إحالة 6 مشروعات قوانين للجان النوعية بالبرلمان    تربية رياضية بنها تحصل على المركز الأول في المهرجان الفنى للمسرحية    أسعار الذهب اليوم الاثنين 20-5-2024 (آخر تحديث)    مدبولي يعاين أعمال الحفر من داخل أحد أنفاق المترو    تنفيذ أعمال صيانة ونظافة 1834 عمارة إسكان اجتماعي بأكتوبر الجديدة    أسعار السمك اليوم الاثنين 20-5-2024 في محافظة قنا    وزيرة البيئة: تدوير المخلفات يساعد الدولة على الوفاء بالتزاماتها تجاه التغيرات المناخية    الهلال الأحمر الإيرانى: انتشال جثث الرئيس إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته ومرافقيهما من موقع حادث تحطم المروحية    الاثنين 20 مايو 2024.. ارتفاع مؤشرات البورصة فى بداية تعاملات اليوم    تداول 15 ألف طن و818 شاحنة بضائع عامة ومتنوعة بمواني البحر الأحمر    تعيين علي باقري وزيرا للخارجية الإيرانية خلفا لعبد اللهيان    خبير في العلاقات الدولية: إسرائيل تستخدم سلاح الجوع لكسر صمود الشعب الفلسطيني    الأسد: عملنا مع الرئيس الإيراني الراحل لتبقى العلاقات السورية والإيرانية مزدهرة    ماذا نعرف عن وزير خارجية إيران بعد مصرعه على طائرة رئيسي؟    أخبار الأهلي: تحديد مدة غياب علي معلول    ارتياح بين طلاب الشهادة الإعدادية بالشرقية بعد امتحان الإنجليزي (صور)    حرامي ضربه بالنار.. مقتل مواطن داخل منزله فى قنا    في ذكرى وفاته.. سمير غانم «نجم» المتلقى الدولى للكاريكاتير 2024    أتزوج أم أجعل امى تحج؟.. وكيل وزارة الأوقاف يوضح    «رمد بورسعيد» يحصل على الاعتراف الدولي للمستشفيات الخضراء«GGHH»    لمرضى الضغط المرتفع.. احذر هذه الأطعمة خلال الموجة الحارة    8 بطولات في 9 سنوات، مسيرة كلوب مع ليفربول    جامعة بنها تنظم المؤتمر السنوي الثالث لطلاب الدراسات العليا فى مجال العلوم التطبيقية    تقارير تكشف آخر تطورات تجديد خيسوس مع الهلال السعودي    قبل نظر جلسة الاستئناف على حبسه، اعترافات المتسبب في مصرع أشرف عبد الغفور    طريقة عمل العدس بجبة بمكونات بسيطة    السوداني يؤكد تضامن العراق مع إيران بوفاة رئيسها    اليوم.. محاكمة طبيب نساء بتهمة إجراء عمليات إجهاض داخل عيادته    دعاء النبي للتخفيف من الحرارة المرتفعة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 20-5-2024    باكستان تعلن يوما للحداد على الرئيس الإيرانى ووزير خارجيته عقب تحطم المروحية    السيطرة على حريق بمنفذ لبيع اللحوم فى الدقهلية    تفاصيل الحالة المرورية اليوم الإثنين 20 مايو 2024    نجمات العالم في حفل غداء Kering Women in Motion بمهرجان كان (فيديو)    عمر كمال الشناوي: مقارنتي بجدي «ظالمة»    أول صورة لحطام مروحية الرئيس الإيراني    فلسطين.. شهداء وحرجى في سلسلة غارات إسرائيلية على قطاع غزة    ما حكم سرقة الأفكار والإبداع؟.. «الإفتاء» تجيب    محمد عادل إمام يروج لفيلم «اللعب مع العيال»    معوض: نتيجة الذهاب سبب تتويج الزمالك بالكونفدرالية    روقا: وصولنا لنهائي أي بطولة يعني