القومي للبحوث: مهتمون بالربط بين الأبحاث العلمية والتطبيق على صحة الإنسان وعلاجاته    محافظ المنوفية يتابع موقف توريد القمح ويشدد بالمتابعة الدورية    بيان عاجل وزارة البيئة بشأن تأثير العوامل الجوية على جودة الهواء خلال الفترة المقبلة    مطالة أممية بفتح تحقيق دولي في المقابر الجماعية بمستشفيات غزة    أبو عبيدة: الرد الإيراني على إسرائيل وضع قواعد جديدة ورسخ معادلات مهمة    وزير الدفاع الروسي: القوات الأوكرانية خسرت نصف مليون عسكري منذ بداية الحرب    سموحة يتقدم على بلدية المحلة في الشوط الأول    43 مليون جنيه إسترليني| مكافأة ضخمة تنتظر الأهلي في كأس العالم للأندية    ألف طالب يشاركون بمهرجان سيناء أولا.. وشوشة: طرح 36 ألف وحدة سكنية جديدة لأهالي رفح    شاهد أرسنال وتشيلسي في الدوري الإنجليزي بث مباشر مجانا.. مباراة تشيلسي وأرسنال 2024    جمال علام: أزمة «صلاح» و«العميد» «فرقعة» إعلامية.. و«مو» سيتواجد في معسكر المنتخب القادم| حوار    إصابة شخص إثر سقوط سيارة من أعلى كوبري على خط مترو الأنفاق بروض الفرج    ولادنا عايزين يذاكروا| الأهالي يطالبون بعدم قطع الكهرباء عن المنازل أسوة بالمدارس    النسب غير كافية.. مفاجأة في شهادة مدير إدارة فرع المنوفية برشوة الري    بروتوكول تعاون مع الاتحاد الأوروبي لتنفيذ مشروع تطوير البر الغربي بأسوان    قبل الامتحانات.. أطعمة تزيد التركيز وتقوي الذاكرة للأطفال    لتيسير تعامل الشركات على أسهم الخزينة .. "الرقابة المالية" تطور قواعد القيد    أحال بيان المالية للموازنة.. مجلس النواب يرفع أعمال الجلسة العامة ل7 مايو المقبل    «العربي لعمال الغزل والنسيج» ينتخب عبد الفتاح إبراهيم أمينا عاما للاتحاد    27 أبريل.. إستكمال محاكمة 73 متهما ب "خلية التجمع"    مقتل حلاق على يد راعي غنم في الفيوم    وزير العمل يشهد بروتوكول تعاون لتأهيل الشباب السيناوي لسوق العمل    سامح حسين ينعى تامر عبدالحميد مؤلف «القبطان عزوز»    الكتاب.. مفتاح لعوالم لا حدود له | يوم الكتاب العالمي    تكريم خيري بشارة.. تفاصيل افتتاح فعاليات مهرجان مالمو للسينما العربية    شباك التذاكر.. «شقو» يتصدر و«فاصل من اللحظات اللذيذة» الوصيف    أحمد بلال البرلسي يطالب بضوابط واضحة لتغطية الجنازات والعزاءات (تفاصيل)    الاتحاد الأوروبي يفشل في الاتفاق على تسليح أوكرانيا بصواريخ باتريوت    «الرعاية الصحية»: المرحلة الثانية للتأمين الصحي الشامل تبدأ في دمياط ومطروح    إحالة بيان الحكومة بشأن الموازنة إلى لجنة "الخطة".. ورفع الجلسة العامة حتى 7 مايو    فيديو| فتح باب التصالح على مخالفات البناء.. أبلكيشن لملء البيانات وتفاصيل استعدادات المحافظات    ترامب يهاجم جلسات محاكمته: وصمة عار وفوضى    موجة حارة وعاصفة ترابية- نصائح من هاني الناظر يجب اتباعها    100 قرية استفادت من مشروع الوصلات المنزلية بالدقهلية    عبير فؤاد تتوقع ظاهرة غريبة تضرب العالم خلال ساعات.. ماذا قالت؟    