نواب ينتقدون الحكومة بسبب عدم الاستفادة من القروض بشكل أمثل: 400 مليون يورو "والحسابة بتحسب"    أسعار الذهب منتصف تعاملات اليوم الأربعاء.. الجنيه يسجل 24.8 ألف جنيه    رئيس مركز ومدينة سمالوط يتابع توريد القمح بالشونة المركزية    عشرات الشهداء والجرحى في قصف الاحتلال الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة في يومه ال215    منتخب مصر الأولمبي يفاضل بين عدة عروض ودية استعداداً لمعسكر يونيو    مرشح جديد لتدريب مانشستر يونايتد خلفاً لتين هاج    الزمالك يكشف مفاجآت في قضية خالد بوطيب وإيقاف القيد    وكيل تعليم شمال سيناء يتابع سير امتحانات النقل    حجز مجدي شطة على ذمة قضايا أخرى بعد إخلاء سبيله بقضية المخدرات    تحمل اسم عايدة عبد العزيز.. مهرجان «إيزيس للمسرح» يُعلن تفاصيل دورته الثانية غدا    وزير النقل يترأس الجمعية العامة العادية للشركة المصرية لإدارة وتشغيل مترو الأنفاق    إسرائيل تعيد إغلاق معبر كرم أبو سالم بعد إدخال شاحنة وقود واحدة لوكالة أونروا إلى غزة    أوكرانيا: ارتفاع قتلى الجيش الروسي إلى 477 ألفا و430 جنديا منذ بدء العملية العسكرية    وزير الخارجية الإيراني: طهران والقاهرة تتجهان نحو إعادة علاقاتهما الدبلوماسية إلي طبيعتها    زعماء العالم يهنئون فلاديمير بوتين بعد تنصيبه رئيسا لولاية خامسة    وزيرة الهجرة تستقبل أحد رموز الجالية المصرية بالكويت    محافظ كفر الشيخ: نقل جميع المرافق المتعارضة مع مسار إنشاء كوبري سخا العلوي    30 جنيهًا للعبوة 800 جرام.. «التموين» تطرح زيت طعام مدعمًا على البطاقات من أول مايو    صالح جمعة معلقا على عقوبة إيقافه بالدوري العراقي: «تعرضت لظلم كبير»    وزيرة البيئة: مشروعات الهيدروجين الأخضر تحقق استثمارات ب770 مليار دولار سنويا    تعرف على حد الاستخدام اليومي والشهري للمحافظ الإلكترونية للأفراد والشركات    ارتفاع تدريجي في درجات الحرارة.. الأرصاد تكشف حالة الطقس حتى يوم الجمعة 10 مايو 2024    مصرع سيدة صدمها قطار خلال محاولة عبورها السكة الحديد بأبو النمرس    بسبب إدمانه .. الأب والأم قتلا نجلهما    المشاط تبحث مع سفير أذربيجان استعدادات انعقاد الدورة من اللجنة المشتركة بالقاهرة    ياسمين عبدالعزيز وأبناؤها بمداخلة على الهواء في «صاحبة السعادة».. والجمهور يُعلق    لمواليد 8 مايو.. ماذا تقول لك نصيحة خبيرة الأبراج في 2024؟    ذكرى رحيل أحمد مظهر.. نهاية حزينة لفارس السينما المصرية ومريم فخر الدين تكشف الأسباب    قصور الثقافة تصدر كتاب "السينما وحضارة مصر القديمة"    أصالة تحذف صورها مع زوجها فائق حسن.. وتثير شكوك الانفصال    الإفتاء تكشف محظورات الإحرام في مناسك الحج.. منها حلق الشعر ولبس المخيط    الأمين العام المساعد للبحوث الإسلامية يوضح للشباب مقومات الشخصية المصرية    الكشف على 10 آلاف مواطن بالمنيا في 8 قوافل طبية خلال شهر    النواب يستكمل مناقشه تقرير لجنة الخطة والموازنة    بدء تنفيذ أعمال مبادرة "شجرها" بسكن مصر في العبور الجديدة    "المدرج نضف".. ميدو يكشف كواليس عودة الجماهير ويوجه رسالة نارية    طلاب الصف الأول الإعدادي بالجيزة: امتحان اللغة العربية سهل (فيديو)    اليوم، الحركة المدنية تناقش مخاوف تدشين