يحتفل العالم غدا الجمعة باليوم العالمى لمكافحة الفيروسات الكبدية، وبالرغم من أهمية هذه القضية ودور مصر المرجعى، حيث نجحت فى تفعيل سياسات علاجية ناجحة فى الكشف المبكر وعلاج المرضى فإن السبب وراء هذا النجاح يرجع للجهود المتواصلة للفرق البحثية والطبية بالجامعات والمعاهد المتخصصة لمواكبة الجديد فى هذا المجال ودراسة تقنيات حديثة تسهم فى الرصد المبكر لفيروس سى إضافة إلى تجربة علاجات دوائية حديثة لعلاج فيروس سى للكبار والأطفال وبحث سبل مكافحة الفيروس الكبدى بي. وفى هذا السياق يقول د. جمال عصمت أستاذ الكبد بطب قصر العينى وعضو اللجنة القومية لمكافحة الفيروسات الكبدية، إن الأدوية الجديدة والمنتجة محليا قدمت حلولا علاجية لمختلف المرضى بمن فيهم الأطفال وكبار السن ماعدا المرضى الذين لديهم فشل كبدى وكلوى مجتمعين معا، مشيرا إلى أنه لا يوجد حاليا محاذير على السن كما كان من قبل، إذ يسمح بعلاج الأطفال من سن 12 عاما. ومن المتوقع فى نوفمبر المقبل بأن تكون هناك موافقة من اللجنة القومية على علاج الأطفال فى عمر 6 سنوات. وأشار إلى أن البحث العلمى فى مجال الفيروسات الكبدية استطاع أن يوفر 6 مليارات جنيه لخزينة الدولة العام الماضى ، حيث تم علاج 600 ألف مريض فى عام 2016 بالأدوية المحلية التى أثبت البحث العلمى بأن لديها نفس كفاءة الأدوية الأجنبية. كما أكد أن مصر حققت هذا الإنجاز بأسعار تصل إلى واحد فى الألف من ثمن الأدوية الأجنبية بعد الإنتاج المحلى لتصل تكلفة علاج المريض90 دولارا فى حين أن علاجه بالخارج يصل إلى 90 ألف دولار. وفى المجال البحثى أوضح د. جمال عصمت أنه على مدار العام السابق تم نشر ما يقرب من 21 بحثا دوليا فى مختلف المجلات العلمية تتركز حول فعالية وأمان استخدام العقارات الحديثة، وبروتوكولات العلاج الخالية من عقار الأنترفيرون خصوصا فى المرضى المصريين الحاملين للنمط الجينى الرابع من الالتهاب الكبدى الفيروسى سي. بجانب تقييم مختلف وسائل تشخيص التليف الكبدى غير التداخلية لإتاحة فرصة أكبر للمرضى للحصول على التقييم الصحيح بأقل التكاليف المادية والمضاعفات الطبية. وعن النتائج الجديدة أشار د. عصمت إلى أن استخدام عقار لوسارتان وهو أحد العقاقير المستخدمة لعلاج مرضى ضغط الدم المرتفع له نتائج إيجابية فى تقليل درجة التليف الكبدى فى المرضى المصابين بفيروس سى وذلك وفقا لدراسة مصرية على 50 مريضا تم متابعتهم لمدة سنة، وهو ما جعلها من الدراسات الواعدة فى مجال الأدوية المستخدمة لتقليل درجة التليفات الكبدية خاصة أن هذا العقار من العقاقير المتوافرة فى السوق المصرية. واستطرد: قمنا بدراسة أخرى لبحث كفاءة العقار الثلاثى «أومبيتا سوفير والباريتابريفير والريتونافير» بالتعاون مع إحدى الشركات المصنعة لعلاج مرضى فيروس سى الكبدى المزمن وتم نشرها فى مجلة LANCET التى جعلت من غلافها لوحة لتكريم جهود الأطباء المصريين فى التصدى لمرض الالتهاب الكبدى الفيروسى سي. وأجريت هذه الدراسة على المرضى المصريين المصابين بفيروس سى من النمط الجينى الرابع بإجمالى 160 مريضا سواء لمن لم يسبق علاجه أو تعرض لانتكاسة بعد العلاج باستخدام عقارى الإنترفيرون والريبافيرين، أو فى حالة وجود تشمع كبدى من عدمه. وقد أثبتت النتائج فعالية عالية واستجابة فيروسية جيدة للعقار المركب عند تعاطيه لمدة 12 أسبوعا، وعدم الحاجة إلى مد فترة العلاج لمدة 24 أسبوعا حتى فى حالة التشمع الكبدى مع الأخذ فى الاعتبار أن هذه النتائج تحققت بنسبة قليلة جدا من الآثار الجانبية التى تراوحت بين الإجهاد والصداع ولم ترق لدرجة الخطورة أو تهديد الحياة. واستعرض د. إمام واكد أستاذ الكبد بالمعهد القومى للكبد بجامعة المنوفية وعضو اللجنة القومية لمكافحة الفيروسات الكبدية، العديد من الأبحاث الخاصة بعلاجات فيروس «سي» التى يجريها معهد الكبد بجامعة المنوفية، وتليف وسرطان الكبد، موضحا أنه فى مجال علاج فيروس «سي» كان المعهد ضمن مجموعة من المراكز المتعددة فى مصر التى تجرى أبحاثا على علاجات فيروس سي. ومنها أبحاث على العقار المركب «أومبيتا سوفير مع الباريتابريفير والريتونافير» قبل