وضع حجر الأساس لإنشاء الحديقة المركزية في مدينة العريش    البورصة المصرية تتراجع بمنتصف التعاملات بنسبة 2.68%    رئيس الوزراء: الدولة جاهزة بكل الحوافز الممكنة لدعم القطاع الصناعي    بتكلفة 5.5 ملايين جنيه.. محافظ الشرقية يتابع أعمال رصف وتطوير شوارع الحسينية    بعد انهيار أرباحها.. إيلون ماسك: "تسلا" ليست شركة سيارات كهربائية    وزير إسرائيلي: بايدن يضر بتل أبيب.. ولو كنت أمريكيا لانتخبت ترامب    خبير دولي: لا سبيل لتحقيق الأمن واستقرار المنطقة سوى إقامة الدولة الفلسطينية    في ذكرى تأسيسه ال 117.. كم عدد بطولات النادي الأهلي في جميع المسابقات؟    شوبير يكشف عن مفاجأة لجماهير الأهلي قبل مواجهة مازيمبي    117 سنة أهلي.. «ولا في غيره يفرحني» (ملف خاص)    الداخلية: ضبط 59 طن دقيق مدعم خلال 24 ساعة    القبض على 5 عصابات سرقة في القاهرة    خبير تربوي: منصة «امتحانات مصر» تغطي جميع الصفوف الدراسية    كشف غموض العثور على جثة شخص بالقليوبية    فيلم «عالماشى» يحقق 133 ألف جنيه في شباك التذاكر أمس    أبرز فعاليات قافلة قصور الثقافة بقرية المعدية في البحيرة ضمن «حياة كريمة»    مع ارتفاع درجات الحرارة.. «الإفتاء»: اكثروا من قول هذا الدعاء    مستشفيات جامعة المنيا تستقبل الدفعة الأولى من مصابي غزة    مدبولي: دعم الصناعة أصبح يؤتي ثماره في العديد من القطاعات الإنتاجية    «برلمانية الوفد بالشيوخ» مهنئة السيسي بتحرير سيناء: مسيرة طويلة من التضحيات    نقيب الأطباء: تنفيذ العقوبات الصادرة بقضية الاعتداء على طبيبة دمياط    لتأكيد الصدارة.. بيراميدز يواجه البنك الأهلي اليوم في الدوري المصري    مفاجأة.. يوسف أوباما يقترب من نادي بيراميدز    نائب رئيس جامعة عين شمس يترأس الاجتماع الدورى لمجلس شئون الدراسات العليا والبحوث    «خطة النواب» تعقد 4 اجتماعات اليوم لمناقشة الموازنة العامة للدولة (تفاصيل)    إزالة 27 حالة تعدٍ على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة بالشرقية    رئيس جامعة قناة السويس يهنئ السيسي بمناسبة الذكرى ال42 لتحرير سيناء    بسبب خلافات مالية.. السجن 10 سنوات لتاجر أسماك بتهمة قتل عامل في الإسكندرية    بدء اليوم الثاني من مؤتمر وزارة العدل عن الذكاء الاصطناعى    7 أيام إجازة.. اعرف موعد شم النسيم وعيد العمال رسميًا بعد التعديل    الأمم المتحدة تدعو لإجراء تحقيق بشأن مقابر جماعية في محيط مستشفيين بغزة داهمهما الاحتلال    اليوم.. رامي جمال يطرح ألبومه الجديد "خليني أشوفك"    نصيحة مهمة لتخطي الأزمات المالية.. توقعات برج الجوزاء في الأسبوع الأخير من أبريل    بالسعودية.. هشام ماجد يتفوق على علي ربيع في الموسم السينمائي    انتفاضة في الجامعات الأمريكية ضد حرب غزة.. والخيام تملأ الساحات    أ ف ب: إيران تقلّص وجودها العسكري في سوريا بعد الضربات الإسرائيلية الأخيرة    طريقة عمل عصير الليمون بالنعناع والقرفة.. مشروب لعلاج الأمراض    حظر سفر وعقوبات.. كيف تعاملت دول العالم مع إرهاب المستوطنين الإسرائيليين بالضفة الغربية؟    