهم يَرَوْن أن الأمور لا تتغير فى بلادهم كثيراً لأن المرشحين الجدد هم أولاد أو أنساب أو أصهار الساسة القدامي، وبالتالى عملية ادارة الشئون السياسية والنيابية اللبنانية تورث كباقى المجالات. ثانياً: إن تلك الانتخابات هى الأولى بعد الثورات العربية، وما تشهده المنطقة من محاولات لتقسيمها الى وحدات سياسية متناحرة، والتى منها الأزمة فى سوريا، الدولة المجاورة، والتدخلات الدولية والإقليمية فيها. ثالثاً: ترقب حذر لاسم رئيس الحكومة الجديد بعد الانتخابات خاصة، واحتمالية تسمية رئيس جديد للحكومة خلفاً لرئيس الوزراء الحالى سعد الحريرى نظراً للأوضاع الاقتصادية الصعبة فى البلاد وعلاقته المتوترة بنظام بشار الأسد الذى دخل على المعادلة النيابية فى لبنان من جديد، والدفع بعدد من المرشحين على اللوائح الانتخابية، أخذاً فى الاعتبار إمكانية نجاحهم الكبيرة، بل وسيناريو ترشح أحدهم لأرفع المناصب فى الدولة اللبنانية وارد، ومن المرجح أن تدفع القوى السياسية بمباركة من الشارع السنى باسم نجيب ميقاتى رئيس الوزراء الأسبق من جديد نظراً لتوازنه فى التعاطى مع الأزمة السورية على أساس الندية تارةً ونهوضه بالاقتصاد من نمو 2% الى 5%، تارة أخرى أما الآن فالنسبة أقل بكثير. رابعاً: تحظى الانتخابات بزخم إعلامى وسياسى كبير من حيث خريطة التحالفات السياسية الجديدة والتي، كما يراها قطاع من الشعب اللبنانى والساسة، كان لها عظيم الأثر فى تكريس الانقسام الطائفى من جديد انطلاقاً من قانون النسبية الذى أقر ويستخدم فى هذه الانتخابات للمرة الأولي، رغم أن هذا مثل القانون موجود فى عدد من دول العالم. ويرى قطاع كبير من الشارع اللبنانى أنه قد تمت صياغته وتفصيله وفقاً لقياس وحجم الأحزاب السياسية والطوائف الدينية فى لبنان عبر تقسيمهم للدوائر الانتخابية ككنتونات نفوذ مذهبى وسياسي، باستثناء بعض المناطق، المعتمدة حالياً فى لبنان. وتكمن المعضلة فى التركيبة الطائفية والسياسية الحالية فى لبنان والتى تنعكس على رأى المواطن فى الشارع اللبنانى كان فى مطلب بعض القوى المسيحية الأساسية بأن ينتخب المسيحيون نوابهم، والمسلمون نوابهم، الأمر الذى قوبل بالرفض من القوى الإسلامية فقد جرت التعديلات على القانون بحيث ضمن تنوّعاً طائفياً محدوداً فى معظم الدوائر، لاسيما وأكثرها سخونة سيكون هى دائرة بقاع-الهرمل بعد تحالف حركة أمل والتى يترأسها رئيس مجلس النواب الحالى نبيه برى منذ الرابع من ابريل 1980 مع حزب الله برئاسة السيد حسن نصر الله. ومع إقرار القانون وتمييز ما بات يعرف بقانون النسبية يتخلله الصوت التفضيلى وتقسم الدوائر على أساس 15 دائرة، طرح اللبنانيون عدة أسئلة بالخط العريض أبرزها.. لماذا لا يوجد قانون ثابت للانتخابات؟ ترى الأغلبية من الشعب أن مثل هذه القوانين الخاصة باختيار نواب الشعب هى موازية لدستور البلاد، إذاً لابد من اعتماد قانون واحد يطبق فى كل الانتخابات، الرأى هنا يراه الكثيرون، وأن قانون النسبية الجديد، من حيث الاستخدام فى لبنان، خاصة واعتماد الصوت التفضيلى سيؤدى الى تقسيم التحالفات السياسية الكبرى والتى كانت قائمة على فريقين معروفين الى تقسيم جديد وهو ان كل حزب أو تكتل سياسى بمختلف طوائفه سيسعى الى الأغلبية على حساب حلفاء الأمس، بل وأن داخل كل قائمة أو لائحة يسعى المرشحون أنفسهم الى الصوت التفضيلى لضمان النجاح الفردى على هذا الأساس. ليبقى لبنان يدفع ثمن الانقسامات السياسية على أسس المذهبية الطائفية حتى لو كانت هناك انتخابات نيابية على أسس من المشاركة الديمقراطية.