«أبو سنة» يكشف تفاصيل إنشاء أكبر مجمع إعادة تدوير للمخلفات في مصر    "وضع سقف للدين العام".. أبرز تصريحات معيط بشأن الموازنة العامة أمام النواب    «الخارجية الأمريكية»: نرفض قيام إسرائيل بعملية عسكرية كبيرة في رفح الفلسطينية    تشكيل باريس سان جيرمان وبوروسيا دورتموند في دوري أبطال أوروبا    تحرير 50 محضرا متنوعا للمخابز خلال 4 حملات تموينية مكبرة بالفيوم    إبراهيم السمان يخوض أول بطولة سينمائية مطلقة ب«مخ في التلاجة» (صور)    شارك صحافة من وإلى المواطن    "جلب السيطرة والقيادة والقوة لنا".. سام مرسي يحصد جائزة أفضل لاعب في إبسويتش    فرسان العلم والعمل والإنتاج مع أحمد إبراهيم في قناة مصر الزراعية يومي الاثنين والأربعاء    السفير المصري ببوليڤيا يهنئ الأقباط بعيد القيامة    وزير الصحة يشهد تدريب العاملين بالوزارة على توحيد مفاهيم الجودة (تفاصيل)    إصابة 4 أشخاص في حادث سقوط سيارة داخل ترعة في قنا    رئيس وزراء فرنسا يعرب مجددًا عن "قلق" بلاده إزاء الهجوم الإسرائيلي على رفح    البورصات الخليجية تغلق على تراجع شبه جماعي مع تصاعد التوتر بالشرق الأوسط    جامعة القاهرة تعلن انطلاق فعاليات مهرجان المسرح الجامعي للعروض الطويلة    وفد النادي الدولي للإعلام الرياضي يزور معهد الصحافة والعلوم الإخبارية في تونس    خالد الجندي يوضح مفهوم الحكمة من القرآن الكريم (فيديو)    رئيس جامعة المنوفية يهنئ الأقباط بعيد القيامة المجيد    محافظ أسوان: تقديم الرعاية العلاجية ل 1140 مواطنا بنصر النوبة    وزير الدفاع يلتقى قائد القيادة المركزية الأمريكية    خطة الزمالك لتأمين شبابه من «كباري» الأهلي (خاص)    كيف يمكنك ترشيد استهلاك المياه في المنزل؟.. 8 نصائح ضرورية احرص عليها    نائب رئيس جامعة الأزهر السابق: تعليم وتعلم اللغات أمر شرعي    «الأعلى للطرق الصوفية» يدين هجمات الاحتلال الإسرائيلي على رفح الفلسطينية    «مهرجان التذوق».. مسابقة للطهي بين شيفات «الحلو والحادق» في الإسكندرية    محافظ قنا يفتتح عددا من الوحدات الطبية بقرى الرواتب والحسينات وبخانس بأبوتشت    وضع حجر أساس شاطئ النادي البحري لهيئة النيابة الإدارية ببيانكي غرب الإسكندرية    انطلاق فعاليات المؤتمر الدولي الخامس لتحلية المياه بشرم الشيخ    سب والدته.. المشدد 10 سنوات للمتهم بقتل شقيقه في القليوبية    وائل كفوري ونوال الزغبي يحييان حفلًا غنائيًا بأمريكا في هذا الموعد (تفاصيل)    9 أيام إجازة متواصلة.. موعد عيد الأضحى 2024    بدء تطبيق نظام رقمنة أعمال شهادات الإيداع الدولية «GDR»    وزير الدفاع البريطاني يطلع البرلمان على الهجوم السيبراني على قاعدة بيانات أفراد القوات المسلحة    الرئاسة الفلسطينية تحمل واشنطن تبعات الاجتياح الإسرائيلي لرفح    للأمهات.. أخطاء تجنبي فعلها إذا تعرض طفلك لحروق الجلد    انطلاق الأعمال التحضيرية للدورة ال32 من اللجنة العليا المشتركة المصرية الأردنية    ضبط متهم بالاستيلاء على بيانات بطاقات الدفع الإلكتروني الخاصة بأهالي المنيا    حفل met gala 2024..