النقل: تقدم العمل بالمحطة متعددة الأغراض بميناء سفاجا    مصر تفوز بعضوية مجلس إدارة وكالة الدواء الإفريقية    الحج في الإسلام: شروطه وحكمه ومقاصده    «خيال الظل» يواجه تغيرات «الهوية»    الكونجرس الأمريكي يقر قانون حظر تيك توك    "لا يرتقي للحدث".. أحمد حسام ميدو ينتقد حكام نهائي دوري أبطال آسيا    رئيس هيئة الرعاية الصحية: خطة للارتقاء بمهارات الكوادر من العناصر البشرية    رئيس «المستشفيات التعليمية»: الهيئة إحدى المؤسسات الرائدة في مجال زراعة الكبد    متحدث "البنتاجون": سنباشر قريبا بناء ميناء عائم قبالة سواحل غزة    دعاء العواصف والرياح.. الأزهر الشريف ينشر الكلمات المستحبة    تعرف على مدرب ورشة فن الإلقاء في الدورة ال17 للمهرجان القومي للمسرح؟    بالتزامن مع حملة المقاطعة «خليه يعفن».. تعرف على أسعار السمك في الأسواق 24 أبريل 2024    بايدن يعتزم إرسال أسلحة جديدة لأوكرانيا اعتبارا من "هذا الأسبوع"    نتائج مباريات الأدوار من بطولة الجونة الدولية للاسكواش البلاتينية PSA 2024    مصطفى الفقي: مصر ضلع مباشر قي القضية الفلسطينية    رئيس البنك الأهلي يحكي كواليس رحيل بابافاسيليو    إصابة العروس ووفاة صديقتها.. زفة عروسين تتحول لجنازة في كفر الشيخ    ‏هل الطلاق الشفهي يقع.. أزهري يجيب    ما حكم تحميل كتاب له حقوق ملكية من الانترنت بدون مقابل؟ الأزهر يجيب    أجمل مسجات تهنئة شم النسيم 2024 للاصدقاء والعائلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة فى دموع «مشجع»..!
نشر في الأهرام اليومي يوم 18 - 10 - 2017

قامت عندنا الدنيا ولم تقعد عندما بحلقنا فى الشاشة فرأينا شابا ينهمر على وجنتيه الدمع عند إحراز محمد صلاح هدف الانتصار، فما الغرابة فى أن يبكى واحد منا لانتصار الوطن؟.
أليس بديهيا أن تنسال دموع العين فرحا بأى إنجاز ترتفع فيه رايات وأعلام وطنك؟ ألم ترتعش غرف القلب الأربع لكل مصرى عندما تأكد له صعود مصر إلى المشاركة ضمن 32 فريقا من كل الدنيا فى مسابقة كأس العالم بروسيا 2018.. فلماذا يا ترى كل تلك الغاغة والضوضاء اللتين أثارتهما دموع شاب بكى فى المباراة الفاصلة؟.
ااااه... حتما إن وراء ذاك الدمع ما وراءه، وأى قراءة متمعنة فى مغزاه لابد قائلة لك على الفور إن ثمة معانى عديدة «خفية» لهذا البكاء أولها بالتأكيد أن تلك الدموع ليست سوى برهان حب طاغ للبلد... إذ ها هو حلم من أحلامه قد تحقق (بجد) بعد طول انتظار، وكنا قد حسبناه سرابا (كسرابات كثيرة مازلنا نحسبها)!. صحيح أنها مجرد كرة قدم ولعبة من الألعاب، إلا أنها مع هذا تبقى رمزا لما هو أكثر وأعمق، وكل شعوب الأرض تتقاسم معنا هذا الشعور حتى أعتى الدول ذات الباع الطويل فى تلك اللعبة (وإن شئت فانظر إلى ما فعله شعب الأرجنتين عندما «هتركهم» نجمهم الأعز ميسى بثلاثية قادتهم إلى روسيا).
المعنى الثاني، أن المصريين استيقظوا فى ذلك المساء على حقيقة كانوا قد نسوها (ربما بفعل فاعل) وهى أنهم مازالوا قادرين على الإنجاز وسط شلالات من الإحباط المبالغ فيه بلا داع، مع أنهم هم الذين طالما أدهشوا الدنيا عبر السنين بالقدرة على الإنجاز والابتكار، وسل إن أحببت أهراماتهم وبردياتهم القديمة وجدران معابدهم لتنبئك بالخبر.
وللعلم فإن مصريين آخرين (بالداخل والخارج) مازالوا كل يوم يحققون إنجازات هائلة فى شتى المجالات، إلا أن أحدا لا يلتفت إليهم. ولا نعرف عنهم شيئا، بسبب طغيان التبسيط والتفاهة، وذلك الماراثون التليفزيونى والفيسبوكى اللاهث بحثا عن كل ما هو مثير لدلقه على الشاشات حتى لو كان «عبيطا»!.
