فى الطريق إلى الحبِّ سرقَ الأشرارُ حقيبتي سخروا مني.. وخاطوا جلبابى بالرمْلِ فسقطتُ على وجهي وتكسّرتُ فى الطريقِ فقدتُ الحروفَ تلك التى كنتُ أعددتها للأناشيد. قالوا لي: إن لكل مُحبٍّ أناشيده، فجهّز الحروفَ لكننى فى الطريقِ فقدتُ حرفي! دلّوا عليَّ النملَ الحائرَ، والجرادَ العنيد خوّفوا منى الطيرَ، والظلَّ والينابيع قالوا للبئر: إنه مُسَمَّمٌ؛ فحُشْ عنه ماءكَ كنتُ كلما نظرتُ إلى وجهى فى الماء لم أرَ إلا جمجمةً تجهشُ بفكّينِ يصطرعانِ، وظُلْمَةٍ تموء مشيتُ ومشيتُ.. يملأ الغبارُ عينيَّ، والملحُ قلبي مشيتُ غيرَ عابئٍ فطالَ الطريقُ، طال.. ولما عرفتُ أين يسكنُ الحبُّ كانَ الأشرارُ قد ملّونى ومضوا وددتُ لو أفهمتهم أنني لم يكن أمامى إلا أن أكمل ما بدأت لم يفهموا أننى لو تعطّلتُ مِتُّ أكملتُ لأننى نسيتُ طريقَ العودةِ لأننى خفتُ العودةَ، لأننى لم أفهم لماذا يجب عليَّ أن أعود! وحيثما وجدتُ الحُبَّ.. عبأتُ حِجْرَ جلبابى منه عبّأتُ أكمامي وعمامةَ رأسي عبّأتُ قلبى وفمي وكفّيّ.. كلما تكلمتُ، سال.. كلما صافحتُ، تركتُ فى يدِ مُصافحى منه ما تركتُ كلما خلعتُ العمامة إلى جواري.. فاحَ منها فاخضرَّ موضعُها وارتوي أمّا قلبى فهو بأكملِهِ بعدُ لم يزلْ فاضَ وفاضَ وما زال بأكمله لم يبحْ بشيء أينَ أذهبُ به؟ قُلْ لى يا الذى يعرفُ .. قلْ لي! لولا الملامة لكسرتُهُ بيدي لولا الملامة لأفرغتُهُ وانتهيتُ..