اتحاد القبائل العربية    مصادر: شركة أمريكية خاصة ستتولى إدارة معبر كرم أبوسالم لحين تولي السلطة الفلسطينية المهمة من الجانب الفلسطيني    فولكس فاجن ID.3 موديل 2024 الكهربائية تنطلق رسميًا    علي جمعة: الرضا والتسليم يدخل القلب على 3 مراحل    سحر فوزي رئيسا.. البرلمان يوافق على تشكيل المجلس القومي للطفولة والأمومة.. يتألف من 13 عضوا.. وهذه تفاصيل المواد المنظمة    ضبط قضايا اتجار في العملة ب12 مليون جنيه    الصحة: فحص 13 مليون مواطن ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض المزمنة    «قلت لها متفقناش على كده».. حسن الرداد يكشف الارتباط بين مشهد وفاة «أم محارب» ووالدته (فيديو)    لبلبة و سلمي الشماع أبرز الحضور في ختام مهرجان بردية للسينما    إعلام فلسطيني: شهيدتان جراء قصف إسرائيلي على خان يونس    سيد معوض: الأهلي حقق مكاسب كثيرة من مباراة الاتحاد.. والعشري فاجئ كولر    «الإفتاء» توضح الأعمال المستحبة في «ذي القعدة».. وفضل الأشهر الأحرم (فيديو)    إخماد حريق في شقة وسط الإسكندرية دون إصابات| صور    نتائج التحقيقات الأولية فى مقتل رجل أعمال كندى بالإسكندرية، وقرارات عاجلة من النيابة    بايدن: لا مكان لمعاداة السامية في الجامعات الأمريكية    «النقل»: تصنيع وتوريد 55 قطارا للخط الأول للمترو بالتعاون مع شركة فرنسية    الصحة: تقديم الخدمات الطبية لأكثر من 900 ألف مواطن بمستشفيات الأمراض الصدرية    حكم حج للحامل والمرضع.. الإفتاء تجيب    "كفارة اليمين الغموس".. بين الكبيرة والتوبة الصادقة    «إنت مبقتش حاجة كبيرة».. رسالة نارية من مجدي طلبة ل محمد عبد المنعم    رئيس إنبي: نحن الأحق بالمشاركة في الكونفدرالية من المصري البورسعيدي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سِلْكت.. مع المقاطعة!
نشر في الأهرام اليومي يوم 16 - 09 - 2017

ويظل الوضع كما هو عليه من موقف رباعى المقاطعة العربية (مصر والسعودية والإمارات والبحرين) تجاه قطر التى تتخذ أسلوب الالتفاف والمراوغة ووضع الأسافين بين الدول، وآخرها الاتصال الذى جرى بين ولى عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان وتميم أمير قطر الذى راوغت فيه الدوحة وتنصلت وحرّفت حقيقة الاتصال الهاتفي الذى جرى، ومن قبل أذاعت ما دار من مباحثات ثنائية جانبية مع أمير الكويت الذى طلبت وساطته بعدها بدقائق علي قناة الجزيرة، لتعود في مخطط عدم اللياقة واللباقة والالتفاف لتنفي موافقتها على مطالب الدول الأربع التى أعلنها أمير الكويت في المؤتمر الصحفى العالمى مع الرئيس الأمريكى دونالد ترامب.. وإذا ما كانت روسيا قد تدخلت هى الأخرى بعدما طلبت قطر وساطتها فإن سلطان المريجى وزير الدولة القطرى للشئون الخارجية قد أفشي ما تم معها أو حوَّرَ حول رأيها بعدم تصورها جدية تطبيق الثلاثة عشر مطلباً لدور المقاطعة، وذلك بالأمس في الجلسة الافتتاحية للدورة ال48 لمجلس الجامعة العربية علي مستوى وزراء الخارجية مع تذكيرنا هنا بأن أول عملية تفجير تمت علي أرض قطر كانت فى 14 فبراير 2004 لنسف سليم خان يندرباييف الرئيس الشيشانى السابق الذى كان يقيم فى قطر داخل سيارته فى حى الدفنة السكنى بالدوحة، حيث أصيب من جراء الهجوم بجراح خطيرة نقل بسببها مع ابنه