◄ علماء النفس والاجتماع: الإرهاب أكد تلاحم المصريين ووحدة الوطن
الرصاص قد يخترق الأجساد، ولكنه أبدا لم ولن يخترق نسيج الوطن الواحد، فحادث كنيسة مارمينا الإرهاربى الأخير يجسد ملحمة جديدة يرسمها المصريون فى مشهد حرص فيه كل من المسلم والمسيحى على حماية الآخر من غدر الإرهاب.. وهى رسالة لأيدى الغدر والعدوان «نحن واحد ولا يمكن أن تفرقوا بيننا مهما فعلتم ومهما فعلت نيرانكم الغادرة»... وحول هذا المشهد المعبر عن وحدة الوطن وصلابته كان لخبراء علم النفس والاجتماع رأى فى هذه الملحمة البطولية. الدكتور وليد هندى استشارى الصحة النفسية يقول: فى حادث كنيسة مارمينا الإرهابي، رأينا الشعب بجميع طوائفه وأعماره ودياناته وتعليمه المختلفين يجتمعون على قلب رجل واحد للذود عن وطنهم والدفاع عن أحد بيوت الله بدرجة تعكس انتماءهم وعشقهم لتراب هذا الوطن، فالانتماء للوطن ليس رفاهية ولكنه حاجة إنسانية أساسية من الحاجات الاجتماعية التى يسعى الفرد دائما إلى إشباعها. ومنذ فترة طويلة لم نجد صورة تجسد انتماء جموع المصريين لبلدهم، كما عبر سلوك أبناء حلوان فى هذه الواقعة على درجة تماسك المصريين ووحدتهم الوطنية، وهو إحدى نتائج الاستقرار السياسى الذى نعيشه منذ ثورة 30 يونيو 2013. فقد عانينا قبلها من حوادث ومواقف عدة كانت تسعى إلى تمزيق الوحدة الوطنية المصرية .. الحمد لله بعد انتفاضة الشعب فى 30 يونيو وقضائه على فاشية الحكم الدينى وجماعته الإرهابية المتطرفة وجدنا الشعب المصرى عاد إلى فطرته الأولى التى فطره الله عليها منذ آلاف السنين حتى جاء مشهد أحداث كنيسة مارمينا بحلوان ليجسد تلك الفطرة العطرة من تماسك أبناء الشعب الواحد ليوجهوا رسالة إلى كل معتد أثيم أو كل من تسول له نفسه العبث بمقدرات هذا الشعب ومحاولة تغيير ملامحه المعهودة. الدكتور قدرى حفنى أستاذ علم النفس السياسى بجامعة عين شمس يشير إلى هذا التصرف الذى أظهر شهامة فائقة لأبناء الوطن الواحد يجب علينا دعمه على كل المستويات، وليس مجرد تكريم هؤلاء ولا إلقاء الضوء عليهم فقط، بل إبرازهم كنماذج مضيئة يجب الاقتداء بها. فنحن مجتمع عدل وقانون وبالتالى ضمن واجبات المواطنين أن يكونوا ايجابيين والتصدى للإرهاب الذى يهددنا جميعا، ومن اللافت أنه فى الوقت الذى وقعت فيه تلك الجريمة والتصدى لهؤلاء الموتورين كان شيخ الأزهر يزور الكاتدرائية، وعلى القائمين على التعليم تدريس مادة المواطنة فى المناهج الدراسية الأساسية. الدكتورة هالة يسرى أستاذ علم الاجتماع وعضو المجلس القومى للمرأة.. تؤكد أن ما حدث صورة جلية واضحة يجب أن نصدرها للعالم أجمع كى يعوا التفرد المصرى واللحمة المصرية والتماسك المجتمعى ووحدة الصف التى لم تأت بأى من المؤتمرات ولا التصريحات والسلامات ولكنها الفطرة المصرية الأصيلة وهذه رسالة أخرى للعالم أجمع أن يتعرفوا من هو المصرى.. وأن يروا نماذج «عم صلاح» و«الشرطى الشجاع» الذى قصد إضعاف حركة الإرهابى وتكبيله دون قتله أو تصفيته، لأن ما سيحصلون منه على معلومات مفيدة أهم بكثير من قتله، وهذا هو الأهم، ثم جاء نموذج رجل الشارع المصرى بكل من فيه من سيدات ورجال سواء فى الشارع أو فى شرفات المنازل والمناطق المجاورة، فقد سمعنا عبر الفيديوهات المصورة قلوب أمهات تدعو بسلامة من بالكنيسة والشارع، لانستطيع أن نفرق من الأصوات من هو المسلم ومن المسيحى، الكل يدعو بالسلامة والنجاة.. فقد استنفرت كل المشاعر المصرية للتوحد والاتحاد والالتفاف حول الوطن.. وخرجت ثورة الغضب الموجودة فى نفوس المصريين وحولتها لطاقة للفتك بالإرهابي، وفى الحقيقة هذه الصورة الملحمية كانت نهاية جميلة لعام 2017 وبداية رائعة لعام 2018 لنموذج متفرد غير مسبوق على مستوى العالم. الدكتور أحمد زايد أستاذ علم الاجتماع السياسى بجامعة القاهرة وعميد كلية الآداب سابقا، يقول إن هذه الملحمة التى شهدناها تدل على أن أولئك الذين يتحدثون على أن القيم المصرية اندثرت، قولهم خاطئ فالمجتمع المصرى مازال متماسكا ومازال فيه الحرص على المبادئ والتعاون والإخاء كامن فى قلب المجتمع وهذا المشهد الأخير عكس روح المجتمع التى لم تمت بعد.. والتاريخ الطويل من معاناة الشعب المصرى لم يمس أى شيء من الروح الجماعية، والضمير الجمعى مازال قويا ومازال الإحساس بالوحدة جليا، وفى الحياة اليومية لا يوجد ما يسمى بالمسلم والمسيحى وإنما نعيشها معا وهذا الشكل من التدين والإرهاب وما يترتب عليه من عنف مرفوض وهذه الجماعة التى تقود هذه العمليات التخريبية جماعة منبوذة. كما أن هذا الهجوم الذى تم من الشعب على الإرهابى إنما هو تعبير رمزى للهجوم على الجماعة الإرهابية وفيه تعبير عن لفظها ورفضها. وأشاد بالسلوك الذى قام به شيخ أزهرى من داخل أحد المساجد المجاورة للكنيسة المستهدفة، والذى يحث فيه المسلمين على الوقوف بجانب إخوانهم المسيحيين، والتصدى بكل قوة لحماية بيت من بيوت الله «الكنيسة».