تتخذ المرأة قرار الطلاق بعد أن تفشل جميع محاولاتها فى الإصلاح، وتصحيح الأمور الخاطئة التى تعترى حياتها الزوجية مع شريك حياتها، وبعد أن تنفد طاقتها وتشعر بأنها وقعت أسيرة لضغوط نفسية كبيرة تفوق احتمالها دون أدنى شعور من الطرف الآخر. ولأن الحياة لابد أن تستمر، فالخبراء يؤكدون إمكان البداية من جديد.. وتحقيق الطموحات.. وتعويض ما ضاع من العمر. ربما يكون الطلاق من أكثر التجارب قسوة فى حياة المرأة، فهو فى معظم الحالات يؤدى إلى شعورها بالألم، الفشل، الخوف من المستقبل، وعدم الثقة.. بهذه الكلمات بدأت باكينام شلبى خبيرة التنمية الذاتية حديثها فى هذا الموضوع، واستطردت قائلة: وللأسف الشديد هناك مردود سلبى كبير جدا يقع على المطلقة ويشعرها بضخامة المشكلة لما يعقبه من «كسرة نفس» لما تواجهه من نظرة مجتمع يرفض المطلقات مما يجعلها أشد حرصا فى تصرفاتها على حساب سلامتها النفسية، فأى إشارة أو تلميح بريء يصدر منها يتم تفسيره بشكل مختلف مما يجعلها أكثر حساسية، والنتيجة خلل فى النفس والجسم واضطرابات.. وقد تقع فريسة أمراض نفسجسمية.. ورغم زيادة أعداد المطلقات فإن النظرة إليهن لم تتغير، فقد أثبتت إحدى الدراسات وجود 3 حالات طلاق مقابل كل حالة زواج فى الفترة السنية من 20 إلى 35 سنة، تقل بعد الخمسين حيث يحل محله «الطلاق الصامت» الذى انتشر فى البيوت التى تتخذ من الزواج إطارا اجتماعيا. وتنصح خبيرة العلاقات الأسرية أى سيدة تتعرض للتجربة أن تعد حياتها الماضية ورقة سوداء نزعتها ولا يجوز العودة إليها، وتبدأ لتعيش حياة جديدة ولا مانع من أن تبدأ مع رجل آخر حياة أكثر استقراراً لكن بدون استعجال فى الاختيار، ولتعلم أن نحو 40% من المطلقات ينجحن فى التأقلم مع حياتهن الجديدة ويستشعرن أنها أفضل من تجربة زواج فاشلة وأنها ليست نهاية العالم كما كان بالأمس، بل على العكس، فقد تكون الحياة بعد الطلاق أكثر سعادة واستقرارا وراحة بال، وأفضل جدا من الإحساس بفشل يتكررمرة ثانية.. وأعتقد أن الإعلام والدراما عليهما دور كبير فى تغيير هذه الاتجاهات والأفكار وتحسين صورة المطلقة والكف عن تصويرها «خطافة رجالة». وتطلب من كل أم أن تضع ابنتها مكان المطلقة التى يود ابنها الزواج منها لكى تحكم عليها بشكل صحيح.. فأخلاقها وأسرتها والتكافؤ فقط هى الفيصل، وليس تجربتها السابقة. وتؤكد خبيرة العلاقات الأسرية أن مطلقات اليوم أقوى من الماضي، لكنهن يحتجن فترة ليقفن على أرض صلبة، فالطلاق أحيانا يكون دفعة لتحسين جودة الحياة وإثبات الذات سواء بالعمل أو الدراسات العليا. موروث ثقافي د. نادية رضوان أستاذ علم الاجتماع تقول: للأسف المطلقات فى مصر غير أى مكان آخر بسبب موروث ثقافى متخلف يعتقد أن المطلقة لابد أن يكون بها عيب والمفروض ألا يتعامل معها أحد أو يدخلها بيته لما تشعله من غيرة فى قلوب من حولها من نساء، سواء صديقات أو جيرانا أو حتى أخوات.. أيضا المطلقة تتحول من قسيمة طلاقها إلى مطمع وفريسة لعيون الرجال، وبالتالى فالبنت تخرج، والمطلقة لا.. الشيء نفسه بالنسبة للضحك ومفردات الحياة الطبيعية وكأن وجود مطلقة بالأسرة أصبح وصمة عار. وتوجه أستاذ علم الاجتماع النظر إلى أن هناك نسبة ليست بالقليلة من المطلقات يعانين معاملة الأهل ورفضهم عودتها للحياة معهم لأن الشقة لأخيها الذى يريد الزواج، أو لأنها ستسبب عائقاً فى زواج أخواتها مما يجعلها لاتحسن اختيار الزوج الثانى وتوافق فقط للهروب من حصار الأهل. ولا تنصح د. نادية بتكرار التجربة إلا بعد فترة تعود فيها إلى نفسها وتتماسك لتستطيع الحكم الصحيح والوصول للقرار الصحيح.. وقتها فقط لاتتردد فى أن تعوض إخفاقات حياتها السابقة.