داوود إلى مستشفى الدوحة ليسلم الروح في الحال، وقد تفحمت السيارة كلية، وكانت السلطات الروسية قد اتهمت سليم بأنه أحد منظمى عملية احتجاز الرهائن في مسرح موسكو عام 2002 وأدت العمليات التي نفذتها القوات الروسية الخاصة للإفراج عن الرهائن إلى مقتل 129 شخصا من أصل 800 احتجزوا في المسرح وقتل الخاطفون ال41 فى الهجوم، وظلت الحكومة الروسية تطالب قطر رسمياً بضرورة تسليم باييف، واستدعت خارجيتها سفير قطر في موسكو أكثر من مرة لهذا السبب وتحاول قطر عدم التركيز علي اسم مصر وتجاهل وضعها ضمن دول المقاطعة، وعلي سبيل المثال يذكر المريجى في جلسة الجامعة العربية دول الخليج الثلاث بالاسم ويأتى على مصر ليقول الرابعة.. الرابعة التى يقف أسد خارجيتها سامح شكرى ليعلن أن بلاده وهى تواجه مع أشقائها العرب الإرهاب تؤكد أنها لن تتسامح أو تتهاون في حق أبنائها مع «من يرتزقون من دماء شعوب منطقتنا أيّا كانوا، ومن يبنى دوره علي حساب مستقبلها».. وعندما تتبنى قطر مسألة تسييس الحج وتدويل الأماكن المقدسة من بعد إيران، ثم تعود لنفى هذا الموقف عندما تستشعر غضبة ملايين المسلمين في العالم، إيران التى يقسم المريجى بأنها دولة شريفة انتهزت فرصة الأزمة التى يمر بها لجلب الطعام لشعبه فأرسلت له فاكهة فاسدة بملايين الدولارات.. وتعلن المملكة على لسان سفير السعودية لدى القاهرة ومندوبها الدائم بالجامعة العربية أحمد عبدالعزيز قطان فى المؤتمر بالأمس أن تلك المحاولة حول التسييس والتدويل تعتبرها المملكة بمثابة إعلان حرب «وتحتفظ بلادى بحق الرد علي أى طرف يعمل فى هذا المجال.. وعليكم أن تعوا جيدًا أن المملكة تستطيع».
وفى البحرين التى أشعلت فيها قطر شرارة الفوضى والتخريب فى 26 يناير 2011 بعد يوم واحد من أحداث الربيع العربى في مصر وهذا واحد من عشرات الأدلة لتورط قطر في زرع الإرهاب في البحرين حيث رصدت أجهزة البحث والتحرى والأمن الإلكترونى البحرينية المخطط القطرى الواضح المعالم الذى يدعو إلى تحديد يوم الخروج ومكان التجمع، لإثارة الفوضى مع رصد الدخول الكثيف للجهات الحكومية القطرية مثل الديوان الأميرى القطرى والحرس الأميرى ووزارة الداخلية القطرية.. وحمّل وزير الدولة الإماراتى للشئون الخارجية أنور قرقاش تنظيم الحمدين الحاكم فى الدولة مسئولية استمرار الأزمة الخليجية قائلا: «إن الإجراءات التى اتخذتها الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب ضد تنظيم الحمدين جاءت بعد صبر طويل، وبعد اتفاقات وقعتها قطر وأخلّت بها».. «تنظيم حمد» الذى لابد وأن نتخيل معه وجه المغفور له الملك عبدالله عاهل السعودية وهو ينصت إلى حديث مؤامرة اغتياله التى تحاك بالكلمات الخائنة والحروف السامة بين القذافى وحمد الأب.. وتواصل قطر قطع أوصالها وأصولها العربية مع محيطها وامتدادات قبائلها، فقد قامت بالأمس بسحب الجنسية القطرية من الشيخ طالب بن لاهوم بن شريم شيخ قبيلة آل مرة إضافة إلى 50 شخصاً من أسرة الشيخ وقبيلته، وقامت بتفتيش أملاكهم ومصادرة أموالهم مما أثار استياء شديدا وتنديدًا خليجيًا كبيرًا لاستهداف مكون ينتمى إلى دول مجلس التعاون وقبيلة عربية تمثل شرياناً كبيرا في نسيج المجتمع القطرى.. قطر التى تسابق الزمن بين موعد كأس العالم للكرة فى 2022 الذى تبلغ نفقات