نزوله وتسجيله فى مصر، وأخرى على العقار الثنائى «السوفوسبوفير والليدبسيفير» المخصص للنوع الجينى الرابع الموجود فى مصر. وذلك بالاشتراك مع كل من قصر العينى ومعهد المنصورة ومعهد الكبد بوزارة الصحة. وتعد نتائج هذه الأبحاث من أهم أسباب تسجيل هذه الأدوية داخل مصر وخارجها. كما تم إجراء أبحاث على دواء «السيمبريفير» وذلك عند تخفيض مدة العلاج إلى 8 أسابيع بدلا من 12 أسبوعا وبلغت نسبة الشفاء 100% فى المرضى الذين لم يتناولوا علاجات من قبل ولا يعانون التليف بالكبد. وأكد د. واكد أنه خلال هذا العام تم عمل أبحاث على علاجات فيروس سى لشركات مصرية أو ما يعرف بالأدوية «الجنيسة» أو المكافئة مثل البديل المصرى للعقار الثنائى «السوفوسبوفير والليدبسيفير». وجميع الأبحاث الخاصة بعلاج فيروس «سي» بلغت نسبة نجاحها 100%. واستطرد: نقوم فى المعهد بعمل أبحاث خاصة حول مدى تأثير أدوية فيروس «سي» وعلاجه على تطور وتحسن تليف الكبد. وأيضا نجرى أبحاثا على تأثير تلك الأدوية على كفاءة علاج السكر ومقاومة الأنسولين للمرضى المصابين بالتليف. ولدينا أبحاث على تأثير أدوية علاج فيروس «سي» على سرطان الكبد، لبيان مدى صحة التخوف من أن أدوية فيروس «سي» قد تزيد نسبة الإصابة بسرطان الكبد. لذا نقوم فى المعهد بعمل بحث جديد نتابع من خلاله كل من مرضى التليف وسرطان الكبد، وحتى الآن لم نلحظ أى مؤشرات على أن أدوية فيروس «سي» تزيد سرطان الكبد لمرضى التليف. وعن المشروعات البحثية القادمة كشف د. واكد أنهم بصدد البدء فى مشروع، بالاشتراك مع جامعة إمبريال فى لندن، لإيجاد بدائل لتحليل PCR للكشف عن فيروس «سي» وذلك نظرا لارتفاع تكلفة هذا التحليل، والتى أصبحت أعلى من تكلفة العلاج نفسه، وذلك من أجل تقليل تكلفة العلاج على المرضى وعلى الدولة التى تتيح العلاج بالمجان للمواطنين. كما أن لدينا مشروعا آخر يجرى حاليا العمل عليه وهو محاولة اكتشاف دلائل مبكرة للتنبؤ بحدوث سرطان الكبد، من خلال متابعة مرضى التليف وإيجاد الدلائل التى تمكننا من اكتشاف سرطان الكبد مبكرا. وفيما يتعلق بإصابة الأطفال بفيروس «سي» تشير الأرقام إلى وجود نحو من 100 إلى 150 ألف طفل مصاب تحت سن 15 سنة وترتفع هذه النسبة إلى الضعف من سن 15 إلى 18 سنة وفقا للمسح الشامل لسنة 2016. وقد ظهرت أدوية جديدة للأطفال ترفع نسبة الشفاء إلى 98%. هذا ما أكدته د. منال حمدى السيد، أستاذ طب الأطفال جامعة عين شمس ومدير وحدة الابحاث الإكلينيكية وعضو اللجنة القومية لمكافحة الفيروسات الكبدية، موضحة أن الأطفال يتم علاجهم عن طريق الإنترفيرون رغم أن نسبة نجاحه لاتتعدي50% وله أعراض جانبية إلا أنه كان العلاج الوحيد، ولكن بعد الدراسات والأبحاث العالمية التى أوصت باستخدام دواء آخر للأطفال ووافقت عليه منظمة الأغذية والأدوية الأمريكية وهو دواء هارفونى فإنه يتم استخدامه للحالات من سن 12 سنة حتى 18 سنة ووزنهم 35 كجم وحقق نسبة نجاح أكثر من 95%. أما فى حالة الاطفال أقل من 12 سنة فهناك دراسة دولية أولية لتغيير جرعات الأدوية. وأشارت د.منال إلى أنه تتم متابعة الأطفال المصابين بالفيروس من خلال 10 مراكز على مستوى الجمهورية، وقد تم علاج 200 حالة أكبر من 12 سنة بالعلاجات الدوائية الحديثة وكانت نسب الشفاء 98%. ويؤكد د. جمال شيحة رئيس لجنة التعليم والبحث العلمى بمجلس النواب ورئيس مؤسسة الكبد المصرية أهمية المشاركة الفعلية لمؤسسات المجتمع المدنى مع الدولة فى القضاء على براثن الالتهاب الكبدى الوبائى بنوعيه سى وبي. مستعرضا جهود مؤسسة الكبد المصرية في إجراء مسح شامل على مستوى القرى للكشف عن الإصابات. وعلى الرغم من أن الإصابة بفيروس «بي» هى الأقل انتشارا إذ يبلغ عدد المصابين نحو مليون مصاب إلا أنه الأخطر مقارنة بفيروس سي حيث يتسبب فى الإصابة المباشرة بسرطان الكبد . وأطلقت المؤسسة خلال العام الحالى عدداً من المشروعات أهمها إطلاق مشروع 100 قرية خالية من فيروس «سي»، وافتتاح عدد من الفروع للمؤسسة فى مختلف المحافظات، بالإضافة إلى تسيير القوافل الطبية للقضاء علي الفيروسات «سي» و«بي» بهدف إعلان مصر خالية من المرض في 2020.