ضرورة.. وسأعود للمشاركة قريبا    خلال أيام.. موعد إعلان نتيجة الصف السادس الابتدائي الترم الثاني (الرابط والخطوات)    تسنيم: انقطاع الاتصالات السلكية واللاسلكية والراديو في منطقة سقوط المروحية    سمير صبري ل قصواء الخلالي: مصر أنفقت 10 تريليونات جنيه على البنية التحتية منذ 2014    الأميرة رشا يسري ل«بين السطور»: دور مصر بشأن السلام في المنطقة يثمنه العالم    دعاء الرياح مستحب ومستجاب.. «اللهم إني أسألك خيرها»    قبل إغلاقها.. منح دراسية في الخارج للطلاب المصريين في اليابان وألمانيا 2024    لبيب: نملك جهاز فني على مستوى عال.. ونعمل مخلصين لإسعاد جماهير الزمالك    الشماريخ تعرض 6 لاعبين بالزمالك للمساءلة القانونية عقب نهائي الكونفدرالية    اليوم.. علي معلول يخضع لعملية جراحية في وتر أكيليس    استشهاد رائد الحوسبة العربية الحاج "صادق الشرقاوي "بمعتقله نتيجة القتل الطبي    استعدادات عيد الأضحى في قطر 2024: تواريخ الإجازة وتقاليد الاحتفال    مصدر أمني يكشف حقيقة حدوث سرقات بالمطارات المصرية    الإعلامية ريهام عياد تعلن طلاقها    نقيب الأطباء: قانون إدارة المنشآت الصحية يتيح الاستغناء عن 75% من العاملين    حتى يكون لها ظهير صناعي.. "تعليم النواب" توصي بعدم إنشاء أي جامعات تكنولوجية جديدة    أيمن محسب: قانون إدارة المنشآت الصحية لن يمس حقوق منتفعى التأمين الصحى الشامل    تقديم الخدمات الطبية ل1528مواطناً بقافلة مجانية بقلين فى كفر الشيخ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بريد الجمعة يكتبه أحمد البرى
دموع الصباح!
نشر في الأهرام اليومي يوم 15 - 12 - 2017

فى لحظة ضيق وجدتنى أكتب إليك هذه الرسالة كنوع من الفضفضة عسى أن تسرى عنى بعض همومى وآلامى ومتاعبى التى كابدتها على مر الزمان، ومازلت أتجرع مرارتها حتى الآن، فأنا سيدة أقترب من سن السبعين، ولدت فى قرية صغيرة لأسرة بسيطة وأبوين فقيرين، لم يلتحقا بالتعليم، ولم يهتما بتعليمنا أنا وأخوتى، وكم تمنيت أن أحصل على دبلوم متوسط مثل كثيرات من زميلاتى اللاتى نلن قسطا من التعليم، ولكن هيهات أن يقتنع أهلى بموهبتى وذكائى، وقدرتى على تحصيل المعارف والعلوم، وخرجت من المدرسة من الصف السادس الابتدائى لكى أتزوج العريس الذى جذبه جمالى، فلقد حبانى الله بجمال أخاذ، ووجه مريح..هكذا وصفونى فى صغرى، وبصراحة شديدة فإننى لم أقف طوال عمرى أمام مرآة، أو يخطر ببالى أن أرتدى ملابس غالية أو حتى جديدة، ولم تدع أسرتى لى فرصة للاختيار، فالعريس من عائلة ثرية، تملك أراضى زراعية بمساحات واسعة، وأى بنت تتمناه ممن هم فى نفس ثرائهم، فمن أنا لكى أرفضه أو يكون لى رأى فيه..