الاستعدادات له ما يقرب من 300 مليار دولار وبين تصريح الجبير وزير الخارجية السعودى قبل تفاقم الأزمة الأخيرة بأن المقاطعة قد تمتد إلى عامين «ولا بأس لدينا من ذلك» إلى جانب تصريح أنجيلا ميركل رئيسة وزراء ألمانيا التى تخوض المعركة الانتخابية بخطى ثابتة بعدم موافقتها كلية علي إقامة مباريات كأس العالم فى قطر، ومن هنا فعلى الدوحة خلال تلك الفترة تحسين صورتها أمام العالم وتحذير سفرائها ومندوبيها فى المحافل العربية والعالمية من استخدام لغة السباب مثل «كلاب» و«همجيين» مما يعطى مؤشرا على طبيعة تداول الحوار داخل الإدارات الرسمية بها، ولو قُبلت تلك اللغة من البعض على السوشيال ميديا فلا يمكن قبولها في اجتماعات رسمية بل يمكن أن يفسر ذلك بأنه حكم غير ناضج مما يحتاج إلى وصاية داخلية أو عربية وليس مباريات كروية، ومن هنا فإن النصيحة الخالصة مراجعة شاملة للغة الحوار والمواقف المراوغة «البين بين» والكف عن التدخل فى شئون الدول الأخرى، وقبل كل هذا وذاك سرعة إنهاء إجراءات الطلاق بالثلاثة بينها وبين الإخوان في كل مكان خاصة في بؤرتهم الرئيسية بإنجلترا..
إن كل يوم يمر على قطع العلاقات ليس من مصلحة قطر، فالأربع دول بقياداتها عازمة على المضي قدمًا فى استخدام حقوقها السيادية.. وتبقى عبارة قرقاش عالقة بالأذهان لانعكاس دلالتها على أرض الواقع: «من ساعة ما عملنا المقاطعة والدنيا سِلكت.. سِلكت في سوريا واليمن ومصر وليبيا.. بمعني أن التمويل القطرى قد خفّت وطأته في دعم الإرهاب»..
مصداقية الروهينجا
في شهر يناير الماضى جاءتنى دعوة الأزهر لحضور مؤتمر يدعو إلي ضرورة التوقف العاجل لكل مظاهر العنف وإراقة الدماء في ميانمار بحضور الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، ومجموعة من الشباب البوذى والمسلم والمسيحى والهندوس، وعدد من السفراء والوزراء في مصر وميانمار، وكان الأزهر فى ذلك الوقت قد استبق كل ردود الفعل الإسلامية بشأن الانتهاكات التى يتعرض لها مسلمو الروهينجا الذين أصبح تعدادهم لا يتعدى ال2٫3٪ بما يقدر بمليون و127 ألف نسمة فقط من بعد مخطط الإبادة الجماعية الممنهجة ضدهم بعدما كانوا حتى بداية القرن 15٪ من سكان بورما البالغ عددهم 51 مليوناً، وكان الإسلام قد دخل إقليم أراكان منذ القرن السابع الميلادى لتغدو أراكان دولة مسلمة حتى تم احتلالها على يد ملك بورما البوذى في عام 1784 ليضم أراكان إلي بورما ويقوم بتدمير جميع الآثار الإسلامية بها، ومن يومها والترصد مستفحلا تجاه المسلمين.. وقد وعدت حكومة ميانمار من بعد مؤتمر الأزهر بتحقيق مبدأ المساواة بين جميع العناصر لديها، لكنها عادت لتجاهل وعودها ليطالب الأزهر من خلال متابعة مرصده لما يحدث في بورما من استمرار الانتهاكات للأقلية المسلمة علي أيدى الأغلبية البوذية بضرورة قيام الأمم المتحدة ومجلس الأمن والمنظمات الدولية والإنسانية بمسئوليتها تجاه تلك المأساة المستمرة منذ سنوات نتيجة فشل السلطات هناك في توفير الحماية لمواطنيها، وحذر الأزهر من أن استمرار تقاعس المجتمع الدولى عن التدخل بحسم لإنهاء معاناة مسلمى الروهينجا ووقف ما يتعرضون له من إبادة وتهجير يعكس مجددًا سياسة الكيل بمكيالين تجاه القضايا والأزمات الدولية وهو ما يغذى مشاعر الحقد والكراهية والتطرف عبر العالم..
