خلال الأسبوع الماضى ومن محافظتى مطروح والإسكندرية أنصف الرئيس عبد الفتاح السيسى ثلاث، تأكيدا على التزامه مبدأ إنصاف كل من ظلم ورد الاعتبار إليه، حيا كان أم ميتا، رجلا كان أم امرأة، كبيرا كان أم شابا، وتأكيدا على مبدأ ضرورة التعامل مع الحقائق بشكل مجرد بعيدا عن التلوين السياسى وبعيدا عن الأهواء والنزعات الطبقية والطائفية. الإنصاف الأول كان للرئيس محمد نجيب الذى ظلمه رفاقه والتاريخ الذى خطه مناصروهم فقط لأنه كان لديه وجهة نظر مغايرة لرفاقه من الضباط الأحرار. ومع أن الرجل لم يتآمر ولم يعرقل مشروع رفاقه ولم يتكالب على السلطة فقد ناله ما ناله من تهميش وإقصاء وحكم بالإقامة الجبرية حتى وفاته عام 1984. وأقصى ما حصل عليه من إنصاف هو إطلاق اسمه على إحدى محطات مترو الأنفاق. الآن ومع الاحتفال بالذكرى الخامسة والستين لثورة يوليو يعيد الرئيس عبد الفتاح السيسى الاعتبار لأول رئيس مصرى بعد الثورة وهو اللواء محمد نجيب وذلك بإطلاق اسمه على أكبر قاعدة عسكرية فى الشرق الأوسط بمدينة الحمام بمرسى مطروح وأقامة متحف بها يخلد ذكراه. وهو الأمر الذى من شأنه إعطاء شارة البدء لإعادة كتابة تاريخ الرجل كما تمليه الحقيقة، وإيجاد- موجة من الارتياح العام بين عموم المصريين والأهم بين أسرة الرئيس محمد نجيب. ذلك أن حفيده قال «إن كلمة الرئيس السيسى فى افتتاح القاعدة أنصفتنا وردت لنا الاعتبار«. الإنصاف الثانى جاء بعد أيام من ذلك الحدث وخلال المؤتمر الرابع للشباب الذى عقد قبل يومين بالإسكندرية، حيث أنصف الرئيس الطالبة مريم بعد التفوق الذى حققته فى الثانوية العامة رغم ظروفها الاقتصادية الصعبة، فوالدها يعمل «حارسا/ بوابا» لإحدى العمارات، وهو ما كان مجال تركيز الكثيرين، وبدا أنهم يستكثرون عليه وعليها ما حققوه، وكأن العبارة الشهيرة «إبن الجناينى بقى ضابط يا إنجى» فى فيلم «رد قلبى» ما زالت حية معبرة عن عنصرية بغيضة. أصر الرئيس ليس فقط على دعوة مريم إلى مؤتمر الشباب، بل على أن تجلس إلى جواره على يمينه أثناء الجلسة الافتتاحية للمؤتمر وبأن يحرص على مصافحتها لدى دخوله إلى قاعة المؤتمر دون غيرها. إنصاف مريم لم يكن إنصافا لها ولوالدها فقط بقدر ما كان إنصافا لغالبية المصريين الذين يكابدون شظف العيش من أجل تعليم أبنائهم. الرسالة التى كان الرئيس ينقلها لكل من شاهد المؤتمر هى أن التقدير يذهب إلى المتفوقين بصرف النظر عن أوضاعهم الاجتماعية فى استلهام واضح لقيم ومبادئ ثورة يوليو التى كان مرتكزها الرئيسى هو إنصاف الفقراء فى هذا الوطن وتقدير تفوقهم باعتباره السبيل الوحيد للترقى اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا. الإنصاف الثالث كان لفئة متحدى الإعاقة، وذلك من خلال التكريم الخاص الذى حظى به الشاب ياسين الزغبي. قام ياسين بعمل متميز سجل من خلاله بعض مطالب أهالى محافظات غرب الدلتا من خلال الوصول إليهم مستقلا دراجته رغم فقدانه ساقه اليسري. كان هدفه أن يصل بصوت هؤلاء إلى داخل قاعة مؤتمر الشباب. وكانت لحظة دخوله قاعة المؤتمر حاملا حقيبته التى تحوى خطابات من قابلهم لحظة مؤثرة للغاية، وكذلك كانت لحظة استقبال الرئيس له وتقبيل رأسه، معبرا له بعد أن أجلسه على يساره ليس فقط عن سعادته بما قام به وبأنه إلى جواره ولكن أيضا بتشرفه لوجود ياسين فى المؤتمر، فقال الرئيس مخاطبا ياسين «أنا سعيد بوجودك معانا... أنا متشرف إن إنت موجود معانا هنا». المشاهد الثلاثة التى حفل بها الأسبوع بكل إيجابياتها تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن إيمان الرئيس السيسى بفكرة الإنصاف وتقدير قيمة الاجتهاد والعمل هى كلمة السر والثابت الأهم فى رؤية الرئيس وبالتبعية فى الشعبية التى يحظى بها. لمزيد من مقالات علاء ثابت;