ثالث المعاني، أن المصرى منا صار يتلهف، بل «يتشحتف» على أى فرصة يهمس فيها لنفسه (قبل أن يقول للآخرين): نعم... أنا مازلت منتميا، وأتمتع بالولاء فى زمن بات فيه الولاء مثار شك، بل وعنوان سخرية وسذاجة فى البعض من الأحيان.
وللحق فإن المصرى معذور، وكل ما حوله يدفعه دفعا إلى هذا الشك الولائي، حيث ينظر حوله فيرى البعض إما منتميا إلى شلة، أو لمجموعة مصالح بعينها، أو لفصيل من الفصائل، أو متحيزا إلى فئة، بينما الأغلبية حائرون، ومن ثم أصبحت الوطنية بمعناها التقليدى على المحك.
أما المعنى الرابع الذى حدثتنا به الدموع فأوجعتنا، فهو أننا نحن المصريين لسنا بأقل من الآخرين، خاصة وقد تعالى من حولنا صخب «الصغار» الموتورين بأننا لم نعد على شيء، صرخت الدموع فى وجوههم: اصمتوا جميعا... فها نحن مستمرون فى إحراز الأهداف، فما المانع إذن من أن يمتد تسجيل الأهداف ليتجاوز كرة القدم والرياضة إلى كل المجالات، كالتعليم والاقتصاد والثقافة والفنون والتشييد والعمارة؟.
غير أن ثمة معنى خامسا أثارته دموع فتى المدرجات، وهو معنى يحمل جملة من الاسئلة الحائرة التى تبحث عن إجابات، ومن بينها: وهل تلك الدموع إلا واحدة من دموع كثيرة أخرى نراها كل يوم على وجوه حولنا فنشفق لها وتتمزق نياط القلب؟. ولماذا لم تسارع تلك الأيدى الباذخة بالعطايا والجوائز والمكافآت والإشادات إلا إلى دموع الباكين فى الملاعب فقط؟.
كنا ننتظر مثلا أن يفز هؤلاء المهرولون بالعطايا فينهالوا على دموع أمهات الشهداء مسحا وتقبيلا وتبجيلا، وقد قدمن لنا أغلى ما ملكن (فلذات الأكباد) دفاعا عن شرف الوطن وعرضه وبقائه. صحيح أن قواتنا المسلحة الباسلة لم ولن تنسى أبناءها، وأن رئيس الدولة لا يألو جهدا لضم أبناء هؤلاء الشهداء الطاهرين إلى حنايا قلبه فى كل مناسبة ولقاء، لكن ماذا عن بقية أبناء المجتمع المتنافسين فى بذل المكافآت هنا وهناك؟.
وكنا ننتظر من هؤلاء المتباهين بالمنح الذى لا حدود له التوجه إلى بقية قطاعات المجتمع (من منشآت تعليمية وبحثية وصحية وخدمية) كما يفعل أقرانهم هناك فى الغرب الذى لا يبخل اغنياؤه وموسروه عن العطاء بسخاء، فيدهشنا حجم الأموال التى يتبرعون بها... أم ترى أن للمانحين عندنا أهدافا أخرى كالمباهاة والدعاية وتسويق المنتجات مثلا ونحن لا نعلم؟ ومتى كانت دموع المشجعين أغلى من دمموع الكادحين؟.
وكنا ننتظر أن يصبح العطاء هو الأصل، وليس الاستثناء، ليس فقط لمساعدة الحكومة، وقد تفاقمت التحديات فوق كاهلها (كان الله فى عونها)، بل وبالأساس للحفاظ على سلام المجتمع وأمانه، وما دمتم يا أصحاب المكافآت بالملايين مقتدرين هكذا على الكرم وتجودون بما لذ وطاب على الدامعين الباكين فى معابد كرة القدم.. فلماذا لم نسمع عن عطائكم هذا مع بقية الدامعين، ونحن فى وطن واحد؟.
قد يرد البعض: يا أخي... وما دخلك أنت.. أليس هذا مالى وأنا حر فيه.. فما يمنعنى من أن أشترى به حماما أربيه ثم للصقور أرميه؟ ونقول: حذار... فالمال الذى لا يفيد منه الناس جميعا لا خير فيه حتى لو تكدس، وعلى كل حال هذا مجرد تنبيه، فليت دموع الفرح هذه تكون بداية طريق متواصل من العطاء لا ينقطع، ولا يستثنى أحدا... وها هم بقية الدامعين ينتظرون!.
لمزيد من مقالات سمير الشحات


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.