تساؤلات كثيرة تطرحها جهات متعددة منها الإقليمى والدولى عن تنامى القدرات العسكرية المصرية، وللإنصاف هو سؤال ليس بالجديد ولكنه يأخذ صفة الاستمرارية فعند دخول قطع سلاح جديدة إلى القوات المسلحة المصرية تتعالى هذه الأصوات، لماذا كل هذا التسليح؟ ولمن ؟ خاصة أن مصر ملتزمة باتفاقية سلام مع الجانب الإسرائيلى، ومصر دولة لاتحب العدوان على أحد، وأن جيرانها أشقاؤها العرب، فيظل هؤلاء يلحون فى الطرح غير أن العقيدة القتالية العسكرية المصرية والتى تتماهى بل هى ذاتها الرؤية السياسية لمصر تؤمن أن امتلاك الردع والقدرة على استخدامه يلجم جماح الحرب وأن السلام لايعنى، الاسترخاء وأنه أى السلام يحتاج دوما إلى قوة تحميه. ففى سبتمبر عام 2015حذرت مجلة «يسرائيل ديفنس» الإسرائيلية المتخصصة في الشئون العسكرية من تنامي قدرات القوات الجوية المصرية، مشيرة إلى أن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي منذ أن وصل للسلطة لم يكف عن تعزيز قدرات القوات المسلحة وأضافت أن الجيش المصري بعدما اشترى المقاتلات الفرنسية من طراز «رافال» وزيادة عدد طائراته من طراز إف 16 اتجه السيسي إلى روسيا لشراء 62 طائرة من طراز ميج 35 وتعلق «نتمنى أن تكون المخابرات الإسرائيلية مهتمة بما يفعله الرئيس المصرى». وفى عام 2005 قالت هاآرتس لماذا تحتاج مصر مثل هذا الجيش المتقدم الكبير إذا كانت لا تنوي محاربة إسرائيل في المستقبل؟ وعلى الجانب الآخر هناك تساؤلات يطرحها البعض مستنكرا أوحتى رافضا أوحتى غير مدرك أو حتى ان الأمر ملتبس عليه لماذا صفقات السلاح والإنفاق عليها فى ظل أوضاع اقتصادية صعبة بعد ست سنوات من عدم الاستقرار وفى ظل ايضا شعب يحتاج الى زيادة دخله وتحسين أحوال اقتصاده، فى الحقيقة هناك تداخل يصل لحد الخلط فى هذا الملف. أولاً هناك ظروف اقتصادية لاتخفى على كل المصريين ووضع معيشى يتطلع الجميع الى تجاوزه، ولكن من وضع حماية الأمن القومى ودوائره فى ظل الأحداث الساخنة والمتلاحقة التى يشهدها الإقليم مما يحتم على الدولة المصرية استكمال كل اسباب القوة التى تحول دون تهديد الأمن القومى المصرى. وكذلك استقرار الوطن مما يدفع حركة الاقتصاد وجذب الاستثمار اليه. غير أن الدولة المصرية لاتهتم بتلك الدعاوى باعتبار ان مصر دولة مهمة فى اقليمها وللعالم، فهى معنية ببناء قوات مسلحة قادرة على حماية أمنها القومى والارتقاء بمستواها القتالى وصولا الى مستويات الاحتراف فى تنفيذ المهام ومستويات التأهيل والإعاشة وتحقيق الاستقرار النفسى للفرد المقاتل، لذلك كان افتتاح الرئيس عبدالفتاح السيسى القائد الاعلى للقوات المسلحة لقاعدة محمد نجيب العسكرية تجسيدا لهذا المفهوم من الجاهزية العالية للقوات واستكمال المعدات والتعاون المشترك بين الأسلحة والتدخل السريع فى إطار مفهوم الاحتراف العسكرى. ففى خلال هذا الشهر قامت وحدات من قوات الإنزال الجوي المصرية والروسية بإجراء تدريبات عسكرية مشتركة تحت اسم «حماة الصداقة 2017» وذلك حسب البيان الذى أعلنته وزارة الدفاع الروسية وأن المظليين الروس والمصريين سيتدربون على إتقان عمليات الإنزال الجوي المشترك والقيام بالمناورة في منطقة تنفيذ المهمة، إضافة إلى الاستيلاء على منطقة جبلية، وأضاف أن التدريبات الروسية المصرية ستجري في إقليم كراسنودار جنوبي روسيا وفقا لخطة التعاون الدولي لوزارة الدفاع الروسية، ومن المعروف أن مناورة حماة