نجمة في موقف محرج بسبب فستان الساعة الرملية (فيديو)    9 عروض مسرحية مجانية لقصور الثقافة بالغربية والبحيرة    3 ظواهر جوية تضرب البلاد.. الأرصاد تكشف حالة الطقس على المحافظات    نصائح مهمة لطلاب ثانوي قبل دخول الامتحان.. «التابلت مش هيفصل أبدا»    الأمم المتحدة: العمليات العسكرية المكثفة ستجلب مزيدا من الموت واليأس ل 700 ألف امرأة وفتاة في رفح    الضرائب: تخفيض الحد الأدنى لقيمة الفاتورة الإلكترونية ل25 ألف جنيه بدءًا من أغسطس المقبل    75 رغبة لطلاب الثانوية العامة.. هل يتغير عدد الرغبات بتنسيق الجامعات 2024؟    بحضور مجلس النقابة.. محمود بدر يعلن تخوفه من أي تعديلات بقانون الصحفيين    المشاكل بيونايتد كبيرة.. تن هاج يعلق على مستوى فريقه بعد الهزيمة القاسية بالدوري    بكتيريا وتسمم ونزلة معوية حادة.. «الصحة» تحذر من أضرار الفسيخ والرنجة وتوجه رسالة مهمة للمواطنين (تفاصيل)    عادات وتقاليد.. أهل الطفلة جانيت يكشفون سر طباعة صورتها على تيشرتات (فيديو)    الجدول الزمني لانتخابات مجالس إدارات وعموميات الصحف القومية    اقوى رد من محمود الهواري على منكرين وجود الله    إيرادات «السرب» تتجاوز 16 مليون جنيه خلال 6 أيام في دور العرض    تفاصيل نارية.. تدخل الكبار لحل أزمة أفشة ومارسيل كولر    كيفية صلاة الصبح لمن فاته الفجر وحكم أدائها بعد شروق الشمس    زعيم المعارضة الإسرائيلي: على نتنياهو إنجاز صفقة التبادل.. وسأضمن له منع انهيار حكومته    عبد الجليل: استمرارية الانتصارات مهمة للزمالك في الموسم الحالي    هجوم ناري من الزمالك ضد التحكيم بسبب مباراة سموحة    اللواء سيد الجابري: مصر مستمرة في تقديم كل أوجه الدعم الممكنة للفلسطينيين    شكر خاص.. حسين لبيب يوجه رسالة للاعبات الطائرة بعد حصد بطولة أفريقيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السفير محمد رفاعة الطهطاوي للاهرام:
للرئيس حافظ على استقوائك بالشعب

هو أحد من راهنوا علي ثورة الخامس والعشرين من يناير‏,‏ فقد غادر منصبه الرسمي كمتحدث باسم مشيخة الأزهر لينضم الي صفوف الثوار بميدان التحرير والذي أقسم ألايتركه الا بعد سقوط نظام مبارك. ربما يتعارض ذلك مع قواعد'السلك الديبلوماسي' الذي ينتمي اليه بعمق وقوة لكنه أبي الا أن ينحاز الي خيار الشعب الثائر مطالبا بالحرية والديمقراطية والكرامة والعدالة الاجتماعية ومع ذلك لم يزايد علي هذا الموقف ولم يسع الي دور أومنصب ولكنه ظل محافظا علي وهجه الثوري بمنأي عن أي أجندة خاصة الا أجندة النهوض بالوطن وتلك جيناته الوراثية الممتدة فيه فطريا من جده مؤسس الاستنارة والنهضة الفكرية الحديثة في مصر رفاعة رافع الطهطاوي منذ قرابة القرنين
لقد توجهنا الي السفير محمد رفاعة الطهطاوي لنقرأ معه ملامح المشهد الراهن في مصرمتكئين علي موروثه الثقافي والفكري وخبرته الديبلوماسية الطويلة والتي جعلته في صدارة من يجمع بين الرؤية الممنهجة وفهم مقضتيات الواقع وأبعاده
كان مخططنا أن نتوقف معه عند بعض الجوانب الفكرية في المشهد الا أن وقائعه الساخنة فرضت سطوتها علي تساؤلاتنا وبالطبع علي أجاباته عنها هنا حصيلتها:
كيف تقرأ ملامح المشهد الراهن في مصر وهل يمكن القول أنها بدأت الدخول في مرحلة الاستقرار خاصة بعد أجراءانتخابات رئاسة الجمهورية ؟