ويقف بالأمس القريب شيخ الأزهر في افتتاح مؤتمر السلام العالمى المنعقد بمدينة مونستر بألمانيا ليلخص رؤيته بقوله: «إن ما يحدث فى الشرق سببه تجاره السلاح فى الغرب وضمان استمرار إنتاجه وبيعه، والبحث عن مناطق يسهل فيها إذكاء صراعات دينية أو مذهبية تؤدى إلى صدام دموى مسلح، وأحدث فصول هذه المسرحيات العبثية في الشرق ما يحدث اليوم لمواطنى الروهينجا من المسلمين من إبادة جماعية وتهجير قسرى».. ويعجب الإمام الأكبر أمام ممثلى السلام من قصة الإرهاب المحيرة فى وعى الأغلبية الكاسحة من العرب والمسلمين، فلايزال الإرهاب يشبه لقيطاً مجهول النسب لا نعرف من أبوه ولا من هى أمه؟ ولا الرد على بقية الأسئلة المحيرة عن هذا الكائن العجيب الذى وُلد بأنياب ومخالب جاهزة مخالفاً بقدراته الخارقة كل قوانين التطور الطبيعى، فهو لم يكد يبلغ مرحلة الفطام حتى يعلن دولته المزعومة المنسوبة للإسلام والتى يتصدر اسمها نشرات الأنباء العالمية للآن.. ولا يعفي الإمام الأكبر الشرق العربى والإسلامى من تحمل نصيبه من المسئولية التاريخية عن هذا الإرهاب وذلك بتهيئة المسرح لهذا اللامعقول من جراء الأسباب السياسية والدينية والاجتماعية على أراضيه «لكنى لا أستطيع أن أفهم أن إمكانات المنطقة العلمية والتقنية والتسليحية وحدها كافية لتفسير القفزات والطفرات فى قدرات هذا التنظيم وتوسعاته، كما لا أفهم سياسة الكر والفر في عمليات التصدى له!!».
حول مأساة مسلمى الروهينجا الساخنة التى تقوم الأغلبية البوذية الآن في بورما بحرقهم وتقطيع أوصالهم ودفنهم أحياء، وإطلاق الرصاص علي ظهور الفارين منهم قامت المذيعة اللامعة لميس الحديدى هذا الأسبوع في برنامجها أربعة + واحد باستضافة الأربعة الذين نشاهدم للمرة الأولى على الشاشة كانت بينهم ضيفتان انبرت الأولى بحدة لتلقي بدماء الروهينجا جانباً لتغدو قضيتها الوحيدة في النقاش والمقاطعة وإبداء الرأى هى «مال الأزهر ومالهم؟!» وعندما يُرَد عليها بأن الأزهر هو المؤسسة الدينية الأكثر ثقلا في العالم الإسلامى تعود رافعة ذراع الجابونيز مع صوت الاحتجاج «أنا من جهتى شايفة إن الأزهر مالوش دعوة خالص خالص لأنها مسألة تخص مجلس الأمن والجمعيات اللى زيه».. وللأمانة يعود للضيفة الأخرى داخل المربع المستضاف شرف المحاولة فى الاعتراض لكنها سرعان ما تنشغل بجلستها العارية الأكتاف عن متابعة عملية التواصل، وإن أعقبت لميس التي لا يفوتها دائما موازنة جميع الحوارات بأن الأزهر حقيقة قد تأخر في إبداء اعتراضه حول ما يحدث في ميانمار، وفي ذلك يبدو أن فريق الإعداد للبرنامج التربيعى لم يكن متابعا جيدًا لمسار المذبحة التى أنذر الأزهر العالم بقدومها فى مؤتمره الموسع بالقاهرة منذ أوائل العام، ولولا ذلك الموقف المشهود للأزهر لتركنا لإيران وأردوغان شرف الذود وحدهما عن المسلمين المضطهدين فى العالم وهو ما لا تقبله مصر، لذا وجب علي من يتعرض لمثل هذه القضية أن يكون علي علم كامل بأبعادها.
