تتصاعد دعوات المعارضة الإسرائيلية لحمل نيتانياهو (بيبي) على الرحيل عن منصبه الذى قضى فيه أكثر من ثمانى سنوات متصلة، وهى مدة لم يحظ بها أى زعيم إسرائيلى من قبل سوى ديفيد بن جوريون. ولأن نيتانياهو أثبت خلال هذه الفترة حقيقة أنه الوحيد من بين زعماء الأحزاب الإسرائيلية القادر على قيادة إسرائيل خلال السنوات الأخيرة، بدليل فوزه المستمر وتمكنه من تشكيل الائتلاف الحاكم، حتى لو لم يكن حزبه الأعلى تمثيلا فى الكنيست، فقد شعر معارضوه ومنافسوه من داخل حزبه وخارجه أن الأمل الوحيد الباقى لهم هو الإطاحة به عبر القضاء، ولكن حزبه والأحزاب الشريكة له فى الائتلاف الحاكم الذى يقوده، لا ترى أن على نيتانياهو الرحيل بسبب هذه الاتهامات، فعلى سبيل المثال أدلى نفتالى بينت فى 14 أغسطس الماضى بتصريحات رفض فيها فكرة الربط بين تحقيقات المدعى العام الإسرائيلى مع نيتانياهو وبين حتمية تقديم استقالته، وقال: نحن فى دولة قانون، وبحسب البند 18 لقانون أساس رئيس الحكومة، فرئيس الحكومة ليس ملزما تقديم استقالته حتى وإن قُدمت ضده لائحة اتهام. فإذا كانت الآلية القضائية غير قادرة على الإطاحة به على الأقل فى الأمد المنظور، واذا كان الرأى العام نفسه غير متحمس لرحيل نيتانياهو او الذهاب لانتخابات مبكرة، فما هى التحديات الخفية التى تواجهه من داخل حزبه ومن الأحزاب المعارضة. واقع الأمر أن نيتانياهو كان قد أحكم سيطرته على حزبه «الليكود»، وتمكن من الإطاحة بمنافسيه وعلى رأسهم «جدعون ساعر»، والذى اضطر للاعتزال المؤقت للحياة السياسية قبل أن يعلن أخيرا نيته فى العودة ومنافسة نيتانياهو. استطلاع أجرى فى مارس الماضى أظهر أن هناك قرابة 39% من المستطلعين يرون أن الوزير السابق جدعون ساعر هو الأنسب لمنصب رئيس الحكومة، وقال 37% إن رئيس أركان الجيش الإسرائيلى السابق، بينى جانتس هو الأنسب، وأشار 30% إلى أن وزير الدفاع السابق موشيه يعالون هو الأفضل، وأشارت نسبة مشابهة إلى رئيس أركان الجيش الإسرائيلى الأسبق جابى أشكنازي. لكن رغم ذلك لا يمكن الاعتماد على هذه الاستطلاعات التى تتغير نتائجها بشكل سريع، كما أنها تستطلع رأى الجمهور فى شخصية من يصلح فى قيادة الحكومة دون أن تربط ذلك بالحزب الذى سيصوت له المستطلعون، وأيضا لا يجب إهمال تأثير التوقيت على تحديد اختيارات الجمهور، أيضا يبدو نيتانياهو متنبها للمحاولات التى يتبناها اليسار الإسرائيلى للتأثير على تركيبة حزب الليكود من الداخل، وذلك عبر دفع بعض نشطائه للالتحاق بالليكود. فقد أصدر نيتانياهو أوامره اخيرا بوقف قبول طلبات العضوية الجديدة للحزب حتى إشعار آخر، وذلك فى محاولة لوقف الظاهرة التى أُطلق عليها «الليكوديون الجدد»، والتى تعمل على الإطاحة بنيتانياهو، ويصل عدد منتسبيها إلي نحو 12 ألفا. على الجانب الآخر فإن المعارضة الإسرائيلية وعلى رأسها المعسكر الصهيونى لا تمثل تحديا حقيقيا لنيتانياهو، فالاستطلاعات الأخيرة ما زالت تعطيه المركز الثالث، كما أن حزب العمل انتخب آفى جباى مؤخرا كرئيس للحزب، وهو شخصية غير معروفة للجمهور، ولا يمتلك أى خبرات سياسية تمكنه من منافسة نيتانياهو. باختصار، فإنه على الرغم من كل ما يثار الآن فى إسرائيل ورغم التكهنات الكثيرة بشأن نيتانياهو، فإنه فى ضوء ما سبقت الإشارة إليه يصعب القول إن «بيبي» يجابه تحديات ضخمة لبقائه كرئيس للحكومة فى المدى المنظور على الأقل.