{{ لا شك أنالاستقرار شرط ضروريومطلوب بإلحاحبيد أننا لم نصل بعد إلي مرحلة الاستقرار أو حتي بداياتها ولكننا نأمل وبكل تحفظ أن نكون قد وضعنا أقدامنا علي الطريق, لأن ما تشهده مصر الآن هو صراع حقيقيبين تيارين, لا أقول بين تيار إسلامي وآخر ليبرالي, وإنما بينالإرادة الشعبية المعبر عنها من خلال صناديقالإقتراع وبين مراكز قوي راسخة مستندة إلي مؤسسات تمتعت بسلطان مطلق بدون سند لا من قانون ولا إرادة شعبية ولا تزال الكلمة العليا في مصر لهؤلاء الذين لم ينتخبهم أحد والذين يفرضون أنفسهم أوصياء علي علي المسيرة الشعبية, وعليأي حال ثمة نوعان من الاستقرار يمكن أن تصل إليها الأمور, الأول هو ما يمكن وصفه باستقرار الركود والوقوع في وهدة الاستبداد مرة أخري وقمع الحريات, بينما النوع الثاني من الاستقراروالذي ننشده فهو القائم علي انتصار الإرادة الشعبية, ولاينهض علي الاستكانة للاستبداد والرضا بالهوان والقبول بالتخلف واستمرار الأمور علي ماكانت عليه, وبالطبع ليس هذا استقرار الأحرار الذي ننشده إنما هو استقرار العبيد, أما ما نتطلع إليه فهو أن تقوم في مصر دولة حرة أساسهاسيادة للقانونويشعر أبناؤها بالعدل والمساواة ويختارون حكامهم بإرادتهم الحرة ويقررون مصيرهم وسياستهم بأنفسهم دون أي إملاءات. وعندما يتحقق هذا الاسقرار المنشود ستنطلق الطاقات وتتفجر الملكات ويحدث الإبداعالحقيقي علي كافة الصعد
استقرار الركود
هل بدأنا في هذا الاتجاه أمما زلنانقيم في خانة استقرار الركود الذي أشرت إليه آنفا؟
{{ ليس بمقدوري القول بأننا لا نزال في استقرار الركودفي اللحظةالراهنةلان مصر ببساطة تمور وتفور وهومالايمكن وصفه بالركود بالطبعولكننافي الوقت ذاته لم نصلبعد الي حالة الاستقرار المنشود لأن الصراعكما قلت ما زال قائما وضاربا بين القوي التي تريد لهذا البلد أن يتقدم والقوي الذي تريد أن تبقيه مكبلا.
هل نفهم من ذلكأن ثمة صراع إراداتما زال يتفاعل داخل هياكل الدولة المصرية أو أنه بمعني اكثر دقة ووضوحاصراع سلطة؟
{{ بكل وضوح هناك صراع سلطة حقيقي واقع وقائم بين الطرفين وهو ليس أمرا معيبا إذ أن الصراع يكون معيبا فقط عندما يكون الهدف الأوحد منه مجرد الحصول علي السلطة أو الوصول إليها. لكن عندما يكون هناك من يريد استنقاذ السلطة من أيدي من لا يستحقونها لتعود لأصحابها الشرعيين'الشعب' حتي يمكن تداولها بكل ديمقراطية فهذا ليس صراعا محموما علي السلطة بل محمودا ومطلوبا. ببساطة لأن المعيار في تقييم الصراع علي السلطة مرتبط بالهدف من الاشتراك فيه. وحركة التاريخ ترصد أن كافة الثورات التي حدثت كانت ضربا مسلما به من الصراع علي السلطة ولكن لا يستوي في صراع أو آخر من لا حق له في تلك السلطة ومن له كامل الحق والشرعية فيها.
هل تقصد أن الصراع الآن علي السلطة في مصر بين قوي ثورة يناير والقوي المضادة لها؟
{{ نعم الصراعالدائر الآنهو بين هانين القوتين بالأساس.
معنيذلك أنك تعتقدأن هناك بعض القوي التي ما زالت نافذةفيمفاصل الدولة وتمتلك القدرة علي تعويق مسار ثورة يناير؟
{{ هذا صحيح وواقع للأسفولماذا لا نتكلم في أجواء من المصارحة والمكاشفة, فلدينا رئيس منتخب ينتمي للثورة ومؤسسات ما يعرف ب' الدولة العميقة'معظمها إن لم يكن جميعهاتنتمي إلي النظام السابق وهو ما يجعل الصراع واضحا وضوح الشمس.
