تتسبب الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية فى ضغوط وآلام متفاوتة الدرجة للناس، وتؤدى الى المعاناة من مشاعر سلبية مثل الاكتئاب والتوتر والغضب والقلق، وقد تؤدى الى صعوبة التعامل مع الآخرين، مما قد يؤدى الى الاعتلال وعدم قدرتنا على القيام بوظائفنا ومهامنا.. د.هانى هنرى استشارى علم النفس بجامعة ميامى بالولايات المتحدة أكد هذا الكلام من خلال محاضرة ألقاها أخيرا بمقر الجامعة الأمريكية بالقاهرة وقال: لتجنب كل ذلك لابد من التعرف على نظريات علم النفس ومنها النظرية الإنسانية (لكارل روجرز) التى تشير الى أن اضطراب الإنسان يرجع الى الفجوة السحيقة بين النفس الحقيقية والنفس المثالية، وتأتى هذه الفجوة من القبول المشروط من الأهل فى الصغر. ويقول د. هانى إنه حتى نضمن البعد عن الاضطراب النفسى لابد أن نستعد تلقائيا بالتخلص من المثالية والتركيز على مزايا الذات والتحرر من الإصرار على نيل قبول الآخرين، والعمل على تحقيق الذات وقبول ضعفها ونقصها. وأن ما نتعرض له فى طفولتنا من الألم يترك أثرا سيئا فى نفوسنا فالعلاقات المبكرة تؤثر على العلاقات اللاحقة، والعقل الباطن يتحكم فى تصرفاتنا وسلوكياتنا ويدعو كل ذلك الى تغير الأسلوب النمطى فى التعامل مع الآخرين واتباع أسلوب مرن وتعزيز الإحساس بالآخر، موضحا ضرورة غفران أخطاء الآخرين فى حقنا، مؤكدا أن الغفران لا يعنى بالضرورة النسيان. وهناك النظرية المعرفية السلوكية التى ترى أن الاضطراب النفسى ينتج عن التفكير غير المنطقى وغير المجدي، حيث يلجأ الكثيرون منا للتهويل والتركيز على الجوانب السلبية وإغفال الإيجابيات مما يسبب آلاما نفسية شديدة. وينصح د. هانى هنرى من يعانى الاكتئاب بعمل جدول يومى يتضمن نشاطات تعكس جدارته ومتعته الشخصية وتكشف ذاته بتقليل الفجوة بين الذات الظاهرة والباطنة، والامتناع عن التهويل وجلد الذات، وعدم الاعتماد على علاجات غير مجدية مثل الإدمان والإغراق فى تناول الطعام، وقتل الوقت. بل الاهتمام بالعناية بالذات بالإنصات الى النفس والتأمل الذاتى حول ما يمتعنا، ومكافأة النفس واحترامها، ولا داعى للشعور بالنقص، وأخيرا الاعتراف بالدور الذى نلعبه فى خلق مشكلاتنا. فإن لم نستطع تغيير الواقع يمكننا تغيير طريقة نظرتنا وتعاملنا مع أنفسنا، كذلك عدم تجنب الألم، لكن الحرص على عدم اجترار الألم، والاستفادة من الرياضة وممارسة تمارين التأمل والاسترخاء والتنفس العميق.