ولعل الجانب النسائى علي جميع المستويات قد جانبه الصواب محليا وعالميا في مسألة الروهينجا، فرئيسة وزراء بورما أونج سان سوتشى الحائزة على نوبل للسلام، وميدالية الكونجرس الذهبية، التى منحها لها مجلس الشيوخ الأمريكى بالإجماع تتعرض الآن لحملة انتقادات شديدة من الأسرة الدولية بسبب سوء إدارتها للأزمة داخل بلادها، وهى التى كانت تدافع بشراسة عن الديمقراطية في ظل الحكم العسكرى، ويقود الآن حملة الهجوم على سوتشى كلا من الهندية «ملالا يوسفزاى» والأسقف «ديزموند توتو» الحائزين بدورهما نوبل للسلام.. وتستبعد «يانجى لى» مفوضة الأمم المتحدة لشئون حقوق الإنسان في ميانمار أن يكون مسلمو الروهينجا هم الذين أضرموا النار التى قضت على 6600 من منازلهم بدليل توصلت إليه بنفسها باستخدام المنطق: «إذا كانوا يفرون تحت المطر من أشخاص يحملون أسلحة إذن كيف يمكن أن يضرموا النار في منازلهم؟!».. هذا ولا تحمّل «هيذر نويرت» الناطقة باسم وزارة الخارجية الأمريكية أى طرف مسئولية دوامة العنف الأخيرة، مشيرة إلي أن «راخين» الواقعة غرب ميانمار والتى يسكنها غالبية من الروهينجا المسلمين «مكان يصعب دخوله والحصول علي معلومات عنه».
ومع إبداء نويرت قلقها إزاء أزمة ميانمار إلا أنها لم تكشف بعد فيما إذا كانت واشنطن ستفرض عقوبات علي بورما حيث تعيش واشنطن الآن احتفالية هوجة عقوبات نالت مصر أخيرًا أو إذا كانت قد حصلت على معلومات تتمتع بمصداقية عن مجازر ترعاها الدولة فى بورما.. ودعونا نضع في مصر ألف مليون خط تحت المصداقية تلك لدى المفهوم الأمريكى!!!!!
البدرى فرغلى
ما ضاع حق وراءه مطالب، ومحال أن تضيع حقوقنا نحن أصحاب المعاشات طالما رزقنا الله بالمدافع من بدرى عن الحقوق البدرى فرغلى من أحسبه محالا على المعاش في شرخ شبابه من فرط قوة حجته ونبل قضيته وسلامة مقصده واستيعاب حيثياته ودراسة أرقامه وصلابة عزيمته وشجاعة دفاعه المستميت عن الحق طالما الحق معه.. والحق كل الحق معه.. البدرى الفارس الحقيقي وليس دون كيشوت الذى يصارع طواحين الهواء.. المبصر للحقيقة من خلف نظارته السوداء يخاطب منصة من خلف أخرى فيندى للساكتين عن الحق جبين الخجل، يطالب بكرامة الكبير، وعزّة تاريخ الدفاع عن المظلوم، وشموخ من له الفضل علينا كلنا، ومازلنا أصحاب المعاشات نطالبه بعشم ويقين المزيد كرئيس للاتحاد العام لنقابات أصحاب المعاشات.. البدري البورسعيدى الذى أدار من قبل معركته الانتخابية للفوز بعضوية مجلس الشعب من قهوة سمارة التي تقع في قلب مدينة بورسعيد ولا تنتمى لأى تيار سياسي أو حزب دينى حيث غالبية روادها من أصحاب المعاشات الذين يتابعون جهوده بتشبث الثمالة الباقية من العمر لإعادة حقوقهم قبل أن تبتلعهم مقاعد الإحباط والشيخوخة واحدًا من وراء الآخر حيث لا تدب الحياة في أوصالهم إلا عندما تشجى سماعات آذانهم أقوال البدرى مثل: «نحن نبحث عن أموالنا ولا نتسول صدقة أو إحساناً من أحد.. لا توجد قوة فى العالم تستطيع أن تحجب علينا حقوقنا، فأصحاب المعاشات يمتلكون تريليون جنيه ولا يصرفون من الخزانة العامة للدولة ولكنها أموالهم المستقطعة من رواتبهم طوال فترات عملهم.. إن أموال المعاشات الغلابة تائهة فى سراديب الحكومة وأتحدى أى مسئول يستطيع أن يوضح أين