بصدور عدد اليوم رقم 47724 تكون جريدة الأهرام قد بلغت عامها الثاني والأربعين بعد المائة منذ صدور عددها الأول في مثل هذا اليوم من عام 1876. إجمالي أعداد الجريدة لا يساوي عدد أيام سنوات عمرها، فقد صدرت الجريدة في بدايتها بشكل أسبوعي قبل أن تصدر يوميا في مطلع عام 1881 كما توقفت عن الصدور بعض الوقت إبان ثورة عرابي وإبان حرق مطابعها عام 1882. وقد التزمت الجريدة منذ بدايتها بالنهج الذي خطه مؤسساها سليم وبشارة تقلا، والذي عبر عنه سليم تقلا في مقاله الأول بعدد الجريدة الأول بقوله « إن الأهرام مستعدة أتم الاستعداد لأن تجعل من يتصفح صفحاتها واثقا بما يطالعه لأنها تعاني البحث لتقف على الفوائد الصحيحة فتوفي بحقوق الجرائد وتكسب قلوب الجمهور»، أي أن المنهج هو مراعاة المهنة كما يجب أن تكون وأن البوصلة أو الهدف هو القراء. وعبر ما يربو على نصف قرن من الزمن حافظت والتزمت الأهرام بذلك المنهج بما جعل منها وبلا منازع أعرق وأهم الصحف المصرية والعربية. وخلال تلك المسيرة الطويلة اجتازت الأهرام الكثير من التحديات وحققت الكثير من الإنجازات حتى وصلت للشكل الراهن اليوم. حافظت خلالها على موقع الريادة مصريا وعربيا والتزمت بأن تقدم لقرائها في مصر والوطن العربي صحافة تتسم بالمصداقية والموضوعية. إضافة إلى أنها واكبت منذ بدايتها واستوعبت كل التطورات التكنولوجية المتعلقة بكل أبعاد العمل الصحفي. ويكفي أن نذكر أنها كانت أول صحيفة تنشر صورة فوتوغرافية على صدر صفحتها الأولى في عام 1881 ثم كانت أولى الصحف المصرية التي تنشئ موقعا على الإنترنت في منتصف تسعينيات القرن الماضي. وهو الأمر الذي جعل منها مدرسة صحفية تناطح كبريات المدارس الصحفية عالميا، وتخرج فى تلك المدرسة عمالقة الصحافة المصرية. إضافة إلى ذلك فلم تتخل الأهرام يوما عن دورها التنويري والثقافي مهما كلفها ذلك من أعباء خاصة في ظل ما تتعرض له الصحافة من تحديات تفرضها الضغوط الاقتصادية وتغير المزاج العام للقراء في ظل انتشار وسائل الاتصال الحديثة. الأهرام هي «ديوان الحياة المعاصرة» كما أطلق عليها الدكتور يونان لبيب رزق، إذ كانت شاهدة على كل التحولات والأحداث الكبيرة التي مرت بها مصر والمنطقة. وظلت عبر مسيرتها تؤمن بأن دورها في الوطن يتعدى كونها مجرد صحيفة لتلعب دورا يتفق الجميع على أهميته كواحدة من أهم ركائز القوة الناعمة لمصر في المنطقة. وبما أنني أشرف اليوم بتحمل مسئولية تلك الجريدة العريقة خلفا لسبع عشرة قامة صحفية تعاقبت على رئاسة تحريرها فإنني أجدد العهد للقراء الأعزاء وللشعب المصري العظيم بالمحافظة على جريدتهم الأهرام ديوانا ومنارة صحفية وثقافية بوصلتها الوحيدة الوطن وهمومه، وبالعمل مع كتيبتها المتميزة من الصحفيين والعاملين فيها لتظل الأهرام محتكرة المقام الرفيع فى الصحافة، ولتظل دوما القلب النابض للصحافة المصرية والعربية.