لقد سلمت أمرى لله، وتزوجته، وانتقلت إلى حجرة فى بيت عائلته، والحق أنه عاملنى بلطف وود، وكنا صغيرين وقتها، ولم ينغص حياتى وقتها سوى أبيه وأشقائه، ولكنى تحمّلت متاعبهم وإساءاتهم المتكررة لى، وكان زوجى يخرج معهم كل صباح إلى الأرض ويعودون إلينا آخر اليوم عندما نكون قد جهّزنا الطعام لتناول العشاء، وبعد عدة شهور خرج زوجى إلى المدينة المجاورة لقضاء بعض المشاوير التى كلفه بها أبوه، فأصيب فى حادث ولم يعد قادرا على العمل فى الفلاحة، فصرنا منبوذين من أخوته، وكنت وقتها قد أنجبت ابنى الأكبر، ولم يعبأ أبوه بما فعلوه، ولم يردعهم أو حتى يقول لهم عيب، وزاد الطين بلة أنهم منعوا عنا الطعام، وأصبح حال الشحاذين أفضل من حالنا، فذهبت إلى أبى وقلت له «هيه دى العيلة الغنية اللى جوزتنى فيها؟»، فسكت ولم يرد، فانهرت باكية، وعدت من حيث أتيت، فوجدت زوجى قد جمع متعلقاتنا البسيطة، وقال لى: «إن أرض الله واسعة فلنذهب إلى بلد آخر نجد فيه راحتنا»، وشددنا الرحال إلى منطقة شعبية بالقاهرة، وطرق أبوابا كثيرة للعمل، واستقر فى النهاية بعمل بسيط يناسب حالته الصحية ولكن مرتبه منه ضئيل، وحمدنا الله على نعمته، وبرغم صغر سنى، كنت أدرك بالفطرة أن بإمكان المرء تدبير احتياجاته الضرورية بأى مبلغ، وأن رزق ربنا دائما خير، ومرت سنوات أنجبت خلالها ست بنات، فزاد العبء، وبعثت إلى أهل زوجى من يشرح لهم أوضاعنا، ويذكرهم بحقه فى الأرض الزراعية وأملاك أبيه، وأن الحياة المريرة التى نحياها «سبة» فى جبينهم، لكنهم بكل خسة ووضاعة ردوا عليه بقولهم: إذا لم يكن قادرا على تعليم أولاده، من الممكن أن يشغلهم فى أى مصنع أو ورشة لكى ينفقوا على أنفسهم، ونزل علىّ ردهم كالصاعقة، فخرجت إلى العمل فى بيع الخضراوات والفواكه على ناصية الشارع الذى نسكن فيه، وببركة الله تحسنت حالتنا المادية كثيرا، وتفوق أبنائى جميعا، وحرمنا أنا وزوجى أنفسنا من أشياء كثيرة حتى الملابس كنا نستخدمها بالسنوات دون أن نشترى ولو زيا واحدا جديدا، ومع هذا سعدنا بحياتنا، وعشنا فى راحة بال ربما افتقدها أهل زوجى بسبب أفعالهم، وعدم مساواتهم بين أبنائهم.
وشاء القدر أن يمرض زوجى، ولزم الفراش أربع سنوات، وزادت المسئولية على كاهلى بصورة تفوق قدرتى على التحمل، سواء فى تربية الأولاد وتوفير متطلباتهم، أو فى طرق أبواب الأطباء والمستشفيات وتدبير ثمن العلاج، فعاودت طلب المساعدة من أهل زوجى لكنهم كالعادة تجاهلوا ما نعانيه، بل إننى أحسست من الردود الواردة على ألسنتهم أنهم «شمتوا» فينا، وكأن ما نتعرض له من متاعب جلبناها لأنفسنا بأيدينا، ونسوا أنهم طردونا، وأن غدا لناظره قريب.
ومرت الأيام بمرارتها الشديدة، وحصل إبنى على دبلوم متوسط، وعمل باليومية فى إحدى الورش، وتزوج وأنجب بنتين وولدا، وصارت له حياته المستقلة، والتحقت البنات تباعا بالمدارس والجامعات، واشتد المرض على زوجى، ثم رحل عن الحياة، وبعد أقل من عشرة شهور لحقه ابننا فجأة وسط صراخ وعويل وذهول الجميع، وتجمع الجيران حولنا ولم يتركونا فى محنتنا..كل هذا فى غياب تام للأهل، وقد تطوع رجل فاضل بالذهاب إليهم لكى يؤازرونا فى محنتنا، وللأسف خاب مسعاه بسبب التعنت الشديد من جانبهم، ثم مات والد زوجى، وطلبنا ميراث أبنائى عن جدهم لكن عمهم الأكبر أخذ حقوقهم بحجة أنه ليس لهم حق فى الميراث، لأن زوجى مات قبل أبيه، فأوكلت أمرى إلى خالقى، وقلت: «حسبنا الله ونعم الوكيل فيمن ظلمنا».