تقنين الأوضاع
لتفادي الوقوع في سيناريو الركود ووهدة الاستبداد والارتماء في أحضان وبراثن الثورة المضادة, ما هو المطلوب في رأيك لتطهير تلك المؤسسات من الفساد المستشري بها من ناحية و إعادة تقنين أوضاعها علي النحو الذي يجبر كافة الفاسدين لإعادة تأهيل أنفسهم بما ينسجم مع مقتضيات الديمقراطية التي نتطلع إليها, إذ لم يعد ثمة مجال للإقصاء في مصر بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير؟
{{ دعني أعلق علي أهم نقطة من منظوري الشخصي وهي إعادة تأهيل العناصر الفاسدة بمؤسسات الدولة لأن هذه المسألة بها قدر عالي من المثالية, ببساطة لأنها لن تعيد النظر في إصلاح نفسها وسلوكها فهي لا تري في الثورة إلا كل شر يقوض من سلطاتها القائمة علي غير أساس من الكفاءة أو الاستحقاق أو الشرعية. ثم حتي إذا اتفقنا علي إمكانية إعادة تأهيلهم تجاوزا, فلا تزال هناك ثمة مشكلة حقيقية تكمن في أن من يقوم بخطوة من هذا النوع لا بد أن يتمتع بسلطة كاملة وهو مالا يتفق مع الواقع القائم علي الأرض والذي يشير إلي أن السلطة الفعلية حتي هذه اللحظة لا تزال في يد مؤسسات أخري وكيانات قانونية أنشئت نشأة غير طبيعية في وقت مريب وبسرعة أكثر ريبة. وتأتي أحكامها وقرارتها كلها وبدون استثناء لصالح هدف معين وبمايوحي للناس أن هذا هو حكم القانون بينما في الواقع الأمر مسيس تماما. لذا ينبغي أن نصارح الناس ونتكلم بوضوح, هل بمقدو أحد أن ينكر أن هذه الأحكام مسيسة وأنها تحاك ليلا لتصدر بجزء من النهار عندما يضغط البعض علي ذر التشغيل. وكل هذا يدل علي أن السلطة الحقيقية لا تزال في غير من انتخبهم الشعب ليمثلوه وهو أمر لا ينذر بخير إذا استمر.
إذا ما السبيل للخروج من المأزق الراهن ؟
{{ المخرج يكمن في ثقتنا في الله أولا ثم في هذ الشعب العظيم وقراءة التاريخ الذي لا يعود للوراء تشير إلي حتمية انتصار صوت الحرية وإرادة الشعوب مهما طال الأمد فشعاع الصبح لا بد طالع. فنحن وحتي يوم 24 يناير2011 لم نكن نتصور أن يسقط النظام السابق ولكن عندما تحرك الشعب اهتزت أركانه وهوي إلي الأرض. من كان يصدق أن شعبا أعزل وشباب بدون تنظيم ولا عدة استطاع أن يقتلعه ويجتثه من جذوره ؟. أقول لكل من لا يعبأ بالوطن وشعبه ومقدراته وإرادة أبنائه: لا تستهينوا بهذا الشعب ولا بإرادته واحذروا غضبته ببساطة لأن الشعب أفاق من سباته وخرج من القمقم.
إجهاض الثورة
هناك محاولات فعلية لإجهاض الثورة فما الهدف منها وكيف يمكن التصدي لها؟
{{ إن ما شهدته الفترة الماضية من محاولات دؤوبة ومستمرة لتعكير الصفو وإعادة الأوضاع إلي ماكانت عليه فيما يعرف يالثورة المضادة لا تهدف في مجملها إلا إلي تكفير الناس بالثورة وتأليبهم علي الثوار وإغراقهم في بحر من الحيرة بين ما يسمعونه من نخب وإعلام لا يخدمان سوي أجندات بعينها تهدف إلي اختلاط الحق بالباطل وإلباسه صورة الحق, وكل ذلك من خلال تجويع الشعب وجعله مفتقدا للأمن وضروريات الحياة. مما يجعله ثمرة ناضجة ومؤهلة لقبول استمرار الركود وعودة الأمور إلي ماكانت عليه قبل الثورة. وكاد أن يحدث هذا في معركة الإعادة لاتنخابات الرئاسة. وهي لا تزال مستمرة لم تتوقف حتي اللحظة ولكن هذه المخططات باتت معروفة كما أن من يقف وراءها أصبحوا معروفين محليا وإقليميا ودوليا. وهذا التحالف الداخلي- الخارجي المشترك الذي ما زال يستهدف الثورة ليس مجرد افتراض أو احساس أو تبني لنظريات تخوين بل هو حقيقة علي الأرض يلمسها الجميع ولا داعي للمراوغة أو الانكار.
