في كل حالة، نكون أمام أصوات أو أفعال تخلت عن الاعتدال والموضوعية، وفقدت هوية المصلحة العامة، وافتقدت الأدلة والمنطق، وتهاوت فيها لغة الكلام ومفردات اللغة، وتخلت عن الحكمة والعقل، عندئذ نكون أمام حالة من الهوى البيّن أو الطيش الجامح، وهى تعنى في اللغة «الانحراف» «والاضطراب» «والغلو»، وهو أمر منهى عنه في العلاقة بين الإنسان وربه، وفي العلاقة بين الأشخاص بعضهم البعض مهما تكن صفاتهم وسلطاتهم. من ذلك تحريف الحقائق والإساءة الى سمعة البلاد، تصريحاً أو تلميحاً، من أصوات تصدر من أشخاص او جهات بالأصالة عن نفسها أو الوكالة عن غيرها، وتجري بلغة وتصرفات طائشة أو مغرضة تفتقد الموضوعية والدليل لكل ما يقال ويشاع، فما يصدر من أخبار أو تقارير عن منظمات مشبوهة، منها ما صدر منذ أيام عن منظمة هيومان رايتس، في تقرير بلغ 44 صفحة كاملة جمع الأكاذيب والمبالغة عن الاعتقال وحال السجون والتعذيب في مصر وجاهرت مقدمته بالانحياز وتأييد الإرهاب، وأشار التقرير ل 19 حالة من الروايات والقصص، لبث الشائعات، والمساس بسمعة البلاد، بغرض إسقاط الدولة، وتقسيم المنطقة كلها, حيث وجه التقرير الاتهامات الى كل السلطات في البلاد حتى السلطة القضائية ذاتها، كما أجرى الحوارات والسيناريوهات المزيفة لأقوال وهمية، يلفظها المنطق والعقل عن اشخاص هاربين من وجه العدالة، وحسناً ما جري من مواجهة للتقرير بالحجج والبراهين الدامغة، لكنه ليس حسناً أن نكتفي بالصمت أو الصراخ أو توجيه الاتهامات وحدها، وتظل في كل الأحوال أصواتا طائشة!! من تلك الأصوات الطائشة أيضاً ، الكلمات التى تنطلق نفاقاً ورياء، أو تروج لسوء الأخلاق يقابلها الرأى العام بالاستياء والازدراء.. وهى تأخذ ولا تعطي، وقد سَئم الناس وجود تلك الوجوه والأصوات في كل زمان، عندما تنافق كل سلطة ولا تتواري خجلاً على مر العهود , خطورة تلك الأصوات أنها تسهم في تأليه السلطات ودفعها الى التحكم والسيطرة، وهى تسئ اليها وتأخذ منها، وقد تكون السلطات، ذاتها ليست في حاجة اليها، لكنه بدا سلوكاً وعادات، تمثل آفة مجتمعية خطيرة، آثرت على نفسها ألا تودع من يترك السلطة.. واذا ودعت أساءت الوداع !! لهذا كانت أصواتا طائشة وأفعالا تضر ولا تنفع، يجب الكشف عنها ومواجهتها !! من تلك الأصوات الطائشة أيضاً.. الإساءة مقدماً، وإطلاق التشهير والوعيد لكل مواطن يفكر في الترشُّح للانتخابات، أى انتخابات، سواء كانت رئاسية أو برلمانية أو محلية أو حتى انتخابات الأندية والجمعيات والنقابات أو الغرف التجارية أو السياحة أو جمعيات رجال الأعمال وغيرها، لأنه معلوم لدى الرأى العام أن ذلك كله يتم لأغراض وحسابات شخصية لا تستهدف صالح البلاد، وتؤدى الى عزوف المواطنين عن المشاركة في الحياة العامة وادارة شئون البلاد، التى تدعو لها كل المبادئ الدستورية والقوانين، وترسخ لحمايتها وزيادة قدرها