كتب:مروة البشير كان جعفر بن أبي طالب من السابقين إلي الإسلام أسلم بعد أخيه علي بن أبي طالب بقليل وكان ترتيبه الثاني والثلاثين في الدخول إلي الإسلام وكان أكبر من علي بعشر سنين وكان رضي الله عنه من المهاجرين الأوائل إلي الحبشة فرارا إلي الله بالدين والعقيدة. يقول الدكتور سالم مرة استاذ الفقه بجامعة الأزهر تحمل جعفر رضي الله عنه في الحبشة مسئولية الدفاع عن المسلمين فحين أوفدت قريش عبدالله بن أبي ربيعة وعمرو بن العاص إلي النجاشي ملك الحبشة ليرد المسلمين المهاجرين إلي قريش وبعثت معهما بأثمن الهدايا للنجاشي وحاشيته في محاولة لكسب ودهم وتأييدهم, وحاولا إيغار صدر النجاشي وتحريضه علي المسلمين بالكذب والوقيعة, حينئذ تصدي جعفر رضي الله عنه لأكاذيب أهل الكفر ومكايدهم, وقال للنجاشي: أيها الملك كنا قوما أهل جاهلية نعبد الأصنام ونأكل الميتة ونقطع الأرحام ونسييء الجوار ويأكل القوي منا الضعيف فكنا علي ذلك حتي بعث الله إلينا رسولا منا نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه فدعانا إلي الله لنعبده ونوحده ونخلع ما كنا نعبد نحن وأباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان, وأمرنا بصدق الحديث وأداء الأمانة وصلة الرحم وحسن الجوار وعدد أمور من الإسلام, ثم قرأ صدر من سورة مريم فبكي النجاشي حتي اتبلت لحيته, وقال: إن هذا والذي جاء به عيسي ليخرج من مشكاة واحدة, انطلقا فوالله لأسلمهم إليكما, لقد كان جعفر يحمل راية الدفاع عن الإسلام والمسلمين في الحبشة ويتصدي لأكاذيب قريش في الوقت الذي كان فيه أبوه بمكة يمنع ويدفع أذي المشركين عن النبي صلي الله عليه وسلم, وظل جعفر بالحبشة حتي السنة السابعة من الهجرة وعندما رجع وقدم علي النبي صلي الله عليه وسلم وكان ذلك يوم فتح خيبر,فقال الرسول: ما أدري بأيهما أسر بفتح خيبر أم بقدوم جعفر, وفي المدينة لقي جعفر عصا الترحال بعد سنوات طوال من الهجرة والاغتراب في سبيل الله,وبلغ جعفر منزلة رفيعة في نفوس المسلمين إذ سمعوا رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول له: اشبهت خلقي وخلقي. ويضيف الدكتور سالم مرة أنه في العام التالي لعودته من الحبشة خرج مع الجيش المتوجه إلي غزوة مؤته وجعل له النبي صلي الله عليه وسلم القيادة بعد أمير الجيش زيد بن حارثة, فلما استشهد زيد بعد أن حمل راية رسول الله وقاتل بها قتال الأبطال, تلقف جعفر الراية فقاتل بها حتي قتل, وفي وصف قتاله واستشهاده, يقول ابن هشام: إن جعفر بن أبي طالب أخذ اللواء بيمينه فقطعت فاحتضنه بعضديه حتي قتل, جاء جبريل عليه السلام بعد استشهاد جعفر رضي الله عنه فأخبر النبي صلي الله عليه وسلم أن الله جعل لجعفر جناحين مضرجين بالدماء يطير بهما مع الملائكة.