عندما يأتي العيب من أهل العيب فلا عجب ولا عجاب , لكن أن يأتي علينا من أهل العلم فهذا هو العيب ذاته , ويبدو ومن شدة إدماننا علي إصدار الفتاوى بلا ضابط ولا رابط , وعمال علي البطال , فكان طبيعي أن تخرج علينا فتوى مثل التي أصدرها الأستاذ صبري عبد الرؤوف حيث صرح من خلالها بأن " معاشرة الزوجة الميتة حلال " , وقبل أن يتفتأ ذهن أحد بأن ذلك الأمر لم يعد غريب كعادة شيوخ السلفيين الذين عودونا علي فتاوى أكثر غرابة ونشازا من هذا ! لكن يتضح خطأ تصورنا وانه وللأسف الشديد أستاذا كبيرا للفقه المقارن بجامعة الأزهر , وجاء بهذا الكلام الفارغ أثناء أحد حواراته التليفزيونية حيث قال وبالحرف الواحد : " إنه يجوز للزوج معاشرة الزوجة المتوفاة أو ما تسمى "معاشرة الوداع "! ثم عاد وناقض نفسه بنفسه فقال أيضا : "إنه حلال لكن أين النفس البشرية التي تقبل هذا ؟ ", إن الأمر شاذ لكنه لا يندرج تحت حكم الزنا , وإن أتى به الزوج فهو مخالف للمألوف ، ولا يعاقب عليه كحكم الزنا ", وأشار في النهاية إلي أنه " يستوجب على ولي الأمر تعزيز الزوج إن فعل ذلك " ! حديث بلا معني وفتوى ليس لها أي محل من الأعراب , فهل هذه هي القضايا الدينية التي ينبغي علي عالم جليل أن يحدثنا عنها ؟ خاصة ونحن نعيش الآن في مفترق الطرق بين أراء متباينة من هنا وهناك حتى صرنا في متاهة ما بعدها متاهة ! وهل انتهت كل مشاكلنا الحياتية , ولم يعد نقصنا سوي مناقشة وشرح وتحليل أو تحريم ما بعد الموت ؟ ! كان طبيعي أن تنهال ردود الأفعال السلبية والمعارضة والرافضة شكلا وموضوعا لما قاله د / عبد الصبور , بل ومهاجمته هو شخصيا لأنه كان الأولي به وبصفته العلمية والفقهية ، أن يكون أحرص الناس علي عدم الخوض في مثل هذه الأحاديث والفتاوى السخيفة والمقززة , والتي من شأنها تجعل العالم يسخر منا ومن ديننا العظيم حسب علمنا أن الأزهر طالب بالتحقيق مع الدكتور صبري , كما أصدر " الأعلى للأعلام " قرارا بمنع ظهوره علي شاشات التليفزيون وعدم استضافته في المحطات الإذاعية أيضا ويبقي السؤال هل هذا عقاب كافي ورادع للأستاذ الأزهري ولكل من تسول له نفسه بإصدار فتاوى ؟ وماذا عن الشيوخ الأفاضل الذين حرموا تحية العلم في أول يوم دراسة في الكليات والجامعات ؟ فلماذا لم نسمع أي حس ولا خبر عن محاسبتهم أو حتى مجرد اعتراض أو علي الأقل استنكار علي ما افتوا به ؟ يخيل إلي أنه كان هناك قانون أصدر مؤخرا يمنع بل ويجرم إصدار فتاوى إلا من دار الإفتاء , أو أصحاب الشأن المختصين والمتخصصين فقط ، إذن علي أي أساس يتم السماح لكل من هب ودب بإصدار أو إلقاء الفتاوى جزافا هكذا ؟ كل ما نرجوه فقط أن تفعل القوانين عندنا ولو لمرة واحدة ، فربما ترحمنا من سيل وانفلات الفتاوى بهذا الشكل المبتذل ، حتى أصبح لدينا هناك فتوى لكل مواطن تقريبا , مع العلم أن هذا المواطن " الغلبان " إذا كان الآن في أشد الحاجة إلي أشياء عديدة أخري ، لكن ليس من بينها علي الإطلاق أي فتوى أخري جديدة ! [email protected] لمزيد من مقالات علا السعدنى;