لم تقف ايران وسلسلة توابعها في المنطقة وتحديدا حزب الله عند التمادي في العدوان، بل تجاوزت كل الحدود ولم تكتف بتهديد المنطقة وشعوبها في العراق وسوريا ولبنان واليمن، بل تواصل التصعيد حد الظن أن بامكانها التطاول على المملكة العربية السعودية، وليس أدل على ذلك من اطلاق الحوثيين لصاروخ ايراني على الرياض. لم يعد ممكنا السكوت ولم يعد مقبولا أن يختبئ البعض وراء انصاف المواقف، فالعالم العربي مهدد بكل ما تعنيه الكلمة، وحين تواصل عواصم اقليمية اطماعها ازاء دول المنطقة وشعوبها وثرواتها، عبر مس الأمن والاستقرار ومواصلة التدخلات، يصير لازما اتخاذ موقف مختلف وتشكيل معسكر وموقف عربي يدرك المخاطر التي نواجهها جميعا. لاجل ذلك كله نتطلع إلى مؤتمر وزراء الخارجية العرب اليوم الأحد في القاهرة، وهو مؤتمر مهم جدا ويأتي في توقيت حساس، ولابد فيه من بلورة موقف محدد واضح ازاء طهران وحزب الله، وما يجري في اليمن من محاولات تشكيل لدويلة تابعة لإيران. وزير الدولة للشئون الخارجية بالإمارات الدكتور أنور قرقاش تحدث بصراحة وتكثيف حول الواقع الذي نواجهه جميعا، وقال في تغريدات له «إن هناك من يحاول أن يروج للدور السياسي للاتراك أو الايرانيين في سياق السعي لتقويض الموقف السعودي أو المصري، وأن هذا اللغط الذي يحيط بالمنطقة لمصالح ضيقة أو لمصالح دول اقليمية، يثبت ضرورة الخروج بموقف عربي موحد يصون سيادة المنطقة، وهكذا موقف لابد أن يستند الى البعد السعودي والمصرى». كل يوم يمر دون حسم كثير من الأزمات التي تحيط بنا يشكل خطرا كبيرا على الواقع وعلى المستقبل المنظور، خاصة وأن هناك تحالفات يتم عقدها كما يتم اعادة تشكيل تحالفات وفقا للمصالح الطارئة، ونلاحظ بشكل واضح أن هناك دولا عربية لم تعد تخجل أبدا من وضع يدها في يد عواصم اقليمية تريد في الأساس نشر الفوضى والخراب، وهذا موقف غريب إذ يقف العربي ضد العربي، ولايكتفي بموقف سلبي بل يجنح إلى تجنيد كل امكاناته وعلاقاته ومصادر قوته، ويسخرها خدمة لغرباء، لا يريدون لنا خيرا ويتمنون لشعوبنا كل أنواع الشرور. مؤتمر وزراء الخارجية العرب اليوم مهم جدا، لكن لابد من خارطة طريق للعرب يحددون فيها أولوياتهم التي من أبرزها صد كل الاخطار الإقليمية واتخاذ موقف جماعي لحماية المكتسبات، إضافة إلى نبذ كل طرف عربي يخرج عن هذا الإجماع وتسخير كل الامكانات لمواجهة التدخلات والعدوان من أجل ترسيخ واستمرار النماء والازدهار، بدلا مما نراه من حروب تسببت بها أطراف اقليمية في الأساس جراء مشاريعها التوسعية، فلا رحمت ناسها ولا رحمت بقية الشعوب. لقد اثبتت الأيام أن المعسكر الإيراني وسلسلة توابعه لايفهمون رسالة حسن الجوار، ولا يلتقطون رسائل المصالحة، ويتعمدون أن يتسببوا بأذى كبير للجوار القريب والبعيد، وهذا يعني أن كثرة الحديث عن تحسين العلاقات أو الوصول إلى تسويات، أو تغيير الادوار الوظيفية لكل السلسلة التابعة لإيران مجرد وهم، ومضيعة للوقت ومراهنة على السراب. نريد إجراءات على الارض تصون أمن واستقرار العالم العربي، تردع الايرانيين ومن والاهم وتعيد صياغة المنطقة حتى يسترد أهلها الأمل في هذه الحياة. لمزيد من مقالات منى بوسمرة