أكد الشيخ خالد عمران أمين الفتوى بدار الإفتاء، أن فتاوى الطلاق والخلافات الزوجية وقضايا المواريث تستحوذ على تساؤلات رواد لجنة الفتوي. وقال فى حواره مع «الأهرام»، إن الإفتاء بغير علم سبب رئيس فى تشويه صورة الدين، وإن الاستعانة بالمتخصصين وتقديم إعلام الإنارة على إعلام الإثارة والإسراع بصدور قانون تقنين الفتوى يعد أهم مقومات القضاء على فوضى الفتاوي، والى نص الحوار. كيف يستفيد المواطنون من الخدمات التى تقدمها دار الإفتاء؟ وما أبرز القضايا التى يسأل الناس عنها؟ دار الإفتاء تعد أحد أركان المؤسسة الدينية فى مصر وتختص بالعناية بجانب الفتوى الدينية والشبهات والأسئلة، وتسعى الدار عبر إداراتها المختلفة وفرعيها فى الإسكندرية وأسيوط إلى تلبية احتياجات المواطنين والإجابة عن أسئلتهم الدينية التى يطرحونها سواء بالحضور إلى الدار مباشرة أو يرسلونها بإحدى الوسائل المتاحة عن طريق التليفون، وقد تخصص الرقم المجانى 107 للتواصل مع دار الإفتاء، كما يستطيع أن يرسل سؤاله عبر البريد الالكترونى أو عبر وسائل التواصل الاجتماعى المختلفة وسيجد من يرد ويجيبه عن أسئلته من العلماء المؤهلين. والفتوى هى ديوان يبرز اهتمامات المجتمع، وتسعى الدار إلى توثيق الأسئلة التى ترد إلى الدار تمهيدا لخدمة البحث العلمى الإحصائى والاجتماعي، مع الاحتفاظ التام بخصوصيات المستفتين، فأمين الفتوى مؤتمن على كل حال ودار الإفتاء فيها إدارة خاصة بالأبحاث الاجتماعية، وأبرز القضايا التى تشغل المستفتين الذين يأتون إلينا هى قضايا الأحوال الشخصية وأولها السؤال عن الطلاق والزواج، ثم هناك عدد من الملفات تدور حولها الفتوى والأسئلة التى ترد إلى الدار منها الفتاوى والأسئلة التى نتجت عن انتشار الفضائيات واستعمال الانترنت وهى كثيرة جعلت كل شيء موضعا للسؤال الذى يصل إلى الشك أحيانا. ما الفتاوى التى تتطلب حضور الشخص بنفسه إلى لجنة الفتوي؟ القضايا التى تحتاج إلى تحقيق دقيق وخصوصا قضايا الطلاق، والقضايا المتعلقة بأكثر من طرف، مثل قضايا النزاع على الميراث. هل الإفتاء بغير علم سبب تشويه صورة الدين؟ جزء كبير من معارف المفتى يتعلق بالعلم الشرعى والتأصيل، والجهل بذلك يفتح الباب أمام التطرف، والتطرف هو الباب الرئيس للصورة السيئة التى تصل للناس عن الدين، وأيضا جزء مهم جدا من علوم المفتى إدراك الواقع، وبعض من يصدرون الفتوى فى وقتنا الحالى لا يدركون أن هناك واقعا مختلفا، وأن الزمان الذى نعيش فيه ليس هو الزمان الذى كان يعيش فيه من سبقنا، فهناك من درس التراث، لكن يجب أن يعيش فى زمان آخر غير الزمان الذى كتب فيه التراث، ولذلك عندما يتحدث شخص بنفس ما كان يتحدث فيه عالم كبير فى القرن الثالث أو الرابع، قد يكون ذلك سبباً فى التطرف، والناس تنفر من كلامه، فمن يتحدث بلسان عصر غير العصر الذى يعيش فيه يكون سببا فى انتشار التطرف والإلحاد. وكيف نواجه تلك الظاهرة التى تسيء إلى الإسلام؟ المواجهة على مستويات متعددة، حيث تأتى أهمية التثقيف العام، وأظن أن التعليم الجيد سيحل كثيراً من مشكلاتنا، وهو الواجب القومى الأساسى الذى يجب أن نتمسك به، وتأتى العناية بإعلام قوى يركز على ألَا يقدم إلا ما هو متخصص ومؤهل للإفتاء وصادق فى إدراك الشعور الوطني، وليس مجرد ظاهرة صوتية، ويحرص على الإنارة وليس مجرد الإثارة، وأيضا تطوير المؤسسات، ثم فى النهاية الحل القانونى الذى لا نغفل أهميته، مع التنبيه على عدم الاعتماد عليه وحده، وهناك مقترحات تشريعية منها صدور تشريع قوى يمنع غير المتخصصين من التصدى للفتوى وخصوصا الفتوى العامة. وتوجد إدارة كاملة للتدريب فى دار الإفتاء، فيها برنامج تدريبى يستمر أكثر من سنة لاختيار وتدريب المتقدمين من خريجى جامعة الأزهر للالتحاق بدار الإفتاء، يتدرب الملتحق بها على فقه النص وفقه الواقع وكيفية عمل الجسر بينهما. ما إسهام الدار فى قضية تجديد الخطاب الديني؟ صفحة دار الإفتاء بموقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» اقتربت من 6 ملايين متابع، والسعى مستمر لتقديم وسائل جديدة، لكن المشوار طويل، فحتى نجدد الخطاب الدينى نحتاج إلى جهد مبنى على أساس علمي، فنحتاج إلى مراكز تعمل على مستوى الشارع، ترصد ما يستقر فى أذهان الناس بمستوياتهم المختلفة ثم تعود إلى المؤسسة الدينية ومراكز التعليم الديني، لتدرس الأمر وتقدم الخطاب بما يشغل الناس ويفيدهم، علاوة على وسائل التواصل والسير على منهج علمى صحيح وليس طريقة عشوائية، وهذا ما نسعى إليه فى دار الإفتاء، ودار الإفتاء بصدد تدشين مركز للدراسات الإستراتيجية، لمواجهة التشدد والتطرف وسيسير بطريقة علمية، يجمع بين الدراسة الدينية الأصيلة والدراسة الاجتماعية الميدانية الصحيحة، وأظنه سيكون أول مركز بحثى يعنى بالتواصل بين الدراسة الشرعية ومراكز الأبحاث الاجتماعية وينسق زمالات مع مراكز الأبحاث فى العالم. وهل تشارك الدار فى مواجهة الفكر المتطرف والإرهاب؟ هذا واحد من أهم الأهداف الإستراتيجية التى تعنى بها دار الإفتاء المصرية، وهو فى الحقيقة قضية وطنية بل وعالمية إنسانية، وفى كل محاولة للدار للتواصل مع المواطنين أو الإجابة عن أسئلتهم نقدم وجبة فكرية تساعد على التحصن من التطرف وترد على شبهات المتطرفين، ونستطيع أن نقول إننا فى سعينا كله نقدم الوسطية والاعتدال ونرد على التطرف، وهناك مشكلة تكمن فى أن الجماعات المتطرفة تحاول أن تسرق منا الوسائل التى نعمل عليها، ابتداء من الفضائيات ووسائل التواصل الاجتماعي، وهذا يمثل تحديا كبيرا ينبغى أن تلتفت إليه المؤسسة، وكل عصر له أسئلته وقضاياه التى تشغل الشباب والمثقفين والمفكرين، وأحد الأمور الأساسية فى عملية التجديد أن نقدم إجابة عن ذلك، وقد واجهنا هذه المشكلة كما نقوم بتطوير أسلوب التواصل مع الجمهور ونجحنا بفضل الله بشكل كبير.