استوقفتنى فى بريد الجمعة رسالة «الاعتراف الخطير» التى دارت حول استيراد أحد الأشخاص مع زميل له شحنة ألبان بودرة ملوثة بالإشعاع النووى الناتج عن انفجار مفاعل تشرنوبيل بأوكرانيا عام 1986،مما تسبب فى مقتل وإصابة العشرات ممن تناولوا هذه الألبان المشعة بمرض السرطان ومازال البعض يعانى ويلات وأعراض هذا المرض حتى الآن، وبرغم أن مستورد هذه الشحنة قد استمتع بالمكاسب الكبيرة من هذه الصفقة، فإنه أصيب بحالة قلق وتأنيب ضمير واضطرابات نفسية عندما اكتشف أنه تسبب فى جريمة قتل المئات من الأنفس البريئة. وإنى أتساءل: هل توقفت جرائم قتل الأنفس البريئة؟ بالطبع لا، فهناك الكثير أيضا ممن يبحثون عن الثراء السريع حتى لو كان على حساب صحة الإنسان، وتعريض حياته للخطر والموت، فيوجد من يتاجرون فى السموم القاتلة أو المدمرة، سواء كانت مخدرة أو منشطة (المخدرات بأنواعها الأقراص المخدرة)، وهناك من يستغلون حاجة الناس للسكن ويقومون بتعلية الأدوار المخالفة لمواصفات البناء أو الغش فى طبيعة المواد المستخدمة فتنهار العمارات على السكان، وهناك من يغشون فى الدواء والغذاء مثل تغذية الأسماك والدواجن بإعطائها كميات وجرعات مكثفة من الهرمونات للإسراع بنموها، مما يؤثر على صحة وسلامة الإنسان عند تناولها ويتعرض للإصابة بالأمراض المزمنة كالفشل الكلوي، وهناك أيضا من يتاجرون فى المواد المتفجرة طلبا للثراء السريع ويبيعونها أو ينقلونها للإرهابيين، ويتسببون فى قتل أبناء الوطن من الجيش والشرطة، وهو أشد أنواع القتل جرما وعدوانا وخيانة للوطن، وهناك أيضا الإهمال الذى يقتل الأنفس البريئة أو يعرض حياتهم للخطر مثل الطبيب الجراح الذى يترك بعض الأدوات الجراحية فى بطن المريض (فوطة مشرط)، وكذلك المسئولون عن ظاهرة انتشار الكلاب الضالة ويهملون فى مقاومتها (ويضعون أيديهم فى الماء البارد) فتهاجمنا فى الشوارع وتنهش وتقتل العشرات من الناس سنويا. إن فقد الأنفس نتيجة الإهمال كفقد النفس نتيجة الإرهاب، ذلك لأن الموت واحد، فدم الإنسان حرام، وعرضه محفوظ، وماله مصون. ألم يقل الرسول صلى الله عليه وسلم «ألا إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا (يوم عرفة) وكحرمة شهركم هذا (شهر ذى الحجة) وكحرمة بلدكم هذا (مكةالمكرمة). د. عادل منصور الشرقاوى