بدون ذكر أسماء أو جهات, إذا كانت هناك قوي داخلية تحارب الثورة ولا تتمني نجاحها فما مصلحة القوي الخارجية في الاشتراك في مؤامرة من هذا القبيل ربما لا ناقة لها فيها ولا بعير ؟
{{ ليست المسألة علي وتيرة من هذا النوع وأنتم تفهمون أبعاد القضية أكثر مني بملايين المرات ولكني أعي أنها لغة الحوار الصحفي الذي يحاول المهني منكم أن يلبس خلالها ثوب من لايعرف عن الأمور شيئا للحصول علي أكبر قدر من معلومات ممن يحاور. وعلي كل, الخارج يستفيد من هدم الثورة والانقضاض عليها وعودة الأمور إلي ماكانت عليه أكثر من استفادة بعض أطراف الداخل المتمردة لأن مصر إذا قامت قام العالم العربي والإسلامي والعكس, أكرر إذا قامت مصر مقامها الطبيعي واتخذت مواقفها الحقيقية وكسرت أغلالها فإنه بمقدورها أن تسهم في تغيير وجه المنطقة برمتها لصالحها وصالح أشقائها العرب ولاشك أن هناك قوي عديدة وهي قوي الاستبداد والفساد والتبعية والتي تتحالف فيما بينها ولاتريد لهذا الشعب أن يكسرأغلاله وإدارة أموره بالشكل الصحيح خوفا علي مصالحها.
الثورة ليست ضعيفة
عندما نتوقف عند الصراع الراهن بين قوي الثورة والثورة المضادة الي أي مدي تعتقد أن طرف الثورة مازال ضعيفا وقابلا للاحتواء أم لديه القدرة,- مستندا كما ذكرت علي إرادة الشعب-, علي أن ينهض بالثورة ويدفعها للأمام, وذلك علي الرغم من أن الطرف الآخر يمتلك أدوات أكثر قوة وربما أكثر عنفا؟
{{ دعني في البداية آتحفظ علي تعبير واحد في ثنايا سؤالك وهو أن الطرف الثوري ما زال ضعيفا, وذلك لأنه ربما يبدو ضعيفا وهذا في الظاهر نظرا لعدم امتلاكه لأدوات القوة التي يمكن قياسها بمعايير محددة أما في الحقيقة فهو الطرف الأقوي علي الإطلاق ببساطة لأنه يستند الي إرادة الشعب التي لا يمكن لأحد قياس مدي قدرتها, ومن ثم أوكد أن ملايين الشعب المصري متي استيقظت وأرادت الحرية والحياة فلا بد أن يستجيب القدر وكلما ظن الناس أن طاقة الثورة قد نضبت في القلوب أثبت الشعب العكس. وأنا واحد من الذين أخطأوا واستهانوا بقدرة الشعب ولم أرقدرته قبل الثورة ولن أكرر هذا الخطأ وسأنحاز دائما للجماهير وسأثق في نصر الله له ثم في قدرة هذا الشعب.
لكن ألا تري أن المشكلة تكمن أيضا في الأخطاء الكثيرة التي ارتكبتها قوي الثورة خلال فترة العام ونصف العام التي مضت وهو ما تجلي في حالات التشرذم والانقسام مما أتاح الفرصة للثورة المضادة لتمارس فعل إجهاض الثورة ؟
{{ نعم القوي الثورية ارتكبت الكثير من الأخطاء لحد وصل إلي التشرذم والانقسام أحيانا وهو ما ليس بمقدور أحد أن ينكره ومع ذلك فالاختلاف من طبيعة الأمور وأما اتفاق القوي الثورية مع بعضها البعض فليس من طبيعتها. لكن التشرذم الحادث الآن مصنوع ومدفوع بمعني أن هناك وسيلة في العالم الديقراطي كله لحسم الخلاف والاختلاف هي الأغلبية. إذ أن الديمقراطية ليست عجزاعن الحسم أوعجزا عن اتخاذ القرار الحاسم عن طريق الأغلبية.
