قال الشاعر الكبير أحمد عبد المعطى حجازى فى ندوته بمعرض الكتاب، مساء أول أمس الأحد، بقاعة عبد الرحمن الشرقاوى، والتى أدارها الإعلامى خالد منصور أن هجاءه للعقاد آلمه، كما بدا فى حواره مع عبد المعطى المسيرى حين قال: «بل هم من يعيشون فى عصر العقاد!». وأضاف إن الحوار الذى دار بين أبناء جيله والأستاذ العقاد كان قاسيا وحادا جدا، ووصل إلى تهديد العقاد بالاستقالة من المجلس الأعلى للفنون والآداب حال مشاركة الشباب فى مهرجان دمشق الشعرى، وحدث أن رجاهم يوسف السباعى بعد وصولهم إلى دمشق ألا يشاركوا حتى لا يتسببوا فى استقالة العقاد «الكاتب الجبار»!، وأشار إلى أن قسوة العقاد على الشباب المجدد فى الشعر أثارته، ودفعته إلى هجائه بقصيدة جاء فيها: تعيش فى عصرنا ضيفا وتشتمنا، مشيرا إلى أن تلك القصيدة قالها وهو فى السادسة والعشرين من عمره، وكان العقاد فى الثانية والسبعين. ونفى أن يكون موقفه من كتاب قصيدة النثر هو موقف العقاد نفسه، لأنه لم يحاول منعهم مرة واحدة من الكتابة إبان رئاسته لتحرير مجلة إبداع، وسمح لكل التيارات بالمشاركة. لكن كتاب قصيدة النثر لم يستطيعوا فرض قصيدتهم على الناس، وعليهم أن يثبتوا جدارتها إن استطاعوا. وحول تعريف الشعر، قال حجازي: الشعر أوسع وأعمق من أن يسبر أغواره أحد، والشعر هو اللغة الأولى، لأن اللغة قبل أن تكون نثرا متميزا، وقبل أن تكون علما أو فلسفة، كانت شعرا، وكان البشر جميعا يشاركون فيها، وكان يعبرون عن أفكارهم بالصور «الاستعارات وغيرها»، فاللغة قبل أن تعرف التجريد كانت تجسيدا وتصويرا وايقاعا. وإذا تتبعنا لغة الريف المصرى، سنجدها حافلة بالاستعارات، مشيرا إلى أن الفلاحين يعرفون التجسيد لا التجريد. وعن الثقافتين العربية والغربية وأيهما أولى بالاهتمام، قال إننا نبدأ دائما من ثقافتنا للبحث فيها عن حلول وإجابات للأسئلة التى نطرحها على أنفسنا، أو التى تُطرح علينا، فإن لم نجد فى ثقافتنا إجابة، فمن اللازم أن نبحث عن الإجابة فى الثقافات الأخرى، مشيرا إلى أنه يؤمن إيمانا لا يخالطه أدنى شك بأن الثقافة إنسانية. وحول علاقة المثقف بالسلطة قال حجازي: المثقف ينبغى أن يكون دائما مستقلا وحرا، وأن يكون مع الحق ويعبر عن آرائه بحرية، وعلى الدولة وليس السلطة فقط أن تحفظ له هذا الحق وتضمنه له. وأضاف: الابداع لا يكون بلا حرية ولا يكون فى ظل قهر وقمع قد تلجأ له السلطة عندما يعارضها المثقفون. وردا على سؤال عن تأثير النكسة على المثقفين والأجيال التالية، قال: قبل أن نتحدث عن تأثير النكسة، يجب أن نعلم أننا نتستر على الهزيمة بكلمة «نكسة»، وهى كلمة اخترعها «محمد حسنين هيكل» ليتستر بها على الهزيمة. وتساءل: ما معنى نكسة؟.. النكسة أن نتقدم ثم نرتد، ونحن لم نكن متقدمين قبل الهزيمة، لأن الهزيمة وقعت بسبب الذى حدث فى الخمسينيات والستينيات، مشيرا إلى سلبيات يوليو التى قضت على الايجابيات، ومنها الحرب الضروس على الديمقراطية، مثل حل الأحزاب، وإيقاف العمل بالدستور، وضع اليد على الصحافة والاستيلاء على أجهزة الإعلام وتجميد النشاط السياسى بكل صوره، فأصبح كل شيء يحدث فى الظلام. وهذا الإحساس الساحق بالهزيمة أدى إلى فقدان المصريين ثقتهم فى مشروع النهضة وارتدوا إلى ما كان يقدمه لهم الإخوان المسلمون. وهزيمة 1967 نتيجة لما وقع فى 1952، مشيرا الى أن نجيب سرور ومحمود دياب ويوسف إدريس وصلاح عبد الصبور وسواهم من المثقفين أصيبوا فى حياتهم إصابة بالغة جراء الهزيمة، وأردف: «ما حدث رهيب!». ووصف حجازى القاهرة الآن بأنها مدينة بلا عقل، مشيرة الى أن ثقافة النهضة التى كانت حية مزدهرة فى الأربعينيات والخمسينيات تراجعت الآن.