لم يخل تاريخ فيتنام يوما من متلازمة: الاستعمار والمقاومة. دول كبري، من الصين إلى فرنسا وبريطانيا وأمريكا، دخلت الأراضى الفيتنامية إلا أن الثوار كانوا لها بالمرصاد وصفعوا الجميع بهزائم مدوية، كشفت عن قوة الشعب وعناده، ورغبته فى الوحدة وإعادة بناء بلاده، التى رغم المعاناة الطويلة مع الإمبريالية فإنها حجزت لها مكانا بارزا فى صدارة النمو الاقتصادي، وبعد 41 عاما، من الإعلان رسميا عن ولادة جمهورية فيتنام الاشتراكية، تمكنت من تحقيق الاستقرار السياسى والنهوض الاقتصادي. وظل هوشى منه أو «العم هو اللطيف»، رمزا لحركات التحرر فى العالم، وشغل الرأى العام العالمي، وقاد حركات التحرر ضد الاحتلال الفرنسى واليابانى والأمريكى عبر حركة «فيت منه»، الشاب الذى عملا طباخا فى المراكب أعلن استقلال بلاده عام 1945 وتولى منصب رئيس الوزراء ثم رئيس جمهورية فيتنام الديمقراطية حتى وفاته عام 1969، وهزم ثلاث قوى استعمارية. وعلى مدى ألف عام، كانت فيتنام مستعمرة صينية حتى عام 938، ووسعت الصين من نفوذها على السلطة والقانون واللغة والأدب والثقافة، إلا أن ثورات الفيتناميين هبت فى وجه التنين الصيني، كان أبرزها ثورة المرأة التى حملت اسم «الأخوات ترونج»، والتى تعبر حتى اليوم عن بطولات ونضال النساء فى فيتنام، حتى إعلان الاستقلال عام 939، بعد انتصار الفيتناميين فى معركة نهر «باتش دانج». ونتيجة محاولات الغزو الدائمة من قبل الصين ومنغوليا. وخلال الحرب العالمية الثانية، غزت اليابان المستعمرة الهندية الصينية الفرنسية عام 1940، ونشرت الإمبراطورية اليابانية جنودها فى فيتنام، وسمحت باستمرار الإدارة الاستعمارية الفرنسية، وقامت اليابان باستغلال الموارد الفيتنامية لدعم حملاتها العسكرية، وسيطرت بشكل كامل على فيتنام فى مارس1945، وهو ما تسبب فى مجاعة طاحنة حصدت أرواح مليونى شخص. وظهرت جماعة «فيت مين» تحت حكم هوشى منه التى طالبت باستقلال فيتنام عن الاستعمار الفرنسى وإنهاء الاحتلال الياباني. وعقب الهزيمة العسكرية لليابان، ومع انتهاء الحرب فى أغسطس 1945، كان هناك فراغ فى السلطة مما دفع حركة فيت منه إلى القيام بثورة أغسطس، وتنازل الملك باو داى عن السلطة فى 25 أغسطس لينهى حكم عائلة نجوين. وفى 2 سبتمبر، أعلن هوشى منه استقلال فيتنام تحت اسم جمهورية فيتنام الديمقراطية. وفى 20 نوفمبر عام 1946، اندلعت الحرب الهندوصينية الفرنسية التى نجمت عن حادث هايفونج بين فيت منه والقوات الفرنسية والتى دامت حتى يوليو 1954.، خسر الفرنسيون معظم المواقع الإستراتيجية المهمة بعد معركة ديان بيان فو، مما سمح لهوشى منه بأن يفاوضهم لأجل وقف إطلاق النار وهو فى موقع القوة فى مؤتمر جنيف 1954. ووفقا لاتفاقيات جنيف 1954، قسمت فيتنام، حيث جزء مع «هوشى منه» فيتنام الديمقراطية الشعبية، وقسم آخر للإمبراطور باو داى فى جمهورية فيتنام. وأطاح نجو دينه ديم رئيس وزراء دولة فيتنام، المدعوم من الولاياتالمتحدة، بالإمبراطور، ونصب نفسه رئيسا لجمهورية فيتنام. ورفض ديم عقد انتخابات وطنية فى عام 1956. أمريكا تدخلت فى الحرب بزعم منع «تأثير الدومينو» مما أدى إلى نشوب الحرب التى جعلت من فيتنام مسرحا لاستعراض القوة الشيوعية والرأسمالية فى ذلك الوقت ودفع الفيتناميون ثمن هذه الحرب التى انتهت بهزيمة الأمريكيين الذين أجبروا على الانسحاب فى مارس 1973، من مدينة سايجون التى سيطرت عليها قوات فيت كونج. وشكلت سنة 1992، عاما محوريا فى تاريخ فيتنام، حيث سنت دستورا جديدا يطالب الدولة بدعم الاقتصاد السلعى، بالإضافة إلى انفتاح الدولة على علاقات مع العالم الخارجي. وعلى الرغم من الحرب الدامية فإن العلاقات تحسنت بين فيتناموأمريكا حيث رفعت الأخيرة الحظر على التجارة مع هانوى عام 1994، وفى العام التالى تم تطبيع العلاقات، وأصبحت فيتنام عضوا فى رابطة دول جنوب شرق آسيا «الآسيان»، وفى عام 2000، قام الرئيس الأمريكى الأسبق بيل كلينتون بزيارة استمرت 3 أيام، وبعد 40 عاما من العلاقات المتأرجحة مع واشنطن، أصبحت هانوى حليفة مقربة، ورفع الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما الحظر على مبيعات الأسلحة، ووصل حجم التجارة الثنائية إلى 45 مليار دولار. وتتمتع فيتنام حاليا بالاستقرار السياسى والاقتصادى على الرغم من بعض المناوشات الحدودية مع جيرانها خصوصا الصين. وفى يناير 2016، تم انتخاب تران داى كوانج رئيسا للبلاد، وهو منصب شرفى بينما يتولى نجوين فو ترونج منصب الأمين العام للحزب الشيوعي.