كتب: هاني عسل: ما هو الأمن النووي؟ ولماذا حرصت مصر خلال مشاركتها في مؤتمر واشنطن الأخير علي ضرورة التفريق بين مفهوم' الإرهاب النووي'NuclearTerrorism ومفهوم' الأمن النووي'NuclearSafety. لا أحد يختلف علي أهمية تضافر الجهود التي يبذلها المجتمع الدولي في سبيل تحقيق الأمن النووي للجميع, بمعني أن تكون هناك ضمانات يوفرها الإجماع العالمي بعدم تعرض أي دولة لهجوم نووي من قبل دولة أو جماعة أخري, وألا تمتلك أي دولة برنامجا نوويا يهدد سلامة الآخرين, وألا تتكرر حوادث التسرب النووي أو الإشعاعي من المفاعلات التي تستخدم الطاقة النووية, مثلما حدث في كارثة مفاعل تشير نوبل الأوكراني عام1986 م. ولكن أن يقتصر تعريف مفهوم' الأمن النووي' علي عدم وصول المواد النووية أو الانشطارية إلي أيدي الجماعات الإرهابية, فهذا هو مفهوم' الإرهاب النووي' الذي أصرت مصر علي توضيحه أمام القمة, حتي تكون التعريفات الواضحة هي السبيل إلي اتخاذ إجراءات سليمة وإيجابية وفعالة. وأن تثار أحاديث وتطلق تصريحات خلال القمة بشأن ضرورة أن يشمل مفهوم الأمن النووي عدم وصول المواد النووية أو الخبرة التكنولوجية النووية إلي دول تمتلك برامج لإنتاج الأسلحة النووية, وأن يشار في هذا الصدد إلي إيران تحديدا باعتبار أنها تسعي إلي تطوير قدراتها النووية وإلي شراء أو امتلاك الخبرات النووية من جهات أخري لكي تتمكن من أن تصبح دولة نووية, فهذا هو التناقض بعينه, باعتبار أنه كان من الأولي الحديث عن إسرائيل التي تشكل تهديدا هي الأخري, وهو ما فطنت إليه القمة في يومها الأخير عندما ورد ذكر إسرائيل أيضا. فإيران النووية تشكل بالفعل تهديدا لجيرانها والشرق الأوسط, ولأن المنطقة بالفعل ملتهبة, ولا تحتاج إلي حروب وصراعات أخري, ولا ينقصها صراع نووي, ولكن الكلام الذي كان ينبغي أن يقال ولم يتحدث عنه المشاركون في المؤتمر باستثناء مصر ومجموعة الدول الإسلامية ودول عدم الانحياز هو أن التهاب منطقة الشرق الأوسط سببه إسرائيل وليس إيران منذ عام1948 م, وأن الحديث عن البرنامج النووي الإيراني لا يقنع أحدا في المنطقة ممن يعتبرون أن إسرائيل هي التهديد الأول والأخير لوجودهم وأمنهم, خاصة أن حالة الحصانة الدولية المريبة التي تتمتع بها القدرات النووية الإسرائيلية والغموض الذي يكتنف برنامجها النووي تضفي مزيدا من المخاوف بين شعوب المنطقة بشأن احتمال أن تلجأ إسرائيل إلي استخدام هذه القوة المدمرة في أي صراع مستقبلي لها في المنطقة. ومما زاد من ضعف موقف إسرائيل' هروب' رئيس الوزراء بنيامين نيتانياهو عن حضور المؤتمر شأنه شأن الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد خوفا من الانتقادات والجهود الدبلوماسية التي قادتها مصر وتركيا ومعهما دول عدم الانحياز بشأن البرنامج النووي الإسرائيلي, وإصرار أصحاب هذه الجهود علي توسيع مفهوم المؤتمر ليصبح الحديث فيه عن' الأمن النووي' وليس' الإرهاب وكم كان مهما للغاية أن تؤكد مصر في بيانها أمام المؤتمر ضرورة توسيع مفهوم الأمن النووي, وهو ما بدا أيضا من خلال الرسالة التي بعث بها الرئيس مبارك إلي نظيره الأمريكي باراك أوباما وسلمها وزير الخارجية أحمد أبو الغيط إلي جوزيف بايدن نائب الرئيس الأمريكي, حيث تم التأكيد خلالها علي ضرورة العمل علي إخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل, فضلا عن وجود توافق تام بشأن تأمين المواد النووية بصفة عامة, ونجحت هذه الجهود في دفع أوباما إلي الحديث عن إسرائيل في اليوم الأخير من المؤتمر بالفعل.