في الأمثال يقولون: من جد وجد.. ومن زرع حصد!.. بينما لم يحصد آلاف المتفوقين من طلاب الثانوية العامة هذا العام سوي الحسرة والألم, والشعور بالظلم, بعد أن صدمتهم نتائج مكتب التنسيق! علي مدي عامين, اجتهد هؤلاء الطلاب, والطالبات علي مدي شهور طويلة, وسهروا الليالي ومعهم أسرهم, لتحقيق أحلامهم في التفوق, والالتحاق بكلية من كليات القمة, فإذا بالمجلس الأعلي للجامعات, ومعه مكتب التنسيق يخذلهم, ويحطم أحلامهم علي صخرة الواقع! فمن يصدق أن طالبا أو طالبة حصل علي98% ولم يجد له مكانا في كلية الطب, بينما لم يجد من حصل علي اقل من95% من المجموعة الأدبية مكانا في كلية الاقتصاد أو الإعلام! نبدأ باستعراض نتيجة تنسيق المرحلة الأولي التي أعلنها بالأمس مكتب تنسيق القبول بالجامعات والمعاهد, حيث بلغ الحد الأدني للالتحاق بكلية الطب406.5 درجة بنسبة%99.1, وطب الأسنان405.5 بنسبة98.9% وكلية الصيدلة402 بنسبة98%, بينما بلغ الحد الأدني لكلية الهندسة386.5 بنسبة94.2%, أما كلية العلاج الطبيعي فتقبل الطلاب الحاصلين علي401.5 بنسبة97.8%, في حين حطمت كلية طب قنا التابعة لجامعة جنوبالوادي كل التوقعات, حيث تجاوزت حاجزال100% لأول مرة منذ إلغاء نظام التحسين, وقد بلغ الحد الأدني للقبول بها نحو410.5 درجة من مجموع410 بنسبة100.1%, تلتها كلية طب المنصورة بحد أدني99.6408.5% ومعها كلية طب شبين الكوم جامعة المنوفية ثم كليات طب طنطا وسوهاج وأسيوط408 درجات بنسبة99.5%, وبنفس المجموع كلية بترول تعدين السويس جامعة قناةالسويس, ووصل الحد الأدني لكليات الطب بجامعات قناةالسويس, والفيوم, والقاهرة, وعين شمس, وبني سويف إلي406.5 درجة, فيما بلغ المجموع الأعلي لكليات طب الأسنان ب406 درجات في جامعات عين شمس, وطنطا, والمنصورةوالقاهرة, والإسكندرية, وقناةالسويس يليها كلية طب الأسنان بجامعة المنيا, والتي تقبل الحاصلين علي405.5 درجة أما كليات الصيدلة فجاء الحد الأدني لها في جامعات حلوان وأسيوط, والقاهرة بنحو402 درجة, في حين ارتفعت معدلات القبول في كلية صيدلة دمنهور إلي نحو404 درجات بينما جاء الحد الأدني لكليات الهندسة في هندسة إلكترونية منوف بجامعة المنوفية, والتي تقبل الحاصلين علي مجموع386.5 درجة, بينما جاء الحد الأعلي في هندسة القاهرة ب398.5 درجة بنسبة97.1%, وبالنسبة لكليات الأدبي فقد جاء الحد الأدني لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية ب393.5 درجة بنسبة95.9%, والحد الأدني لكلية الإعلام جامعة القاهرة390.5 درجة بنسبة95.2%. الحلم يتبدد وهكذا تبدد الحلم لآلاف الطلاب والطالبات من المجموعة العلمية, و الذين تفوقوا, وحصلوا علي أكثر من98%, بينما لم يجدوا لهم مكانا في كلية الطب.. ها هي سارة ناجي جاد خريجة المرحلة الثانوية, التي اجتهدت, وذاكرت, وتفوقت, وحصلت علي4,98%(5,403) درجة, وحين أبلغها والدها بنتيجة الثانوية أصيبت بحالة إغماء, فهي لم تصدق نفسها من الفرحة, ومعها فرحت أسرتها, ثم أفاقت, وبدأ حلم الالتحاق بكلية الطب يراودها, واعتقدت أنها سوف تلتحق بكلية طب الأسنان علي أقل تقدير, وحين ظهرت نتيجة مكتب التنسيق, أصيبت بصدمة شديدة, حيث لم يؤهلها مجموعها الكبير إلا للالتحاق بكلية الصيدلة! خيبة أمل! وما حدث من ارتفاع في المجاميع هذا العام, يرجع في تقدير الدكتور حسام كامل رئيس جامعة القاهرة- إلي أن الامتحانات كانت سهلة, وتصحيح أوراق الإجابة كان أسهل, وهو ما ترتب عليه حصول آلاف الطلاب علي درجات مرتفعة, تعجز