فى أكتوبر الفائت مرت الذكرى الخامسة لرحيل المخرج المسرحى والممثل والمترجم والأكاديمى «هناء عبد الفتاح» (13 ديسمبر 1944 - 19 أكتوبر 2012). وكانت حياة «هناء عبد الفتاح» زاخرة بالإبداعات، والاهتمامات الثقافية، لكن شغفه الأساسى كان بالمسرح. وقد قضى قرابة 20 عاماً فى بولندا بالدراسة والعمل، حيث حاز الماجستير فى الإخراج، ودكتوراه بالعلوم الإنسانية من أكاديمية المسرح بوارسو، عاد بعدها إلى مصر فى مطلع التسعينيات، ليقدم بصمته الإبداعية كمخرج وناقد مسرحى، وأستاذ بالمعهد العالى للفنون المسرحية. وكان الجمهور قد عرفه فى الخمسينيات والستينيات عبر عدد من الأفلام، والبرامج الإذاعية، ثم عاد إلى السينما فى العقد الأخير من حياته، فظهر فى أفلام مثل السفارة فى العمارة (2005)، والشبح (2007) ، ومرجان أحمد مرجان (2007)، وحسن ومرقص (2008)، وزى النهاردة (2008)، وابن القنصل (2010). كما ظهر فى مسلسلات أم كلثوم (1999)، وعايزه أتجوز (2010)، وأهل كايرو (2010)، وفرقة ناجى عطا الله (2012)، وغيرها.وبجانب المسرح والتمثيل، كان هناء عبد الفتاح همزة وصل قوية بين الثقافتين البولندية والعربية، ليس عبر المسرح، بل عبر كتاباته وترجماته عن المسرح والدراما والأدب. ومن أهم إسهاماته ترجمة كتاب «جماليات فنون الإخراج» ل «زيجمونت هيبنير» «Zygmunt Hubner»،(1930-1989)، أحد أهم الممثلين والمخرجين والأكاديميين البولنديين، ونشر الكتاب فى 1993، ويتضمن وصفا دقيقا، و فكاهيا ربما لمشاكل الإخراج فى المسرح والسينما. وهو عبارة عن مجموعة من أفكار وملاحظات ل «هيبنير» توضح تاريخ وتطور مهنة الإخراج، ليصبح من أهم الكتب عن فن الإخراج. وفى العام نفسه ترجم كتاب «دروس من مسرح جروتوفسكى» (Jerzy Grotowski، 1933-1999)، وهو مخرج وباحث مسرحى وتربوى بولندى، يشار إليه باعتباره مؤسس أسلوب التمثيل الجديد، ويقدم المسرح ليس باعتباره مجرد عرض، بل كجزء من بحث روحانى شامل داخل النفس والروح الإنسانية. وفى 1997 نشر هناء عبدالفتاح ترجمة كتاب «المسرح الفقير» ل «جروتوفسكى». ثم قدم عبد الفتاح صانعى مسرح بولنديين آخرين بالترجمة أو الكتابة عنهم مثل «تادووش كانتور» (Tadeusz Kantor)، و«جوزيف شاينا» (Jozef [Joseph] Szajna)، كما قدم بعض الكتاب أيضا فى كتاب بعنوان «مختارات من المسرح البولندى المعاصر » فى (2009). وقام بترجمة أعمال مسرحية لكُتَّاب مثل «تادووش روجيفيتش» (Tadeusz Rozewicz)، و«سوافومير مروجيك» (Slawomir Mrozek)، و«برونو ياشينسكى» (Bruno Jasienski)، و«إيرينيوش إيريدينسكى» (Ireneusz Iredynski)، كما قام بإخراج نصوص مسرحية ل «ياشينسكى» و«إيريدينسكى». كما ترجم قصصا قصيرة لا حصر لها لكتاب بولنديين، مثل «تشيسواف ميووش» (Czeslaw Milosz)، و«فيسوافا شيمبورسكا» (Wisawa Szymborska)، الفائزين بنوبل للآداب، إضافة إلى عديد من الشعراء، وراجع الشاعر «أحمد عبد المعطى حجازى» هذه الترجمات، كما تم تقديم هؤلاء الشعراء فى «البرنامج الثقافى» بالمسلسل الإذاعى «شعراء وقصائدهم» من 1995 إلى 1999. وكان هذا جزءا من إيمانه بأن الترجمة رابط مباشر بين الثقافتين اللتين اعتز بهما. وبدعم من زوجته «دوروتا متولى»، والتى قدمت بدورها ترجمات عديدة، تمكن عبد الفتاح من عبور الحدود الجغرافية واللغوية، وهى موهبة حصد عليها جوائز عديدة ستبقى فى سجلات المسرح المصرى.