على مدى تاريخ حياتنا السياسية، التى تعود الى عام 1824 منذ عهد محمد على، وقد بعث رسالة الى المجلس العالى وقتئذ، باتخاذ التدابير في نظر العقلاء والبعد عن الاستهتار والمحاباة، وصولاً الى قوة البلاد وعزمها، ومازالت الدساتير على طول عهدها، ترسخ لممارستها وتعظم من شأنها، وتضعها في مقدمة باب الحقوق والحريات وسيادة القانون، ولهذا بدت تلك الأصوات أفعالاً طائشة لأنها تهدد الحريات وتصادر الحقوق، وهى إساءة بالغة الى من يوجهها أو يروج لها !! من الأصوات الطائشة كذلك ما نراه من تصريحات لبعض الكبار.. في صراع محموم بين بعض المسئولين، وإطلاق الأرقام والتصريحات، لإبهار الناس اعلامياً بنتائج أعمالهم، وانتزاع إعجابهم وتقديرهم، وخلق رأى عام مصطنع يساندهم في زهو وبريق إعلامى، على حين أن تلك التصريحات لا تمثل الحقيقة، وهو ما يندرج في باب النصب.. وتعتبر هذه التصريحات والأقوال طائشة، يجب تدقيقها والمساءلة عن إطلاقها بغير حساب !! من تلك الأصوات الطائشة أيضاً، الإدعاء بالحصول على الألقاب والدرجات العلمية.. أو الانتساب الى صفات أو أوصاف الخبرة، أو الحصول على جوائز ومناصب علمية غير حقيقية, تخاطب الرأى العام، كما لو أنها حقيقة، دون أن نسمع عنها أو ندقق لها أو نتحري عن سلامتها وصحتها، حتى يعلم الرأى العام روايتها، لأن ذلك كله يدخل في باب النصب والإيهام, والإدعاء، بأنها حقيقة، ولا يوجد لدينا جهة تتتبع حقيقة ذلك، أو تنير الرأى العام عن سلامة الإدعاء أو صحة تلك الصفات والألقاب حتى صار انتحالها لكل من هب ودب، أمراً آمناً وسهلاً ميسوراً!! ومع كل ذلك نشاهد في الحياة، في كل زمان ومكان، أصواتاً غاشمة أو أفعالاً طائشة، تَجُرّ على صاحبها عدم الاحترام والامتهان والخزي أمام الرأى العام، حتى ولو تجاهلها أصحابها أو لم يدرك أى منهم حالها، رغم ان امتهانها وازدراءها راسخ في وجدان الرأى العام, ونظرات الناس وتعبيراتهم، خاصة وأن منها ما قد يثير الفتن وإطلاق الشائعات، وربما القلاقل في المجتمع. ويتصل بكل هذه الصور والمواقف الطائشة، سواء كانت أصواتا أو أفعالا أو ردود أفعال، موقف السلطة أى سلطة منها، فأما أن تتجاهلها وتهمل الرد عليها وتتركها تتنامى يقع الناس فريسة لها، وهو ضرر كبير، لأن ذلك يعنى استحسانها وتزكيها، واما ان تضرب السلطة لنا الأمثال، فتنتفض ضدها أو تثأر لحالها، وتردها على أصحابها، وتدرأ عن نفسها شبهة الاستحسان والقبول، وتنقذ الرأى العام من براثنها، وهو فأل حسن, فترسخ للاعتدال والموضوعية، لأنها تضر بالسلطة وتسئ إليها ولا تنفع، ولا تحقق نفعاً للمجتمع، وإنما تصيبه بأبلغ الأضرار !! حضرات السادة أوقفوا مثل هذه التصريحات والأفعال الطائشة مهما كانت صورها حتى ننشر ثقافة الاعتدال والموضوعية، ونُرسخ لحسن الأخلاق، ونحترم الجميع حتى يحترمنا الجميع. لمزيد من مقالات د. شوقى السيد