كليات الطب عن استيعابها, الأمر الذي أصاب الطالب المتفوق بخيبة أمل, لحصوله علي ما يتجاوز ال98% في الثانوية العامة, ولم يجد أمامه سوي الالتحاق بكلية الصيدلة, بينما كانت كليات الطب قبل عشرات السنين- تقبل الطلاب بمجموع يتراوح بين81% و82% علي أقصي تقدير, بينما كان مجموع الفائز بالمركز الأول في الثانوية العامة لا يتجاوز ال95%, أما الآن, فقد ارتفعت المجاميع بدرجة كبيرة لدرجة أننا نجد طلابا يتجاوز مجموعهم المائة بالمائة, كما نجد كليات للطب تقبل الحاصلين علي ما يتجاوز المائة بالمائة أيضا! سألت رئيس جامعة القاهرة: متي تنتهي مأساة المجاميع الكبيرة التي تحرم آلاف الطلاب المتفوقين من الالتحاق بكليات القمة؟ د. حسام كامل: النظام الجديد للثانوية العامة سيكون أفضل بلا شك, لاسيما من ناحية إجبار الطلاب علي الحضور, مما سيقضي علي ظاهرة حصول الطلاب علي الشهادات من منازلهم, فضلا عن احتساب درجات( أعمال سنة) علي الحضور والنشاط, إلي جانب امتحانات القدرات, كما أن اعتبار احتساب المجموع علي سنة دراسية واحدة وليس علي عامين دراسيين كما كان معمولا به هذا العام سيقلل من رعب الثانوية العامة الذي صنعته وسائل الإعلام. هل تعتقد أن مكتب التنسيق مسئول عن هذه الأزمة التي استبعدت المتفوقين في الثانوية العامة, مما أدي إلي تحجيم أعداد المقبولين في كليات القمة؟.. د. حسام كامل: لا علاقة لمكتب التنسيق بذلك في تقديري, فهو- أي مكتب التنسيق- يعد الفكرة الأكثر عدالة في توزيع الطلاب علي الكليات, كما أن مكتب التنسيق موجود في العديد من الدول, وإن كانت بعض الدول, كما في ألمانيا, تسمح لمن لا يؤهلهم مجموعهم للالتحاق بكلية مثل الطب خلال3 سنوات من الحصول علي شهادة الثانوية العامة, وفي أحيان أخري, يتم تخصيص نسبة من المقاعد لمن لا يؤهلهم مجموعهم للالتحاق بكلية الطب أوغيرها من خلال امتحان القدرات, وهذا النظام قد يسبب لنا العديد من المشاكل. خلل في نظام الامتحانات طرحنا أزمة قبول الطلاب في كليات القمة علي الدكتور اشرف حاتم الأمين العام للمجلس الأعلي للجامعات, والذي أكد لنا أن المجلس الأعلي للجامعات هو المنوط بتحديد الأماكن المتاحة بالجامعات والمعاهد الحكومية وفقا للطاقة الاستيعابية, وحسب احتياجات سوق العمل, وبالتنسيق مع النقابات المهنية, وليس من المقبول أن يتقدم100 ألف طالب لكلية الطب فيتم قبولهم جميعا, لان هذا العدد يفوق احتياجات سوق العمل بالقطاع الطبي بالتأكيد. والحل- في رأي الأمين العام للمجلس الأعلي للجامعات- هو تغيير نظام الثانوية العامة, كما أن النظام الجديد للثانوية العامة الذي وافق عليه مجلس الشعب معتمدا نظام السنة الواحدة بدلا من سنتين- لم تتم دراسته بشكل كاف, كما أنه لم تتم استشارة الجامعات ولا النقابات المهنية عند إعداده, مشيرا إلي أن تزايد عدد المتفوقين, والحصول علي مجاميع كبيرة يعكس خللا في نظام امتحانات الثانوية العامة, وهو ما تؤكده نتائج الثانوية حيث حصل أكثر من30% من الطلاب الناجحين علي أكثر من95%, بينما يكون من الطبيعي أن تتراوح نسبة الطلاب اللذين يحصلون علي90% فأكثر بين5% و10% علي أقصي تقدير في النظم التعليمية المتطورة. اختبارات للقبول بالكليات يتفق معه الدكتور مصطفي عبد السميع أستاذ ورئيس قسم تكنولوجيا التعليم في جامعة القاهرة, والذي يري أن مكتب التنسيق هو أفضل وسيلة لتوزيع الطلاب في الوقت الحالي, ومن الضروري اللجوء لاختبارات القدرات داخل الكليات التي يتقدم إليها الطلاب.