محافظ بوسعيد يستقبل مستشار رئيس الجمهورية لمشروعات محور قناة السويس والموانئ البحرية    وزير العدل: تشكيل لجنة رفيعة المستوى لوضع مشروع قانون ينظم استخدامات الذكاء الاصطناعي    رئيس جامعة عين شمس يبحث مع السفير الفرنسي سبل تعزيز التعاون الأكاديمي    محافظ المنيا: تنظيم قافلة طبية مجانية في مركز أبو قرقاص غدا    هل يحق للزوج التجسس على زوجته لو شك في سلوكها؟.. أمينة الفتوى تجيب    سيدات سلة الأهلي يواجه مصر للتأمين في الدوري    مصرع سائق في حادث تصادم بسوهاج    محافظ كفر الشيخ ونائبه يتفقدان مشروعات الرصف فى الشوارع | صور    دار الإفتاء: شم النسيم عادة مصرية قديمة والاحتفال به مباح شرعًا    نستورد 25 مليون علبة.. شعبة الأدوية تكشف تفاصيل أزمة نقص لبن الأطفال    اللعبة الاخيرة.. مصرع طفلة سقطت من الطابق الرابع في أكتوبر    الغزاوي: الأهلي استفاد كثيرا من شركة الكرة    السفير طلال المطيرى: مصر تمتلك منظومة حقوقية ملهمة وذات تجارب رائدة    خلال الاستعدادات لعرض عسكري.. مقتل 10 أشخاص جراء اصطدام مروحيتين ماليزيتين| فيديو    وزير الأوقاف من الرياض: نرفض أي محاولة لتهجير الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته    قطاع الدراسات العليا بجامعة القناة يعلن مواعيد امتحانات نهاية الفصل الدراسي الثاني    جيش الاحتلال الإسرائيلي يقصف مناطق لحزب الله في جنوب لبنان    الرئيس السيسى يضع إكليلا من الزهور على النصب التذكارى للجندى المجهول    الثلاثاء 23 أبريل 2024.. الدولار يسجل 48.20 جنيه للبيع فى بداية التعاملات    اتحاد الكرة يوضح حقيقة وقف الدعم المادي لمشروع «فيفا فورورد»    مستدلاً بالخمر ولحم الخنزير.. علي جمعة: هذا ما تميَّز به المسلمون عن سائر الخلق    الإفتاء: التسامح في الإسلام غير مقيد بزمن أو بأشخاص.. والنبي أول من أرسى مبدأ المواطنة    علي جمعة: منتقدو محتوى برنامج نور الدين بيتقهروا أول ما نواجههم بالنقول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فى ذكرى «حنظلة» الغاضب
نشر في الأهرام اليومي يوم 16 - 09 - 2017

فى 29 أغسطس الماضى حلت الذكرى الثلاثون لاغتيال فنان الكاريكاتير الفلسطينى «ناجى العلى»(1937 1987). اُغتيل فى لندن عن عمر يناهز الخمسين سنة. أى أنه فى هذا العام تحل ذكرى ميلاده الثمانون، أيضا...
وحسنا فعلت الأستاذة منال لطفى أن ذكرتنا به وبأن قضية اغتياله لا تزال محل بحث وتحقيق إلى الآن بحسب ما فى موضوعها المتميز المعنون: «ناجى العلى يستجوب قاتليه» الذى نشر فى ملحق أهرام الجمعة الأسبوع الماضى.
«ناجى العلى»؛ هو ابن النكبة الفلسطينية العربية بامتياز...ابن ضياع الوطن وسكنى المخيمات والترحال الدائم... لم يكن لديه إلا موهبته الفنية ليعبر بها عن مدى ما يختزنه من ألم وحزن وغضب. لذا جاءت رسوماته قاسية فى تجسيدها للواقع. لذا وبحسب ما جاء فى تحقيق «أهرام» الجمعة الماضى بأنه قد يكون هناك «انقسام حول الجهة التى تقف وراء اغتياله. لكن مقابل هذا، ليس هناك انقسام حول الأسباب. فالأسباب معروفة وهى رسومات ناجى العلي»...والسؤال ماذا فيها؟
رسومات «العلى» لم تكن رسومات نمطية أو سطحية ذات تعليقات مباشرة. وإنما رسوماته بالإضافة إلى جمالها وتوظيفها للأسود والأبيض ببراعة فإنها كانت تحمل رسالة سياسية واجتماعية ضد أحوالنا العربية المتردية دوما. فكانت تعليقاته أشبه بطلقات رصاص، لا تقتل بقدر ما تثير الوعى وتوقظ لدى المتلقين النخوة والهمة. رسومات كاشفة للمؤامرات والمخططات ومخلخلة لأى تواطؤات...