ومر على رحيل زوجى وإبنى أكثر من خمسة عشر عاما تحمّلت فيها الفقر والحزن والمرض والديون، وتراكم إيجار الشقة لدرجة أننا بتنا مهددين بالطرد فى أى لحظة، ومهما وصفت حالة «الضنك والعذاب والحرمان» التى عشتها، فلن أستطيع، ولكن الله لم ينسنى، وبعونه وتعالى تمكنت من تزويج خمس بنات استقررن جميعا فى بيوتهن، وانشغلن بحياتهن دون أن يسألن عنى، كما تزوجت أرملة إبنى وتركت لى أبناءهما الثلاثة، ومع كبر سنى أصبت بالعديد من الأمراض المزمنة، وتعرضت لجلطة فى القلب كادت تنهى حياتى لكن الله نجانى منها.
لقد كان عطاء الله لى فوق ما يتخيله أحد، وأدركت فعلا أن من يتوكل على الله فهو حسبه، وقد أردت أن أعرض رحلتى الشاقة فى الحياة لكى ندرك جميعا أن لنا ربا لا ينسانا، وأحمده حمدا يليق بجلاله على توفيقى فى مشوارى مع أبنائى، وتبقى محطتان فيه، الأولى: مع صغرى بناتى التى تستعد للزواج بعد شهور، والثانية: مع أولاد إبنى، وكم أتمنى أن أطمئن عليهم قبل أن أودع الحياة، فالدموع لا تفارقنى كل صباح عندما أصحو من نومى ولا أجد سندا ومعينا يساعدنى على الوصول بهم إلى بر الأمان، ولا تهمنى نفسى أبدا، وأرجوك أن تدعو الله أن يلهمنى الصبر والقدرة على استكمال مهمتى على خير، ولك منى التحية والسلام.
ولكاتبة هذه الرسالة أقول :
يا الله.. أبعد كل ما قدمتيه لبناتك اللاتى تخرجن فى الكليات وتزوجن وصارت لهن بيوت مستقرة يتخلين عنك ويتركنك أنت وأختهن الصغرى، وأبناء شقيقهن الراحل بلا سند ولا معين متناسيات ما قدمته لهن؟.. لقد ذكرتنى رسالتك بما روته لى مديرة لدار مسنين عن بنات أحضرن إليها سيدة، وقلن لها أنهن وجدنها تحت شجرة، وكانت هذه السيدة ترتدى ملابس رثة، فأخذتها منهن، ولم تمكث بعدها أياما معدودة ثم ماتت، وعرفت فيما بعد أنها أمهن، وقتها سالت الدموع من عينىّ رغما عنى، ولم أستطع أن أتماسك أمامها من وقع الصدمة التى أصابتنى لإساءة معاملة الأم إلى هذه الدرجة، ووجدتنى أردد مع الشاعر قوله:
تركت أباك مرعشة يداه وأمك ما تسيغ لها شرابا
وإنك والتماس الأجر بعدى كباغى الماء يتبع السرابا
إننى من كثرة ما وجدته من عقوق الأبناء، أشعر بأنه يلوح فى قلب كل أب وأم تساؤلات عديدة، منها: هل يجحد أبنائى يوما عطائى وتضحيتى من أجلهم؟، وهل يلقون بنا على هامش الحياة، وكأننا عبء عليهم كالزيارة التى يتنفسون منها الصعداء لثقلها على كواهلهم، بينما يقضون الجانب الأكبر من أوقاتهم بكل نشوة وسعادة بصحبة آخرين؟.
والحقيقة أن بناتك افتقدن النموذج الجيد الذى يسرن على هديه، فلقد وجدن جدهن وأعمامهن ينبذون أباهن بعد الحادث الذى وقع له، وأخرجوه من بيت العائلة، وقطعوا كل صلة لهم به، وللأسف لم يقدرن ما قدمته لهن، فصرن على شاكلة أهلهن، بعد أن افتقدن النموذج والقدوة، ولم تتوقف أخطاء الجد والأعمام عند هذا الحد، بل إنهم تمادوا فى ظلمهم لكم بعدم إعطائكم نصيب زوجك فى الميراث، فيما يعرف ب «الوصية الواجبة»، إذ للجد أن يوصى لأولاد إبنه المتوفى فى حياته بشىء من ماله حتى يكفيهم متطلبات الحياة، ويبعدهم عن سؤال الناس، فليس من الحكمة تركهم يقاسون الفقر والحاجة بعد أن قاسوا اليتم لموت أبيهم الذى لو قُدِّر له أن يعيش إلى موت أبيه لورث كما ورث أخوته.