ذهبت ال162 مليار جنيه من أموالنا الخاصة بالتأمينات؟!! أموال صرف المعاشات موضوعة داخل بنوك استثمارية أشهرها بنك عودة وليست في بنوك حكومية كالأهلى ومصر والقاهرة التى تعطى عائدًا كبيرًا.. إننا نطالب بزيادة الحد الأدنى للمعاش إلي 2000 جنيه نظرا لارتفاع الأسعار والغلاء.. قانون المعاشات الجديد تمت صياغته بحيث يحل مشكلة مديونية وزارة المالية التي وصلت إلى 121 مليار جنيه لصناديق التأمينات وليس لخدمة أصحاب المعاشات.. المادة 17 والمادة 7، من الدستور لا يتم العمل بهما على أرض الواقع حيث يُشير نص المادة 17 إلي أن أموال التأمينات ملك لأصحاب المعاشات، وكل من يعتدى عليها تطبق عليه أحكام الأموال العامة، كما أن المادة 27يُشير نصها إلي تقليل الفوارق بين الدخول والالتزام بحد أدنى للأجور والمعاشات يضمن الحياة الكريمة، وهناك اكتشاف ظهر مؤخرا بحكم سابق صادر من 2005 من المحكمة الدستورية العليا بأحقية أصحاب المعاشات بالخمس علاوات ونحن لا نعرف عنه إلا بالصدفة.. ثم إن هناك ارتفاعاً في سن الزواج خلال الفترة الأخيرة بسبب الأزمات الاجتماعية والاقتصادية مما جعل نسبة غير قليلة من أصحاب المعاشات مازالت أمامهم مهمة الإنفاق على مراحل تعليم أولادهم الصغار في المدارس والجامعات فمن أين لهم المورد؟ ومن يصدق أن من يملكون مئات المليارات على الورق منهم نحو خمسة ملايين من إجمالي تسعة ملايين يتقاضون ما بين 200 و500 جنيه.. إن الفئة الوحيدة المهدور حقها فى المجتمع هم أصحاب المعاشات.. و..احنا مش حنفدع الفاتورة لوحدنا!»..
تحية اعتراف بالجميل للبدرى فرغلى أدام الله عليه شباب ذهنه المتوقد وشفافية حجته وصرامة مطالبته.. وسأظل أذكر الأستاذ علي غنيم المدير العام للأهرام يوم بلوغى سن المعاش عندما أهدانى أجمل تعليق سمعته أذنى وقتها: «حقيقى المعاش عيّل»!
فيها حاجة حلوة
مرحبًا بنافذة الصهد وجدار الصمت الذى يخنق الرؤية في الناطحة الجديدة، التي شيدتها الوجاهة والوساطة والرشوة من قبل صحوة النيابة الإدارية فى الجوار لتطل بشرفاتها وتانداتها وكرانيشها ومقرنصاتها المزركشة على الميدان، بينما تعطينا ظهرها القبيح بقوالب الطوب الحمراء المنبعجة من قمائنها بلا طلاء، بفراغاتها التى يسكنها كل من هبَ ودبَ وحطَ ونطَ وطار من أصحاب الشوارب والمخالب والأجنحة.... و..مرحباً بسلخة شريط أزرق من السماء، وشريحة ضوء من قمر اكتماله، ونجمة تائهة مزنوقة في الفضاء من بين غابات أطباق الإرسال فوق الأسطح.. ياه.. ما هذا الجمال كله.. الأمان كله.. الاستقرار كله.. الاصطباحة على موقع الأمس، والنوم على نفس المخدة فى ذات الركن، والثلاجة في مكانها المعهود بالمطبخ، والدش كما كان في سقف الحمام، والغسيل على الحبال، وبياع الجوافة ينادى على أرض الطريق، وجرس الفسحة في المدرسة القريبة مدويًا، ومن بعده تحية العلم، وخطبة حضرة الناظر فى الميكروفون، وصوت أختى حبيبتي يلقى تحية الصباح والمساء وعاملة إيه النهاردة.. ألف حمد وشكر يا من جعلتنا نعيش على أرض صلبة وثابتة بدون عواصف ولا زلازل ولا براكين من آلاف السنين.. وآخرتها حار جاف صيفا دفء ممطر شتاء لا فيه سونامى ولا أعاصير ولا ريختر ولا قوة ريح ولا إيرما ولا زيتا ولا عفريتة.. ثم إن مالها الفرهدة ولا