ما أمتع أن تعيش في مكان لا يهدأ ولا ينام ولا يكل من المؤامرات والعبث والفوضى والحروب والصراعات والتخوين والإرهاب والمرتزقة والمتطرفين والكذابين ومدعى الشرف والتضحيات والبطولات الزائفة. والمتعة التي أتحدث عنها هى متعة المتفرج الذى ذهب لمشاهدة مسرحية عبثية وهو يعلم ذلك لكنه يتمتع بمشاهدة العبث الذى تجلى في أفضل صوره وتكوينه والممثلين البارعين في أداء أدوارهم الوضيعة بكل شموخ، والمتعة أيضا أن تعلم أنهم يعلمون جيدا حقيقتهم المخجلة ولكنهم يظهرون عكس ذلك. هذا المكان الذى أتحدث عنه هو منطقتنا الحزينة المكلومة منطقة الشرق الأوسط التي أصبحت مسرحا بعروض مستمرة لا تتوقف لكل شيء، في مصر والسعودية وسوريا والعراق ولبنان وفلسطين واليمن وكل الدول العربية، واذا تحدثنا عن آخر العروض المسرحية فسنجد قرار الرئيس ترامب بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس والاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وهنا قامت الدنيا وهلل أصحاب الحناجر وصائدو الفرص والمتربصون، وعادت مرة أخرى القضية الفلسطينية للصدارة في نشرات الأخبار والتحليلات السياسية وكتابة المانشتات الفتاكة وامتلأت مواقع التواصل الاجتماعى بالصراخ والأقوال المأثورة المفبركة والدعاء على الحكام العرب. وظهر كذابو الزفة لإيجاد مكان لهم في مولد ونكسة الرئيس ترامب الذى زلزل الكرة الأرضية بقراره هذا وتناسى هؤلاء أن هذا، القرار كان قد صدر بموجب قانون للكونجرس عام 1995 يقر بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس ولكنه تضمن تعديلا يسمح للرئيس بتأجيل تنفيذه لمدة 6 اشهر في إطار المصالح الوطنية للبلاد، وهو ما لجأ اليه الرؤساء السابقون، بيل كلينتون، جورج بوش الابن، باراك أوباما، وذلك لعدم القضاء على تطلعات السلام، ولكن ترامب اعتاد التعامل مع الضغوط المثارة حول حكمه والغضب والتغطية الإعلامية السلبية عن إدارته بقرارات مفاجئة مصممة على أساس وعوده الانتخابية لتعزيز شعبيته مجددا واحتواء ناخبيه من اليهود وداعمى إسرائيل. وهنا لا نستطيع ان نلوم الرئيس ترامب لأنه يفعل ما يجده صائبا له ولحكمه وعلى المتضرر اللجوء الى القضاء والقانون الدولى، لأن أمريكا يجب ألا تتحكم في العالم وتمنح لهم ما لا تملك كما قال من قبل الرئيس جمال عبد الناصر، وهذا بالفعل ما أقرته كل الدول ما عدا إسرائيل وأحباءها من جيراننا الاقليميين والمنافقين الذين أظهروا عكس الحقيقة بالشعارات والتصريحات الحنجورية والتهديد والوعيد، وأنا اتحدث عن تركيا ورئيسها أردوغان الذى توعد بقطع العلاقات وملأ الدنيا صراخا ووعيدا اذا أقر ترامب هذا القرار، وتسابقت الكتائب الإلكترونية الإرهابية والمتطرفة على مواقع التواصل الاجتماعى وقنواتهم الممولة من أموال الشعب التركى المنهوبة له ولجماعته لنشر أكاذيبه والى الآن لم نجد قرارات لقطع العلاقات لأنه حليف وصديق لإسرائيل وأمريكا، حيث تضم بلاده أكبر قاعدة عسكرية أمريكية بل اعتقلت قواته المتظاهرين الأتراك الداعمين للقضية الفلسطينية والمنددين بقرار ترامب. ومثله أيضا فعلت عصابة قطر وتميم بن حمد الذى يرتمى في أحضان «نيتانياهو» من أجل ضرب مصر وتسهيل عمل الإرهابيين في سيناء وقتل أولادنا ورجال القوات المسلحة والشرطة ودعم وتمويل الإرهابيين والمتطرفين، وإعلانهم عن نقل تردد قناتهم الإرهابية على القمر الاسرائيلى حتى يستطيع الجميع مشاهدتها وهى تحرض وتدعم وتبث الشر والسموم من أجل مزيد من سفك الدماء والخراب والدمار والتحريض على مصر والسعودية والإمارات والمنطقة كلها وعلى الحكام والقادة، والزعم بتخلى مصر عن الشعب الفلسطيني والأمة العربية. وهنا لابد أن نعلم جميعا أن مصر قدمت لأمتها العربية وللقضية الفلسطينية ما لم يقدمه أحد في الماضى والحاضر وأيضا فى المستقبل. فمصر قدمت الشهداء في سبيل الأرض والشعب الفلسطيني والعربى كله، وقدمت أيضا تضحيات في اليمن أيام عبد الناصر وحتى الآن وفى كل الدول العربية، ومصر من رعت اتفاق وملف المصالحة بين فتح وحماس. هؤلاء المرتزقة والمأجورون الذين لن يضيعوا الفرصة للعبث بأقدار الشعب الفلسطيني تحت مظلة النضال وهم كاذبون وقتلة للشعب الفلسطيني وأهالينا في سيناء والعريش، ولذلك لابد ألا ننساق وراء دعاوى الشياطين وهنا لا أتحدث فقط عن أمريكا وإسرائيل، ولكنى أتحدث أيضا عن الإرهابيين ومموليهم وداعميهم وهم كثر من نفس الدين واللغة والعرق ولكنهم يقدمون عروضهم وإجرامهم وكراهيتهم وإرهابهم بشكل مستمر، ويجب أن نعلم أن الشيطان دائما في التفاصيل التي ينشرها هؤلاء الإرهابيون القتلة من التحريض على الشعوب وعلى الحكام، في ظل هذا الانهيار والخراب الذى خلفته الثورات المدمرة التي صنعها هؤلاء بأموال الأشقاء لتنفيذ مخططات الخراب المعتمده سلفا. علينا أن نعرف جيدا من هو العدو الحقيقي وكيف نتصدى له بالفعل وليس بالصراخ والشعارات الحنجورية.. وأن نتصدى لكل من ينشر الإحباط والتشاؤم والعجز والفشل والتخوين في دولنا وحكامنا وأقدارنا ومقدراتنا من أجل نشر اليأس وهو ما يعملون من أجله هؤلاء الشياطين للقضاء علينا. لمزيد من مقالات ◀ سحر عبد الرحمن