الزمان: لحظة عتاب فى نهاية التاريخ الحدث: مبارزة بين شاهدين على أحداث شهرين .. أكتوبر 1973 وأكتوبر 2017، حين جلس الفتى الشاب والشيخ الأستاذ يتفكران فيما حدث لمصر . المكان: عند سفح جبل الطور الذى يعتبر أهم المعالم الأثرية والتاريخية فى العالم أجمع وورد اسمه فى القرآن 12 مرة وحدثت عنده أربع معجزات إلهية ضمن المعجزات الثلاث عشرة التى حدثت فى سيناء فلا بأس أن أحاول هذا الحوار الافتراضى بين شهرين تصورا فى البداية أنهما متخاصمان: أكتوبر «الشاب» 2017: صار العالم قرية صغيرة بالفعل وصار المصريون أكثر قدرة على فهم التقنيات الحديثة فى التواصل والتفاعل، ومن كان يحتاج إلى أيام للانتقال من القاهرة إلى هنا فى جبل الطور أصبح لا يحتاج أكثر من ساعات أو دقائق معدودة، بل إن معظمهم لا يحتاج للانتقال، فيكفى كبسة ذر عبر جهاز صغير لكى يتجول ببصره فى أى بقعة من سيناء بالصوت والصورة والحركة، وهاهى مصر نفسها أكثر انفتاحا على العالم وهى تستقبل العصر الجديد بأحدث أنماط الحياة فى المدن الجديدة والأسلحة وكاميرات المراقبة والأمن والصحة و التعليم بعد أن ظل هذا المكان وسيناء كلها شاهدا على تخلف المصريين بإهماله لعقود، الآن صرت تستطيع أن تشاهد المجرم لحظة ارتكابه الجريمة أكتوبر «الشيخ الأستاذ» 73: لماذا تعجز عن المواجهة إذا كنت تستطيع أن تشاهد؟ لا تنس أننى كنت شاهدا على عبقرية المصرى فى حياة الفقر والتخلف والبؤس والاحتلال وما ذكرته عن التفاعل البطىء فى ظل حياة تخلف الاتصالات يقابلها ان المودة كانت حاضرة والعلاقات أكثر تكاتفا وإنسانية وحميمية من التفاعل فى ظل السلام والرفاهية، هل تعلم أنه لم ترتكب حادثة سرقة أو نهب مال عام فى أثناء حرب العبور وما التفوق والبسالة فى أثناء «الاستنزاف» إلا نتاج لتجديد ثقة المصريين بجيشهم ورفض الهزيمة وأن المظاهرات التى اشترك فيها المثقفون لاستعجال التحرير كانت دليلا على الثقة إلى حد الغرور والاستهانة بالعدو الرابض على الشاطئ الآخر للقناة! أكتوبر 2017: هه .. هه .. لا تقل عدوا، إذا قارنت بين أسلوبه فى التخفى والمواجهة على أيامكم وأساليبه الآن تخجل من نفسك إذا أطلقت عليه عدوا فقد كان ظاهرا وبتشكيلات واضحة ومعسكراته ومعداته مكشوفة.. أكتوبر73: نفس الأسلحة والتشكيلات من المشاة والمدافع والصواريخ والدبابات والطائرات حتى الحرب الإلكترونية كانت موجودة وتطورت الآن مع تطور عصرها، لكنها كانت ملعبا لقوات المصريين الخاصة ومغنما ونزهة لبعض كتائب ووحدات جيشهم حين جد الجد وبدأت معركة العبور ، ما جعل العدو يسعى لأن تكون المواجهة العسكرية المباشرة هى آخر الحروب ! أكتوبر 2017: لا فض فوك ومات حاسدوك، لم يعد العدو كما كان أيامكم يجلس على الحدود، لقد بدأ الجيل الجديد من المواجهة مع العدو بالتخلص من قائد النصر وبطل تحرير سيناء أنور السادات، وكلف بمهمة اغتياله نيابة عن العدو متطرفون من بين أفراد شعبه ومازالت هذه الجماعات تتخفى بين المصريين وتقتسم معهم لقمة العيش وترفع شعارات براقة ومغلوطة عن الدين.. أكتوبر 73 (مقاطعا): إنها حجة البليد العدو دائما يأتى من حيث لا تتوقع زمان قال عبد الناصر: انتظرناهم من الشرق فجاءونا من الغرب، والآن ننتظرهم فى سيناء فيهاجموننا من الواحات والفرافرة، فلماذا لم يطور «المصريون المحدثون» أساليب المواجهة كما طور العدو جبهات الهجوم، عظيم أن نطور المعدات والقدرات العسكرية ونفتح الباب للتعايش والتعاون والاستثمارات لكن الأعظم ان يتفاعل المصريون البسطاء ويشعروا بمسئولياتهم فى الحرب الحديثة، ولن يحدث هذا الاحتشاد دون احتوائهم وجعلهم جزءا وهدفا لتنمية عادلة فى التعليم والمسكن والصحة، فالشعور بالظلم والقسوة هو أول جواز مرور عصابات التطرف والتكفير للسكن تحت جلد الوطن، وفى سيناء بالذات التى شهدت استماتة مواطنيها فى الدفاع عن مصريتهم منذ صدر فرمان السلطان العثمانى بتولية عباس حلمى الثانى على مصر دون منطقة سيناء فهب أبناؤها لمساعدة الحكومة فى البحث عن علامات الحدود التى تثبت مصريتها حتى بعد وقوعها تحت الاحتلال عام 67 رفض أهلها كل سياسات تكريس عزلتها عن الوطن الأم رغم أنها لم تكن تتبع قانون الحكم المحلى لعام 61 وكان الخروج من سيناء او الدخول اليها بتصريح مسبق من حرس الحدود بعد تفتيش دقيق وكأنها دولة لا تتبع مصر وعندما «فلت» شارون فى الثغرة ودخلت قواته السويس لم يوقفه الا المواطن البسيط، بأبسط المعدات فصارت هذه المقاومة عيدا لكل المصريين فى زماننا. فاستسلم «أكتوبر الشاب» 2017 مقرا برعونته: لا تقل زماننا وزمانكم لأن ال 44 سنة التى تفصل بيننا هى مجرد نقطة واحدة فى تاريخ ارض الكنانة الممتد إلى أن يشاء الله، .. وكل عام ومصر اكتوبر وانتم بخير لمزيد من مقالات أنور عبد اللطيف;