مرة أخري، لفتت الصين أنظار العالم بأسره «بمنتدى الحزام والطريق للتعاون الدولي» الذى عقد فى بكين فى مايو الماضي، وقد أعرب الرئيس «شى جين بينج» عن الأفكار الرئيسية التى برهنت على رعاية مصالح مختلف البلدان، وأشارت إلى أن تنمية الصين ستتيح بالتأكيد فرصا للعالم بأسره، مؤكدا تعزيز الاتصالات بشأن الدراسات الإنسانية من أجل بذل جهود مشتركة وذلك لإيجاد مجتمع مشترك للبشرية على أساس مباديء: «التفاوض والمساهمة المشتركة، والمنافع المشتركة». ومن الواضح أن العولمة هى الحقيقة التى يواجهها الناس منذ عدة عقود، وهناك مفهوم مهم يستحق ذكره، ألا وهو «الفكر العالمي»، ونحن سعداء جدا لرؤية قسم بحث مسمى ب «لجنة الفكر العالمي» الذى تديره جامعة كولومبيا فى مدينة نيويورك بهدف «تعزيز مشاركة الجامعة فى القضايا ذات الأهمية العالمية»، من أجل «فهم الظروف المتغيرة لعالمنا المعاصر»، التى تتطلب »مفاهيم جديدة تتعلق بالظواهر العالمية التى تتطور سريعا«. بالعودة لعام 2013، عقدت اللجنة مناقشة بعنوان «العيش جنبا لجنب: بشأن الثقافة والأمن»، قدمه ساسكيا ساسن» و«روبرت س.ليند» أستاذ علم الاجتماع وسو وهومى مدير مركز «ماهيندرا للعلوم الإنسانية» بجامعة هارفارد، وتم تسليط الضوء فى هذه المناقشة على الصلة الوثيقة بين «الثقافة والأمن»، أثناء استعراض المناقشات والمقابلات على التليفزيون المتعلقة بالقضايا والأزمات العالمية الحالية كان هناك عدد من التعليقات والاستكشافات حول الموضوعات الثقافية، وهناك قول مأثور: كل قصة عمل هى قصة إنسانية وأود أن أضيف للقول أن كل قصة إنسانية هى قصة ثقافية. لذلك فإن الدراسة المشتركة بين الثقافات هى الجوهر الذى من شأنه أن يوسع ويعكس التفاهم بين الثقافات وذلك من ناحية غرس القيم المشتركة وتعميق التفسيرات ووضع نظريات مختارة من مختلف الثقافات والأديان، وبمجرد أن قامت اليونسكو برعاية برنامج «الشبكات العالمية لمدن التعلم» المسئول عن تنظيم ندوة دولية فى شهر سبتمبر 2016 بالتعاون مع CASS والأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية والمؤسسة الأكاديمية البرتغالية، بعنوان مهارات التعلم وفهم التنوع الثقافي: طريق الحرير والتبادلات الصينيةالغربية. ومناقشة مختلف الموضوعات من خلال وجهة نظر كل من علم الآثار، والفلسفة، والاقتصاد، والتاريخ بدراسة طرق فهم التنوع الثقافى مع أقل التقاء. علاوة على ذلك، فإن الأحداث المتعلقة بالدراسات المتعددة الثقافات مستمرة فى الظهور وستتحقق فى الأشهر المقبلة برعاية «أكاديمية خبى الصينية للإعلام وجامعة ووهان» فى جنوبالصين بالتعاون مع علماء من الشرق والغرب، لتوضيح مفاهيم التواصل بين الثقافات فى إطار «مجتمع المنافع» و«مجتمع المستقبل المشترك» و«ترابط الناس على أسس من القيم المشتركة». وأكدت تصريحات نائب رئيس مجلس الدولة الصينى «ليو يان دونج» أثناء زيارتها لأكاديمية CASS فى شهر مايو 2017 أن الأعمال البحثية للأكاديمية عززت المستوى الأكاديمى للخطاب الدولى مما ساهم بشكل كبير فى الأبعاد العالمية، كما أشارت إلى أن «العلوم الاجتماعية يجب أن تبنى على الأوضاع والظروف الصينية»، وأن تكون مستوحاة من تجارب الدول الأخري، متعمقة فى التاريخ، من أجل السيطرة على الأوضاع الراهنة، فيما يتعلق بالإنسان ككل وفى مواجهة المستقبل، وأوضحت أن هذه النقاط من الممكن أن تكون المبادئ المهمة والمنطق السليم المشترك بين العلماء والخبراء حول العالم. وبصفتى أحد كبار الباحثين فى أكاديمية CASS، أشعر بالحماس والطموح للإسهام فى الدراسات المقارنة بين الثقافات، وقد انتهيت من العمل على ورقة بحثية أخرى عن الحوار بين الإسلام والكونفوشيوسية، تتضمن كلا من الفكر الإسلامى المقبول والمأخوذ به فى الصين والأعمال الكونفوشيوسية الكلاسيكية. أما من منظور التبادل الثقافى والتفاعل بين الثقافات، فإن البحث عن الفارق والاختلاف بين الكونفوشيوسية والأفكار الإسلامية العربية من حيث الدراسات المقارنة لقيمهم الأساسية والأخلاقية، بالإضافة إلى النماذج الاجتماعية، فإن هذا سيكون المحتوى الرئيسى لأعمالى البحثية، وبالإضافة إلى ذلك، فإنه يشمل تحقيق وتحليل المجتمعات المدنية، والتجارب التاريخية، فضلا عن الأدوار التى كان المفكرون يلعبونها فى الأحداث التى تحققت من خلال الانتشار الثقافى وتأثيراته. وفى النهاية، أكد CGT وأقر أن «تبادل الأفكار بين الأفراد فى جميع أنحاء العالم تسبب فى نشأة مفهوم التفكير العالمي». ومن المؤكد أن الصين والدول العربية تتطلع إلى مزيد من التعاون بين مؤسساته الأكاديمية فى إطار الدراسة بين الثقافات والتعليم العالى من خلال منظور متعدد التخصصات فى المستقبل القريب مما سيثرى ما يسمى ب«الفكر العالمي». ◀ البروفيسور ليو ييهونج الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية لمزيد من مقالات البروفيسور ليو ييهونج