المرحلة الانتقالية
- كيف تفسر وقائع ما جري خلال المرحلة الانتقالية وهل تعرضت الثورة لنكسة ؟
{{ ما حدث خلال هذه الفترة هو أن القوي القابضة علي القرار جعلت من نفسها مرجعية وكلما وجدت قرارا تتجه إليه الأغلبية استثارت بعض عناصر القلة لإشغال الساحة بحدث آخر عن تطبيق مثل هذا القرار. وكلما بدت بوادر التقدم الحقيقي وبناء توافق وطني فعلي تعرضنا لنكسة. وحتي لا يصبح كلامي ضربا من العموميات المرسلة, أشير علي سبيل المثال الي الجمعية التأسيسية الحالية المكلفة بصياغةالدستور فمع اقترابها من تحقيق تقدم باتجاه إنجاز دستور لا يختلف عليه اثنان ليكون عدة حقيقية للاستقرار وتحديد الحقوق يسارع البعض لرفع البعض لاستصدار حكم قضائي بحل الجمعية لتمهيد الطريق أمام' العسكري' لتشكيل لجنة أخري تتفق مع توجهاته, إنني مع الرأي الذي يرفض استئثار فصيل بعينه بصياغة الدستور بمفرده ولكن هل يجوز أن تستأثر مجموعة من أعوان مبارك ممن أوكل إليها إدارة البلاد وقبلنا بها باعتبار أنها إجراء ضروري مؤقت وسلطة واقع فرضتها الظروف المرحلة علينا ؟ وهل يجوز لصاحب رأي سليم ولمن ليس في قلبه مرض أو غرض أن يعقل أن هؤلاء الذين لا يمثلون إلا أنفسهم يشكلون لجنة لكتابة الدستور في حين لا يسمح لهؤلاء الذين انتخبهم الشعب بصياغته علي مرأي ومسمع من الجميع وتحت قبة الشعب بمجلس الشعب وعبر القنوات المتلفزة بينما يروق لنا كتابة العسكر للدستور في أروقة منعزلة وبعيدا عن الأعين.
ألا تري سعادة السفير أنك تتمتع بقسط وافر من المصارحة والمكاشفة ربما يخشي آخرون انتهاجها خشية الوقوع في بعض المشاكل أو التعرض للمسائلة؟
{{ أنا اتكلم بكل وضوح لأنني لا أخشي شيئا ولا أطمح في شيء ولا منصب فالحمد الله الذي حررني من الخوف والطمع ولكنني عندما اتكلم إلي الناس أري أن هذه مسئولية لا يجوز معها أن أكذب أو أغرر أو أداري إذ ليس من الوطنية أن اشترك في حملة تضليل الناس وتزييف وعيهم ولكني أتكلم بشكل واضح وليكن ما يكون.
لم يكن قد مر علي وصول الدكتور مرسي لرأس هرم السلطة سوي أقل من شهر والبعض يري أنه ربما ارتكب خطأ عندما بدأ معركته مع القضاء والمجلس العسكري بإعلان قراره بعودة انعقاد مجلس الشعب دون أن يتحسس كافة جوانب ومواقف القضية وبالتالي تدخلت المحكمة الدستورية بحكم آخر إلزامي فأعلن احترامه له فهل كان مطلوبا منه دخول تلك المعركة مبكرا أم كان عليه أن ينتظر حتي يمتلك كافة صلاحياته؟
{{ لا أستطيعأن أقول هذا أو ذاك ولكن ما يمكنني قوله هو أن قراره كان صحيحا من الناحية القانونية والدستورية إلا أن المأخذ الوحيد علي الرئيس في هذه المسألة هو أنه لم يتحسب لردة الفعل جيدا. وما حدث هو أن الرئيس لم يدرك أن جزءا من القضاء مسيس وإن كان معظمهم شرفاء وأن هذا الجزء تقوده كوادر عينها مبارك ووضع لها قوانين لا تتماشي مع توجهات الشرفاء كما أنهم يلعبون دروا أساسيا في ضرب الثورة وأن دكتور مرسي خصم لهذه القلة وليس صديق لها.
إن صح القول ولو تجاوزا بأن مفاصل الدولة العميقة ما زالت متأصلة ومتجذرة في كافة المؤسسات وأنها تعمل كحائط صد لإعاقة تحقيق أهداف الثورة, فكيف يمكن تغيير وجه الحياه السياسية في مصر للأفضل وكيف يمكن تطهير تلك الموسسات إو إعادة هيكلتها وفقا لقواعد الديمقراطية دون إقصاء أي عنصر فلسنا بصدد إستبعاد أحد أو تصفية حسابات معه, وهل ثمة آلية محددة لتنفيذ هذا التوجه وهل تتوافر لديكم رؤية واضحة في هذا الإطار؟
{{ المسائل باتت واضحة فيما يسمي بركائز النظام السابق وما يفعلونه لإسقاط الثورة والإيقاع بالثوار وأولي خطوات الإصلاح هي أن يتم انتقال السلطة العليا الشرعية إلي الرئيس المنتخب ووممثلي الشعب المنتخبين. ومتي تم تنفيذ هذه الخطوة بدأنا مرحلة من سيادة القانون, حيث أن الشرعية لمن ينتخبه الشعب لتكون السلطة بيده لمن يقبض علي مقاليدها من العسكر في غرف مغلقة لا يصل إليها سواهم ولا يعرف عنها شيئا عداهم. وعندما تصبح هناك حياة ديمقراطية وتصبح السلطة كاملة في يد من يستحقها ومن جاءت به الصناديق ستستقيم الأمور عندئذ وتعود إلي نصابها الطبيعي.
