«لا إيمان لمن لا أمانة له ولا دين لمن لا عهد له وإليكم بعض ملاحظاتي: هناك من يرى أن موظف الحكومة المرتشى هو رجل ابن حلال ويسهل أمور المواطنين، فى حين أن من يتمسك بالقوانين ويطبقها على المخالفين هو إنسان ظالم. كنا نستأجر أنا وأخى بالإسكندرية شقة أيام الدراسة الجامعية بثلاثة جنيهات شهريا «إيجار قديم» واحتفظنا بها 30 سنة مغلقة باستثناء بعض الأيام فى الصيف حيث كان بعض أقربائى ينزلون فيها، ولكننا استحرمنا ذلك وسلمناها لصاحبها دون أى مقابل، واعتبرنا الجيران والمعارف متخلفين عقليا لأنه كان من حقنا أن نطلب عدة آلاف من الجنيهات مقابل ذلك. كنت أستأجر شقة فى منطقة الوايلى بخمسة عشر جنيها إيجارا قديما وبعد أن استغنيت عنها سلمتها لصاحبها، وفوجئت بصاحب البيت يدعو لى من قلبه ويقول «مفيش ناس مثلكم أبدا فى هذا الزمن». سمعت شكوى حارة من إحدى الأمهات لأن ابنها لم يفعل مثل باقى زملائه ولم يكتب إقرارا مزورا يمنحه دخلا شهريا لا يستحقه وكانت تطلب من الزملاء أن ينصحوه ويعقلوه ولكن الولد تمسك بأمانته. هناك بعض النساء متزوجات زواجا عرفيا من أجل استمرار حصولها على معاش والدها وخوفا من حدوث طلاق من زوجها لأنها إذا كانت أمينة وقطعت معاشها فلن تجد لها أى أموال بعد الطلاق. قال لى أحد الأصدقاء إنه اشترى أرضا لإقامة بيت عليها، وجاءه من الحى موظف نصحه بعدم الالتزام بترك المسافة القانونية بينه وبين جاره والتى تسمى (الارتداد) وأنه سوف يتجاوز عن هذه المخالفة مقابل مبلغ من المال، وهكذا أصبحنا نرى العمارات متقاربة جدا لدرجة أن الجيران يتصافحون من الشبابيك وأنا أتعجب بسبب وجود هذه المخالفات الصارخة ولا نجد أحدا من مهندسى الحى يحال للتحقيق ويطرد من الخدمة والسبب هو أنه يعمل فى منظومة فاسدة. كنت فى أمريكا عند أحد أقربائى وفى أثناء وجودى عنده تسلم شيكا من مصلحة الضرائب الأمريكية بمبلغ خمسة آلاف دولار ومعه تحيات مصلحة الضرائب لأنهم بعد فحصهم للإقرار الضريبى الخاص به وجدوا أنه أخطأ وقام بتوريد هذا المبلغ وأنهم يردون الحق لصاحبه!. إذن كيف يتم تفعيل فضيلة الأمانة؟.. إننى أدعو «بريد الأهرام» إلى تبنى حملة من أجل إعادة الأمانة للإنسان المصرى وتصحيح مفهومها، فكل مشكلاتنا مصدرها غياب الأمانة، ويجب التركيز على أن الأمانة لا تتجزأ فلا يمكن أن أكون خائنا للآخرين وأمينا مع أهلي. حسن شميس مهندس بالمعاش