بعد مرور أكثر من 100 عام على وعد بلفور يبقى الوضع القانونى لأكبر جريمة استعمارية فى تاريخ الوطن العربى أمر يجب الوقوف أمامه وتحليله، باعتبار أن اللجوء للتحكيم الدولي واستخدام الامكانات القانونية العربية التى تتمثل فى خبراء القانون الدولى هى طاقة النور الأخيرة التى قد تفتح للفلسطينيين باب الأمل فى إقامة دولتهم ونسف أحقية الاحتلال في إقامة دولة على الأراضى المحتلة بعد فشل الحل العسكرى والتفاوض لأكثر من 100 عام هي عمر وعد ما لا يملك لمن لا يستحق. وفى هذا الشأن أكد المستشار حسن أحمد عمر الخبير فى القانون الدولى ل»الأهرام» أن وعد بلفور كوثيقة هو حجة قانونية ضد الاحتلال الإسرائيلى، حيث أنه استنفد بصدور صك الانتداب البريطانى علي فلسطين الصادر عن عصبة الاممالمتحدة عام 1922، وهو ما يبرر محاربة الحركات اليهودية لسلطة الانتداب البريطاني فى فلسطين فى ذلك الوقت وارتكاب الكثير من العمليات الارهابية مثل تفجير فندق النبى داود ، مضيفا أن الصك أسقط حلم اليهود فى إقامة دولة لهم في فلسطين، حيث إن المادة السابعة من الصك ألزمت حكومة الانتداب بإصدار قانون للجنسية الفلسطينية يمنح لليهود المقيمين وقتها في فلسطين علي أن يتم وقف الهجرة اليهودية إلي فلسطين. ويقول عمر إن المفاجأة القانونية هنا هى أن وعد بلفور لم يعط لليهود الحق فى إقامة دولة في فلسطين وإنما منحهم الحق فقط في الحصول علي ملجأ فى فلسطين وشتان ما بين الوطن والملجأ حتى أنهم عند صياغة بنود الوعد تم استخدام صيغة النكرة في صياغة لفظ ملجأ حتي يتسني لهم إقامة أكثر من ملجأ في دول أخري مثل الارجنتين وأوغندا، ويضيف أن ما يعزز قوله بأن الوعد أعطى لليهود حق إقامة ملجأ وليس دولة هو أن الحقوق التي منحت لليهود من وعد بلفور هي حقوق مدنية ودينية وليست سياسية، وفي حالة تعارضها مع حقوق السكان الأصليين الأولية يعطى الأولوية لحقوق السكان الأصليين وهو ما ينفي فكرة إقامة الدولة من الأساس . أمر آخر في غاية الأهمية تطرق إليه عمر هو أن الوعد حرص في آخر فقرة به علي أن يحتفظ لليهود بحقوقهم السياسية في أوطانهم الأصلية بما فيها حق العودة ، بالإضافة إلى أن مادة الجنسية الفلسطينية سلبتهم الحق في حلمهم بإقامة دولة إسرائيلية . ومن جانبه، أكد بركات الفرا السفير الفلسطيني السابق في القاهرة ورئيس جمعية الصداقة المصرية الفلسطينية، أن وعد بلفور مخالف لكل القوانين والشرائع الدولية وذلك لأن آرثر بلفور وزير الخارجية البريطاني أعطي ما لا يملك لمن لا يستحق وبالتالي فهو من الناحية القانونية باطل وكذلك ما ترتب عليه من مصائب حلت بالشعب الفلسطيني والأمة العربية ، ومن ثم فمن حق الشعب الفلسطيني أن يطالب الحكومة البريطانية بتحمل مسئوليتها ورفع الظلم الذى أوقعته على الفلسطينيين . وأضاف الفرا ، أن حق الشعب الفلسطيني فى هذا الأمر لا يسقط بالتقادم حتى إن مر عليه مئات السنين لأنه أمر مخالف لكل القوانين الدولية و لميثاق الأممالمتحدة وحقوق الإنسان وللاتفاقيات الموقعة فى إطار المنظمة الدولية. أما أحمد فؤاد أنور أستاذ الدراسات العبرية، فقد وصف الوعد بالسقطة التاريخية لبريطانيا، وعليها أن تصوب هذا الخطأ الذى ورطها فيه عدد من الساسة البريطانيين حينما انحازوا للعصابات الصهيونية التى كانت تبحث عن قوى عظمى يحتمون خلفها وتقوم بدعمهم ، وبالفعل عندما دخلت القوات البريطانية فلسطين عام 1917 ساد حكم عسكري لمدة 3 سنوات أعقبها تولى يهودى بريطانى منصب المندوب السامى البريطانى على فلسطين وهو ما ساعد بعد ذلك فى ارتكاب مجازر بحق الفلسطينيين والاستيلاء على أراضيهم رغم المزاعم التي روجت حول تحجيم أعداد المهاجرين اليهود لفلسطين وقتها.. ورغم وقوف بريطانيا وراء وعد بلفور وما تسبب فيه من ضرر وقع علي الفلسطينيين كما يقول أنور إلا أن بريطانيا لم تتحرك لإصلاح الخلل وخلق توازن في المنطقة وهو ما يغضب الشعوب العربية ويجعل من إقامة سلام عاجل وشامل أمرا بعيد المنال.