أصبح تكدس معظم مدن العالم بالسيارات والمركبات بكل أنواعها مشكلة كبرى وأمرا مقلقا تعانيه جميع الدول بلا استثناء، ذلك أن مصانع السيارات فى العالم تقذف كل يوم بإنتاجها من آلاف السيارات بمختلف أنواعها حتى ضاقت الشوارع والميادين بحشود هائلة من السيارات التى تنفث عوادمها الضارة بالصحة بالإضافة إلى ما تحدثه من ضوضاء زاعقة تصم الأذان، وما تسببه من حوادث يذهب ضحيتها آلاف الأبرياء، ومع هذا التكدس يتم إهدار الوقت ويتعطل كثير من المصالح ويتأخر الموظفون عن العمل ويزيد العبء الملقى على عاتق إدارات رجال المرور، ولذلك دعت دول عديدة إلى التخلى عن السيارات، وحددت لذلك يوم الثانى والعشرين فى شهر سبتمبر من كل عام، واعتبرته يوما عالميا لهذا الغرض الذى اتفقت عليه المفوضية الأوروبية بهدف التخلى عن السيارات، واستخدام وسائل النقل الجماعى، وتشجيع المواطنين على المشى وركوب الدراجات من أجل حماية البيئة التى أصبحت تئن من هذا التكدس غير المسبوق فى الشوارع والميادين، الذى تمخضت عنه ظاهرة هجرة العواصم، حيث نقلت دول كثيرة عواصمها إلى مدن أخرى أقل ازدحاما، أو إنشاء عواصم جديدة مثلما هى الحال عندنا بإنشاء العاصمة الإدارية الجديدة بعد أن تحولت القاهرة إلى جراج كبير لم تفلح معه أى حلول لمعالجة التكدس فيها. وإذا كان العالم يحتفل بيوم الأرض كل عام بتخفيض الإضاءة العامة والخاصة ساعة على الأقل من أجل ترشيد استهلاك الطاقة، فإنه ينبغى علينا أيضا مسايرة الدعوة العالمية للتخلى عن السيارات، ونستعد لذلك من الآن، وأتمنى اتخاذ التدابير والإجراءات الآتية: - استخدام وسائل النقل المستدام المعروف باسم «النقل الأخضر» الذى لا يتم فيه استخدام السيارات وما شابهها واستبدالها بسيارات تعمل بالطاقة الكهربائية، واستخدام المركبات غير الميكانيكية. - تشجيع المواطنين على المشى باعتباره رياضة غير مكلفة ومفيدة للصحة العامة، وتشجيعهم على استخدام وسائل النقل الجماعى العام والخاص بما يقلل من كمية المركبات فى الطرق والميادين. - الحد من استيراد السيارات الفارهة والضخمة التى تشغل حيزا كبيرا، وإذا كانت ثمة ضرورة لذلك فتتم مضاعفة رسومها الجمركية ورسوم ترخيصها، وعدم السماح للأبناء فى سن الإعالة بامتلاك سيارة مادامت للأسرة سيارة خاصة أخرى إلا لضرورة ملحة لذلك. - تفعيل قانون إلزام أصحاب الأبراج والعمائر بتخصيص جراج لكل مبنى، والتوسع فى إنشاء جراجات متعددة الطوابق بكل حى أو منطقة لتقليل عدد السيارات فى الشوارع. - مراعاة تنفيذ ما تقدم عند إنشاء المدن الجديدة حتى تكون صديقة للبيئة، والحد من ظاهرة الهجرة من الريف إلى المدن باعتبارها أحد عوامل الزحام والتكدس فى المدن. - تفعيل نظام أداء العمل من المنازل بالنسبة للوظائف التى لا تتطلب الوجود فى العمل إلا للضرورة ومتابعة الأداء، والاتجاه لاستيراد السيارات التى تعمل بالطاقة الكهربائية لصغر حجمها نسبيا وقابلية بعضها للطى بما يقلل من حيّز وجودها. - التوسع فى إنشاء مصانع للدراجات وتوفيرها بأسعار فى متناول الجميع، وإقامة سباقات دورية لها أسوة بسباقات السيارات. محمد فكرى عبد الجليل