لا تستحق المسألة كل هذه الضجة المثارة، ولا تدعو إلى كل هذا الصراخ والرفض والاستنكار، الذى لم يكن فى حقيقته سوى ادعاءات، تتجاهل واقعا اجتماعيا مزريا، فليس فى الأمر صدمة، لأن ما صدر لم يأت من فراغ، وإنما هو خارج من «جوف» الماضى السحيق، الذى مازال يحكمنا، ومن كتب التراث الصفراء، التى أصبحت دينا ثانيا، أكثر قوة وتأثيرا من الكتاب والسنة. قبل أن نثور على فتاوى مثل «نكاح الوداع» وإباحة «معاشرة البهائم»، يجب أن نتوقف طويلا أمام العقل المصدر لها، ويجب أن نبحث عن دوافعه فى النبش عنها، وإعادة طرحها فى الحياة، لأنه بصورة أو بأخري، فإن هذا العقل يعمل فى خدمة مجتمع «مهووس» بالنصف الأسفل من الجسد، وهو عقل متحيز دائما للرجل فى إشباع شهواته، فإذا كان حسب الفتوى من حق الرجل مضاجعة زوجته المتوفاة، فهل للزوجة نفس الحق مع زوجها الميت؟!! لن تكون مثل هذه الفتاوى الشاذة، هى آخر الفتاوى المضادة للعقل والفطرة الإنسانية السليمة، ولن تغلق أبواب الكهف «الأصفر»، إلا عندما يتخلص المجتمع من تخلفه وجهله وتدينه الظاهري، ويسترد فطرته السليمة، التى تميز بين الحق والباطل، دون فتاوى قادمة من أزمنة سالفة مهجورة، كانت لها طبيعة وثقافة، لم يعودا مقبولين فى الحياة اليوم. فى الختام.. يقول شاعر النيل محمود حسن إسماعيل: «كونى صلاة تسكب النور على كل فم وغنوة تروى الهوى لكل قلب مغرم» لمزيد من مقالات محمد حسين;