أما فيما يتعلق بالتطهير فليس المراد منه الإبعاد والإقصاء والإزاحة والتخلص وإنما ما نرنو إليه هو أن يتم تنظيم العمل علي أساس من احترام القانون والشرعية وتداول المناصب بين الجميع بشكل شفاف وموضوعي وهذا يكفي جدا. ما أعنيه في هذا الصدد ليس التخلص منهم وإنما التخلص من استبدادهم واحتكارهم للمناصب وسوء إدارتهم لها كما لو أنهم ملاك حقيقين للدولة.
الحكومة المطلوبة
فيما يتعلق بتشكيل الحكومة وخاصة بعد انتخابات مجلس الشعب الجديد بعد الانتهاء من وضع الدستور, أي أنواع الحكومات أصلح لمصر في المرحلة الراهنة الائتلافية أوالإنقاذ الوطني أم غيرهما ؟
{{ في منظوري المتواضع اعتقد أن الحكومة الإئتلافية أشبه ما يكون ب' مركب له رئيسان' وأن مصيره الحتمي الغرق لا محالة بسبب اختلاف عناصرها وانعدام تناغمها, وإذا كانت إسرائيل إحدي الدول التي تنجح فيها تجربة من هذا النوع نظرا لأن كافة القوي السياسية فيها تتمتع بحس عال بالأمن القومي والمصلحة العليا أكثر من المصالح الحزبية وهذا لا يقدح في وطنيتنا وإنما يعني أننا غير جاهزون لتطبيق تجربة من هذا النوع علي الأقل في المرحلة الراهنة, وأما في معظم البلدان الأخري فقد كانت معظم الحكومات الائتلافية مصيرها النزاع والانهيار,ثم إن هناك مانع قانوني يحول دون أن تري حكومة ائتلافية ضوء الشمس في مصر حيث المفترض أنها تمثل ائتلافا بين أحزاب لها تمثيل برلماني حال عدم حصول أي منها علي الأغلبية المطلوبة المطلقة أو المطلوبة للانفراد بتشكيل الحكومة ومادام لا يوجد برلمان في مصر الآن فلا يمكن تشكيل حكومة من هذا النوع, أخذا في الاعتبار أن نظام الحكم في مصر رئاسي وليس برلمانيا أو برلمانيا مختلطا, ومن ثم فإنه ليس أمامنا خيار سوي تشكيل حكومة إنقاذ وطني وهو ما نتطلع إليه وهذا هو التوصيف السياسي الدقيق للوضع الراهن في مصر بحيث يتولي المسئولية الأساسية فيها فريق منسجم دون حرمان لبقية الأطراف من المشاركة, وهو يعني تولي فريق محدد ينتمي إلي تيار واضح يتحمل المسئولية مع تلقيحه بالكفاءاتووجهات النظر الأخري حتي لا يصبح هذا الفريق منغلقا علي ذاته, وأما المغزي من إضافة عناصر أخري له فيتمثل في إثراء هذه الحكومة حتي تكون أكثر انفتاحا.
هل عرضت هذه الأفكار علي الرئيس مرسي عندما التقيته مؤخرا؟
{{ لقد أمضيت مع الرئيس فترة لم تتجاوز نصف الساعة تبادلنا في جزء منه التحية والمودة والجزء الأخر تعرضنا فيه لبعض الأمور إلا أن الفرصة لم تتح لي حتي أقول له ما ذكرته أنفا
ما أهم القضايا التي ناقشتها مع الرئيس ؟لقد تطرقنا إلي معالجة المشكلات الملحة التي تواجهها مصر في هذه المرحلة وكيفية الوصول إلي توافق وطني وعذرا ليس بوسعي تقديم المزيد من التفاصيل لأن المجالس أمانات وليس من الأمانة أن أبوح بأسرار اللقاء.
