كتب : طارق مهدي: في دراسة أعدها الخبير الاقتصادي عبد الفتاح الجبالي نائب مدير مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام تحت عنوان نحو حد أدني جديد للأجور في مصر. طالب بوضع استراتيجية جديدة للحد الأدني للأجور وإعادة نظر جذرية فيها واصفا الجهود المبذولة لإصلاح أوضاع الأجور بأنها لا تخرج عن كونها مجرد مسكنات وقتية قد تسهم في تحسين الدخول قليلا, ولكنها لا تحل المشكلة بأكملها والتي تكمن أساسا في الخلل في نظام الأجور والمرتبات, وطالبت الدراسة بوضع حدود دنيا للأجور حسب المناطق الريفية والحضرية والوجه القبلي. وأوضحت الدراسة أن الدستور المصري ينص علي الحق في الحصول علي أجر عادل مقابل أداء العمل وضرورة وضع حد أدني للأجور علي مستوي المجتمع ككل, والعمل علي الحد من التفاوتات في الأجور وربطها بالانتاج والانتاجية, وأشارت الدراسة الي ان القانون يضع القواعد والأسس التي تنظم عملية الحصول علي الأجر والترقيات الوظيفية وغيرها من الأمور المرتبطة بها. ورصدت الدراسة أهم معوقات وضع حد أدني للأجور وفي مقدمتها انخفاض نسبة العاملين بأجر والتي لا تتجاوز60,9% من القوي العاملة( عام2009), كما أن الأجور هي المصدر الرئيسي لدخل الفقراء وتشكل44,4% من إجمالي مصادر الدخل للفقراء وفقا لمسح ميزانية الأسر لعام2008 2009, والمعوق الثالث هو ارتفاع نسبة الإعالة في سوق العمل المصرية وزيادة نسبة العاملين في القطاع غير الرسمي. واستعرضت الدراسة الإطار القانوني المنظم لسياسة الأجور في مصر وفقا للدستور وقانون العمل رقم12 لسنة2003 والقانون رقم47 لسنة1978 والقانون رقم48 لسنة1978 والقانون رقم203 لسنة1991. وتناولت الدراسة تطور الأجور في المجتمع والتي زادت علي المستوي القومي من110,3 مليار جنيه عام2002/2001 إلي189,4 مليار جنيه في العام المالي2007/2006 واستحوذت الحكومة علي النصيب الأكبر(35,2 مليار عام2001 إلي51,3 مليار عام2006). وجاء في المركز الثاني للأجور قطاع الصناعات التحويلية ثم تجارة الجملة والتجزئة وبعده قطاع التشييد والبناء, ورغم أن القطاع الخاص يعمل به68% من العمالة( عام2005/2004) إلا أن نصيبه من الأجور علي المستوي القومي وصل إلي54,4% من الإجمالي مما يعكس انخفاض متوسط الأجر في القطاع الخاص مقارنة بقطاعات الاقتصاد القومي الأخري, كما أن المتوسط الشهري للأجور النقدية لدي القطاع الخاص يبلغ576 جنيها للذكور و444 جنيها للإناث بينما يزيد في القطاع العام إلي684 جنيها للذكور والإناث. ونبهت الدراسة إلي وجود خلط بين الأجر الأساسي في القطاع الحكومي والأجر الثابت الذي يحصل عليه الموظف والذي لا يوضع في خانة المرتب الأساسي لبعض الاعتبارات العملية والقانونية. وأشارت إلي أن تعقيدات الهيكل الوظيفي للعاملين في الدولة أفرزت بعض الاختلالات في مستويات الأجور والسلم االوظيفي وارتفاع نسبة الأجور المتغيرة إلي الإجمالي, واختلالات الأجور بين القطاعات الحكومية المختلفة, واستحواذ الجهاز الإداري علي معظم الكادرات الخاصة, وظهور الهياكل الموازية. وانتهت الدراسة إلي أن التعامل الجدي مع مشكلة الأجور يجب أن يدور علي عدة محاور هي: * إعادة النظر في جداول الأجور الملحقة بقانون العاملين المدنيين بالدولة ووضعها في صورة مرنة. * زيادة شرائح العلاوات الدورية الحالية التي لا تعبر عن مستويات المعيشة والتي لا تتجاوز6 جنيهات شهريا للدرجة العالية و1,5 شهريا للدرجة السادسة!! * إعادة تصنيف موظفي الحكومة وإعادة توزيعهم بطريقة اقتصادية سليمة. وفي النهاية طالبت الدراسة بتفعيل دور المجلس الأعلي للأجور ليصبح الفاعل الرئيسي في هذا المجال ليضع الاستراتيجية المناسبة للتعامل مع كل الأمور المرتبطة بالأجور والمرتبات مع منحه الصلاحية الكاملة لتنفيذ ما يراه من سياسات مناسبة. وطالب بالعمل علي تعديل الرقم القياسي لأسعار المستهلكين وتصحيح الأخطاء الذي تشوبه, وأكد أنه من الأوفق عدم وضع حد أدني للأجور علي مستوي المجتمع ككل, ولكن يتم تحديد حدود دنيا تختلف بين المناطق الريفية أو الوجه القبلي للحد من الفقر, وكذلك للمهن المختلفة خاصة وأن الدراسات عن الفقر تشير إلي أن نحو51% من الفقراء يعيشون في ريف الوجه القبلي مقابل5,4% فقط في المناطق الحضرية.