وقد أبدع فى بلورة شخصية دائمة لا تكون شاهدة على ما يرسم ناجى العلى وإنما فى الحقيقة تكاد تكون هى التى ترسم والموحية بكل ما يخرج من إبداع. لذا كانت هذه الشخصية حاضرة فى الرسومات حيث تعطى ظهرها للقارئ. أحيانا تشارك فى الكتابة وفى الرسم. وأحيانا تكون شاهدة على مكونات الرسم. هذه الشخصية لا نعرف وجهها.
إنها شخصية «حنظلة»..
و«الحنظلة» هو نبات ثمرهُ مرّ، ويضرب المثل فى مرارته...إنها الإنسان العربي، الرجل والمرأة على السواء(فكلمة حنظلة لغويا: اسم علم مذكر عربي، مؤنث تأنيثا مجازيا)...
ورافق/رافقته «حنظلة» ناجى العلى فى كل ما رسم. كناية عن المواطن العربى الغاضب غضبا مرا.
كان «حنظلة»، حافى القدمين، لا يرتدى ملابس. وإنما يضع لباسا يلف به جسمه وتخرج من رأسه شعيرات بارزة أقرب للأشواك. يقف فى مكان ما فى الرسم يضع يديه خلف ظهره. وأحيانا يمد يده ليرسم أو يرفع علامة النصر...وعن «حنظلة» يقول «ناجى العلى» : «ولد حنظلة فى العاشرة من عمره وسيظل دائما فى العاشرة من عمره. ففى تلك السن غادر فلسطين، وحين يعود حنظلة إلى فلسطين سيكون بعد فى العاشرة ثم يبدأ فى الكبر، فقوانين الطبيعة لا تنطبق عليه لأنه استثناء كما أن فقدان الوطن استثناء»... ومن ثم حرص ناجى العلى أن يرسم بنيته طول الوقت على هيئة طفل. ولكنه الطفل المقاوم من أجل أجيال جديدة تعيش فى ظروف أيسر...الطفل الفيلسوف الذى يرقب الأحداث ويتمعن فيها ويعلق عليها تعليقا عميقا متعدد المستويات والأبعاد، إن اضطر للتعليق، ولم يكتف بالرسم الذى يحمل فى ذاته دلالات عدة.
لقد كانت شخصية حنظلة تعبر عن المواطن العربى الغاضب، والمتألم، والشاهد على الأحداث والرافض للأوضاع، ويحلم من خلال صراحته إن نطق وخطوطه «أن تتبدل الأحوال».
لم يكن الغضب المصاحب «لحنظلة» الذى لم نشاهد وجهه قط فى حدود علمى «غضب والسلام». وإنما كان غضبه مؤسسا على الوعى والفهم لطبيعة ما يحاك ضد المنطقة ومواطنيها من أجل إضعاف مقاومتها، ومن ثم حدوث تداعيات سلبية على أحوال العباد والبلاد لإبقاء الأمر الواقع على ما هو عليه... لقد فرح حنظلة «للعبور والانتفاضة» وكان واعيا لخطورة الانقسامات فى داخل البيت الواحد لأنها سوف تثمر فى النهاية ولادات مشوهة «إرهابية» فى المقام الأول، وقد كان...
حمل ناجى العلى ريشته يرسم ويرسم، لا يأبه بالتهديدات. حيث كان يمثل نموذجا حيا وعمليا للمثقفين والفنانين «المتمردين والرافضين» الذين عرفتهم أوروبا فى مواجهة الفاشية... فكان «ينطق بخطوطه عن كل ما هو مسكوت عنه فى الواقع العربى». مستهدفا «استعادة الوطن والانتصار له»...لقد نجح «ناجى العلى» فى أن يجعل من «رسمته» اليومية سواء فى السفير اللبنانية أو ما تلاها من دوريات رسالة حية للمواطن العربى عن واقعه. لا تقول له ماذا يفعل ولكن تثير الوعى داخله...وهنا كان دوره التاريخى الذى لم يحتمله البعض رغم مخاطبته العقل لا الغرائز مثل الإرهابيين...وقد نجح فى هذا الدور نجاحا كبيرا...
لقد انطبق على ناجى العلى ما قاله شاعرنا الكبير أمل دنقل الذى لا يقل عنه غضبا أو رفضا فى قصيدته: «قالت امرأة فى المدينة» من ديوان أوراق الغرفة 8، ما نصه:
فأشهد لنا يا قلم
أننا لم ننم
أننا لم نقف بين «لا» و«نعم»...
لمزيد من مقالات سمير مرقص;


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.