الزمتة ولا كتمة النفس ولاّ برد طوبة اللي يخلّى الصبية كركوبة.. كلها امتحانات للصبر والإيمان وكسب الثواب.. سحابتنا مجرد قش أرز، ولما الهواء يرمى يمين يبقي بكرة حر، والربيع يعنى مجرد التهاب القرنية وغنوة فريد، والصيف فرحة النمل وبوادر نشأة جيل الصراصير الجديد وصحوة شباب الذباب وتخرين البطاطين، وحبيتك فى الصيف حبيتك في الشتاء، وربنا عالم بحالنا غلابة ونغرق فى شبر ميه، وعيلنا الشقى يعوم يبلبط فوق ظهر الجاموسة فى ترعة بلدنا، ونصد الريح بكرتونة، ونغنى للفيضان «البحر زاد عوفر ليه» لأنه بيجيب معاه موسم التراب، وندعى للميت ربنا يبشبش الطوبة تحت راسه، ومدلول البرق والرعد فى السينما عندنا حدوث الفعل المشين والطبيعة غضبانة ثائرة من زجاج النافذة والبنت الغلبانة تفضل طوال الفيلم تطالب النذل يصلح غلطته... ولما ييجى الشتاء بلياليه أبقى أزوّد الغطاء، وآخرتها يعنى بلاعة تضرب، أو ماسورة تسد الشارع، أو جماعة رءوسهم قدّت من حجر يبنوا مساكنهم فى مجرى السيل يغرقوا ييجى المحافظ يشمر بنطلونه وطاقم التليفزيون يصوره..
و..سبحان الله على مغير الأحوال مما يجعلنى أرضى بمعيشتى وأمسح عرقى بتعايش المطمئن.. أنا من كنت أهرب يوميا إلى القناة 223 لمشاهدة برنامج fine living علي شاشة الOSN لأنعم ولو بالنظر إلى المناظر الخلابة على شواطئ فلوريدا وكوبا والبورتريكو، حيث يبحث الهاربون من زحام وضغط المدن لاستئجار أو شراء بيت فى الجنة يطل على البحر بتلك الأماكن الموعودة بالجمال، وكم من صفقات مخملية قدمها سماسرة عدن للموعودين الذين نتجول معهم نحن المشاهدين بين تصميمات الإبداع وحدائق الفنون، وشلالات اللجين، وطيور الكناريا، وأشجار وزهور وفواكه وأغاريد وخمائل ومغاطس مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر... الكل يتفرج على أكثر من ثلاثة أماكن ليختار ما يناسبه منها، وتيجى واحدة زرقاء لا تساوى تعريفة، ينرفزها لون السقف الأبيض أو رخام الأرضيات وهى عايزاها خشب، يرد عليها ملك كمال الأجسام نغيّره يا بيبى، والمطبخ صغير.. نشيل الحيطان، وفين أودة الضيوف؟ نشوف فيلا غيرها، طيب والكلاب تجرى فين؟!.. والجراج بدون باب أوتوماتيك.. نشيل الباب.. نهد الحيط... ثم تأتى المساومة في السعر الذى ينخفض لتصل الفيلا الرائعة التى تمارس في بحرها رياضة الانزلاق على الماء انت وأولادك وضيوفك بثمن شقة صغيرة بالدور السادس بدون أسانسير في الشيخ زايد، والجزيرة بحالها بكامل هكتاراتها بما عليها من المسكن الخلاّب والكبارى والبلاجات والغابات والمراعى والسهول التى ترمح فيها أسراب الخيول البرية التى تأتى بصهيلها لمداعبتها تحت سور الشرفة تلتقط قطع السكر وتهز رقابها غبطة، كله كله بسعر لا يصل إلى ثمن شقة دور ثانى في الساحل الشمالى..
وفضلت أتفرج وأحلم.. وأتفرج وأقارن.. واتفرج وأبتلع الغصة.. وأتفرج وأرزع كل شىء تناله يدى.. حتى.. حتى أتى إعصار إيرما الذى رأيت فيه بعينى رأسى شواطئ فلوريدا وقد قامت قيامتها التي جابت عاليها واطيها.. وحمدت المولي على حالنا.. وتمر نسمة ندية ساعة العصارى يادوب تطير طرف الجونلة.. ياه.. مصر فيها مليون حاجة حلوة..
لمزيد من مقالات سناء البيسى;


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.