هل شعرت أنه مازال يعتمد علي المحيط الإخواني أم أنه انسلخ منه وأصبح بمنأي عنه؟
{{ في الحقيقة إن فصل الرئيس عن حزبه أو إبعاده عنه ضرب من كلام غير مقبول. ببساطة لأنهم رفاق الدرب وشركاء الكفاح وأصحاب فكرة مشتركة وهدف واحد. ورغم تأكيدي بأنني لم أر أيا منهم لحظة دخولي مقر الرئاسة باستثناء الدكتور ياسر علي القائم بأعمال المتحدث باسم الرئاسة إلا إنني أطالبه بأن يحيط نفسه بمن يثق فيهم ويعرفهم جيدا فالإخوان مصريون كغيرهم. وأنا أتساءل كيف نسعي الي تحقيق نموذج الديمقراطية الغربية بينما نرفض تطبيق مقتضياته. أليس من حق أوباما اختيار مستشاريه ورجاله وعناصر فريقه ممن يثق فيهم ويعرفهم أم ثمة مؤسسات أخري تفرض عليه إحاطته بفريق لايرغب فيه.
هناك مخاوف لدي البعض من' تدينة' الدولة أي جعلها دينية' ثيوقراطية' ومن' أخونة' مؤسساتها بوضع عنصر إخواني علي رأس كل منها, فماهي رسائل الطمأنينة التي يمكن أن يبعث بها الرئيس مرسي لتبديد مخاوف من هذا النوع ؟ وهل ستكون مقتصرة علي مجرد رسائل شفهية أم أن جانبا منها لابد أن يكون مبنيا علي تحقيق إنجازات علي أرض الواقع ؟ وكيف يتم إقناع الغير بأن الإخوان مصريون كغيرهم عليهم نفس الواجبات ولهم ذات الحقوق وبأن هذه الجماعة, التي لم ولن انتمي إليها, لون سياسي جديد وطيف اجتماعي أصيل وأنه لا داعي لتخوينهم أو التخوف منهم مطلقا مع اعترافي التام بمصرية عناصرها وحقهم في ممارسة كافة حقوقهم
إخوانة الدولة
ما السبيل للتخلص من الفزاعة التي كانت وما زالت تستخدم لتنفير العامة من الإخوان وجماعتهم؟
{{ لا مجال للتخوف من أخونة أو علمنة أو لبرلة الدولة أو حتي استئثار عناصر تلك الجماعة بالمناصب الرفيعة ما دام ذلك لايتعارض مع القوانين ولايتنافي معها, فالعبرة بالكفاءة والوطنية والإخلاص وليس بالتوجهات أو الأسماء, بينما المرفوض تماما هوأن يتقدم اثنان لشغل منصب أو حتي وظيفة بعينها أحدهما إخواني بتقدير مقبول والآخر ليس إخوانيا بتقدير جيد أو أعلي ثم يحصل الأول علي المنصب لمجرد كونه إخوانيا وأما إذا كان العنصر الإخواني هو الأعلي في التقدير فكيف لي أن أنحيه.
في تلك المرحلة الفارقة بكل ما فيها من ملابسات وتفاعلات وتشاحنات, ما الذي ينبغي أن نخاف منه حصرا علي ترسيخ الديمقراطية؟
{{ إن ما يجب أن نتخوف منه هو انتهاك الإخوان أو أي فصيل آخرللقوانين والقواعد التي تسمح بتداول السلطة واستمرارقواعد الديمقراطية ومادامت هذه القواعد وتلك القوانين ثابتة فليست ثمة أية مشكلة لأن الديمقراطية بمثابة السلم التي يصعد عليه كل من تجيء به صناديق الانتخاب ليصعد إلي سطح هرم السلطة وهو نفس السلم الذي ينزل من خلاله المهزوم في الانتخابات ليفسح الطريق أمام الفائز ليحل محله ويأخذ مكانه, إن المرعب والمخيف هو أن يصل إلي رأس هرم السلطة شخص ما عن طريق هذا السلم' أعني القواعد والقوانين' ثم يحرفه ليمنع الغير من الوصول إلي نفس المكانة, وذلك من خلال انتهاك القواعد وتغيير القوانين لصالحه. ثم لنتساءل هل شهدت العقود ال6 الماضية وزيرا أو محافظا إخوانيا, بالتأكيد الإجابة: لا, إذا السؤال الذي يطرح نفسه هو من الذي مكنهم من ترأس أحدهم للبلاد ؟ قطعا إنها الديمقراطية التي يمكن أن تأتي غدا بآخر ربما يكون عدوا لدودا للإخوان ولما لا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.