لم تكن اللافتات التى تطالب اللاجئين بالعودة إلى بلادهم هى المظهر الوحيد لتنامى ما يسمونه ب «اليمين المتطرف»، خاصة فى مقاطعة كيبيك الفرنسية بكندا، حيث استغلت بعض المنظمات المناهضة للهجرة تدفق الآلاف من لاجئى هاييتى من الولاياتالمتحدةالأمريكية إلى كندا، للإعلان مجددا عن رفضهم، وللإعلان عن تخوفاتهم من تأثير هذا التدفق على ما يسمونه ب «الهوية الكيبيكية». وقد نظمت منظمة «لا موت» مظاهرة للتنديد بمواقف حكومتى كنداوكيبيك فى مواجهة ما وصفته «بكارثة الهجرة غير الشرعية». كما رفعت منظمة أخرى ملصقات لا تتحدث عن لاجئى هاييتى فقط، ولكنها تطالب بهجرة عكسية، أى عودة كل المهاجرين الشرعيين وغير الشرعيين إلى بلادهم. إذا كان هذا التنامى لرفض الهجرة، أو لطريقة قبول كندا للمهاجرين، فهناك منظمات أخرى تعتبر ذلك عنصرية، فقد تجمع مؤخراً عشرات أمام البرلمان فى العاصمة الكندية أوتاوا لرفض هذه العنصرية، صحيح أنهم يرونها أقل بكثير من الولاياتالمتحدةالأمريكية، لكنها فى رأيهم تزداد فى كندا بصورة مقلقة. لكن فى كل الأحوال فالمنظمات اليمينية المتطرفة فى كندا لا تحمل السلاح بالقطع، ولا تلجأ إلى العنف، بل الغريب أن المظاهرة المنددة بالعنصرية والمؤيدة للهجرة والمهاجرين هى التى لجأت إلى العنف. كما أنه من الصعب اغفال أن مقاطعة كيبيك الفرنسية فى كندا على وجه الخصوص لديها مشكلة أصعب، وهى العدد الكبير من المهاجرين المسلمين القادمين من المغرب لأنهم يتحدثون الفرنسية بطلاقة حيث لعب بعضهم من المتشددين دوراً فى اثارة مخاوف اهل كيبيك المتمسكين بقيمهم الكندية . فهناك محاولات لا تتوقف لبناء مجمع سكنى خاص بالمسلمين، وبناء مدافن للمسلمين .. إلخ، وهو ما يعنى بشكل أو اخر تقسيم المجتمع على أساس ديني، وهو ما يدعم قوة اليمين المتطرف دون شك. تجدر الإشارة إلى أن اليمين المتطرف ليس كتلة واحدة، فهناك درجات فيه. فهناك مثلاً من يرفض الهجرة من الأساس رغم استحالة ذلك، وينشر دعاوى كراهية وتحريض، وهو ما دفع حكومة مقاطعة كيبيك إلى تأسيس وحدة «مكافحة التحريض» فى جهاز الشرطة. لكن هناك نموذجا أخر هو منظمة «لا موت» التى ترفض العنصرية والكراهية، لكنها فى ذات الوقت تخاف على الهوية الكندية بشكل عام وهوية مقاطعة كيبيك الفرنسية بشكل خاص. لذلك تزداد شعبيتها تدريجياً وتحاول لعب دور مهم فى صناعة القرار، حيث تمارس ضغوطا من أجل تغيير قوانين الهجرة التى تراها فوضوية و تهدد القيم الكندية. تصاعد اليمين فى كندا, هو كما تقول أستاذة علم الاجتماع فى جامعة كيبيك فى مونتريال ماريز بوتفان، هو جزء من تصاعد اليمين فى العالم بشكل عام، لكن من جانب اخر هو رد فعل على تصاعد الإرهاب المنسوب للإسلام والمسلمين فى العالم. فهناك شعور فى كندا والغرب أن السياسيين ليس لديهم حل لهذا الخطر، والذى أصبح يهدد المجتمعات الغربية. ويحمل عمدة مدينة كيبيك ريجيس السياسيين المسئولية، فهم لا يشرحون للناس بالتفصيل أن قبول مهاجرين لن يؤثر على المستوى المعيشى للكنديين، بل هو قوة داعمة للاقتصاد. ومن ثم إزالة الخوف لدى الناس. كما لا يشرح السياسيون أيضاً باستفاضة أن النقاش الدائر حول منع النقاب، فى المؤسسات العامة، هو حق أى مواطن فى أن يرى وجه من يتعامل معه.