إننى أحس بكلماتك الصادقة وكأنك تقولين لبناتك اللاتى تخلين عنك بعد أن تخلى الأهل عنكم جميعا: «إن ما اقترفتن من نكران الجميل، وجحود كل ما قدمته لكن على مر السنين، خطأ فى حقى وحق أختكن، وأبناء شقيقكن الراحل»، وأرجو أن يكون ذلك شعورهن أيضا، فيأسفن له، ويعدن الروابط معك، بعد أن أفنيت حياتك من أجل تربيتهن بل ويسعدنك دائما بكلمات طيبة وعبارات تبعث فى نفسك الراحة والأمان.
إننا يا سيدتى مطالبون دائما بألا نبخل بالمدح والإطراء لمن يسدون لنا صنيعا رائعا على غرار ما قدمته لبناتك، حيث أن مفعول المدح على المسامع يزيد حجم العلاقة وأواصر التقارب بين الناس، ولن يكلفنا ذلك شيئا، فما بالنا لو أن الأمر يتعلق بالآباء والأمهات؟، وخصوصا بالنسبة لك، إذ تحملت المسئولية منذ اليوم الأول لزواجك بل وتؤدينها حتى الآن، وأنت فى سن الجلال والاحترام.. نعم فلقد ضحيت براحتك وأفنيت عمرك من أجلهن، خصوصا بعد موت زوجك وابنك فى عام واحد، واستطعت باقتدار «ترشيد أحزانك»، فعشت واقعك الجديد، وتحولت من حالة الضعف إلى حالة «القوة» وربيت بناتك الست، وما زلت تربين أحفادك الثلاثة من إبنك الراحل خير تربية، ولولا صلابتك وتماسكك لانهرت أمام الأعاصير التى اجتاحت حياتك، وقد زاد من قوتك، إيمانك بالله، وتوكلك عليه، وإدراكك أن «الترمل» ليس نهاية الدنيا، بل هو بداية لمسيرة كفاح طويلة لابد منها، وهكذا لم تتحسرى على ما فات، وإنما تطلعت إلى ما هو آت، وخططت للمستقبل كأفضل الخبراء، وأديت مهمتك بنجاح لا يحققه كثيرون من الرجال، ولذلك أحسب أنك قادرة على استكمال المشوار مع أحفادك وابنتك الصغرى بنفس العزيمة والإصرار، وإننى أستصرخ بناتك الخمس وأزواجهن أن يستمعوا إلى نداء العقل، وألا تغرهم الحياة الدنيا، وليتذكروا مشوار كفاحك الطويل، وبأنهم إن لم يساندوك اليوم، فسوف يندمون غدا..هكذا تقول تجارب الحياة، أما أعمام أولادك فلسوف يتجرعون كأس المرارة ولن تغنيهم أموالهم ولا أولادهم، وأحذرهم من غضب الله، ولن يرد هذا الغضب سوى إعادة حقوقكم المسلوبة إليكم، كما أحذر كل الظالمين من أكل حقوق الآخرين بالباطل، ويكفيك يا سيدتى أن توجهى دعاءك إلى المولى عز وجل بقولك: «حسبنا الله ونعم الوكيل»، وليتهم يدركون قيمة هذا الدعاء الذى لا يرده الله لمظلوم، فلا تحزنى، وثقى فى أن الله يدخر لك أجرا عظيما لكل ما قدمته لأولادك وأحفادك، وانتظرى جوائز السماء قريبا بإذن الله عندما تتحول «دموع الصباح» إلى ابتسامة دائمة، بروحك الطيبة، وإيمانك العميق، وهو وحده المستعان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.