الصداقة بدأت فعاليتها الأولى فى مصر 2016بعدها بأيام أعلن بدء فعاليات مناورة النجم الساطع فى نفس هذا الشهر ايضا، وهى التدريبات التى بدت قبل أربعة وثلاثين عاما بين الجانب المصرى والأمريكى والتى جذبت اليها خلال تلك السنوات عددا كبيرا من الدول للمشاركة فى فعالياتها مثل: بريطانيا وفرنسا واليوم تستأنف هذه المناورات التى اعتبرت الأكبر والأضخم فى العالم بعد توقف دام ثماني سنوات بسبب الأحداث التى شهدتها مصر منذ يناير 2011ويشير المثالان السابقان إلى إلى مدى انفتاح القوات المسلحة المصرية على التدريب المشترك ومع كل العقائد القتالية. عندما أعلنت مصر انها تنفتح على كل المدارس والعقائد العسكرية لم يكن ذلك للاستهلاك بل كان توجها يعكس موقفا ثابتا لسياسة الدولة المصرية اليوم التى تعكس استقلالا فى القرار السياسى ولاينحاز إلا للدولة المصرية ومصالحها، الامر الآخر الذى يتماشى مع ما اعلنه الرئيس عبدالفتاح السيسى رئيس الجمهورية والقائد الاعلى للقوات المسلحة من بناء جيش قوى وعصرى وتزويده بما يحتاج اليه بكل اسباب القوة التى تمكنه من حماية الأمن القومى المصرى والدولة المصرية ايضا تماشيا مع مع طالب به الرئيس من دعم الجيوش الوطنية لما لها من دور فى حماية الدولة ومؤسساتها من محاولات الهدم ونشر الفوضى التى تلقى بظلالها على الأمن والسلم الدوليين. أيضا يعكس هذا التوجه رغبة القيادة العامة للقوات المسلحة فى الارتقاء بمعدلات تأهيل القوات المسلحة المصرية وصولا الى مرحلة الاحتراف العسكرى وهو أمر للأمانة بدأ منذ فترة طويلة وكثيرا ما كان المشير حسين طنطاوى القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربى الأسبق يتحدث عنه ويصر عليه، غير أن الفترة الماضية ومع الفريق أول صدقى صبحى وزير الدفاع الحالى زادت وتيرة ذلك التوجه وهذا ما يمكن قراءته من خلال الأنشطة التدريبية التى قامت بها القوات المسلحة المصرية مع الدول العربية والأجنبية شملت تدريبات نوعية، وطالت عددا كثيرا من أفرع القوات المسلحة، كما ان الأسلحة التى دخلت الخدمة أخيرا تعكس هذه الرغبة والإرادة المصرية فى الوصول الى معدلات متقدمة من الجاهزية والاحتراف العسكرى على رأسها طائرات الرافال المتعدة المهام الفرنسية، وحاملات الطائرات أنور السادات وجمال عبدالناصر من طراز ميتسرال الفرنسية وايضا الإعلان عن التعاقد مع الجانب الروسى على طائرات الهل من طراز بى 2 كا المعروفة بالتمساح والتى سيتم تزويد حاملات الطائرات المصرية بها وكان انضمام الغواصتين الألمانيتين للقوات البحرية المصرية أثره الكبير فى زيادة قدرات قواتنا البحرية لما تملكه تلك الغواصات من سرعة وكثافة نيرانية فى التعامل مع الأهداف البحرية كما استأنفت مصر برنامج حصولها على طائرات إف 16 بعد فترة من التوقف. خلال شهرأغسطس المنصرم أعلن الكونجرس الامريكى تعليق بعض المساعدات المخصصة لمصر بدعاوى متعلقة بملف حقوق الإنسان فى مصر هذا القرار لم يلتفت إليه الكثير من المعلقين والمحلليين من ناحية أنه يعكس صحة التوجه المصرى فى الانفتاح على كل المدارس والدول وإلى استقلال القرار المصرى وعدم رهنه بسياسات ودول بعينها، وهو الأمر الذى جعل مصر أكثر انفتاحا على روسيا والصين و وفرنسا والمانيا وإيطاليا وعربيا وافريقيا دون الإضرار بمصالح مصر مع الولاياتالمتحدة أو غيرها ولكن العامل الحاكم والحاسم هو مصلحة مصر وعدم القبول بإملاءات.