كيف نتسلق جبل التميز؟ سوف أشرح السؤال وعلاقته بالعنوان بعد عدة سطور أراها وثيقة الصلة. حين التحقت بكلية الآداب فى أوائل السبعينيات كان أبى يداعبنى بأنى طالبة فى كلية الأميرة فاطمة ومن المداعبة ينتقل الى حكاية تلك الأميرة التى لولاها ماكانت جامعة القاهرة ثم يعرج بفخر شديد على حكاية لا يمل من تكرارها، عن قريته التابعة لمحافظة الدقهلية التى انتهجت نفس الطريق، و استطاعت بغير معونة الحكومة، وبالعمل الأهلى أن تستكفى بمدارس غطت كل المراحل حتى «التوجيهية». الأميرة فاطمة بنت الخديو اسماعيل أشبه فى إغداقها على الوطن بأمراء الأساطير وبالذات حين يتم استحضارها فى أيام «الضن»! أميرة جميلة غنية، زاد من ألقها الروحى إدراك للفن والثقافة، علمت من طبيب أسرتها أن أول جامعة فى مصر موجودة وقتها فى مبنى للإيجار يملكه جناكليس باشا (مكان الجامعة الامريكية بالتحرير) أوضاعها غير مستقرة فقررت أن تتبرع بستة أفدنة فى الجيزة لتكون مقرا للجامعة ثم أوقفت ستمائة وواحد وستين فدانا من اجود اراضى الدقهلية للإنفاق على الجامعة وخصصت أربعين بالمائة من صافى أرباح 3357 فدانا لميزانية الجامعة وباعت مجوهراتها بسبعين ألف جنيه وقتها لتستكمل كلية الآداب،.. وهذا اختصار وتبسيط لنموذج من العمل الأهلى ودوره السخى فى استشراف و تطوير مصر الحديثة فى فترة من تاريخنا، و«الجامعة» الرمز لمد البصر والتى لولا الأميرة فاطمة لتعثرت او لانتهت كحلم، هذا ما نحتاج اليوم لاستحضاره ونحن نتابع ميلاد «مدينة زويل للبحث العلمى».. لابد أن تمد البصر للغد الغد القادم حتميا سواء (عملت حسابك) او اقتصر نظرك وقصرته على «اللحظة»، السؤال كيف نتسلق جبل التميز مستوحى من لقاء ضم قديسنا الدكتور مجدى يعقوب والمهندس سميح ساويرس كممثل لمؤسسة ساويرس التى تقدم مع عدد من المؤسسات الشبيهة «كالقلعة» وغيرها نوعا من الدعم او الاستثمار فى العقول. مؤسسة «ساويرس» والمهندس سميح ساويرس يدعمان مدينة زويل، كل جنيه ينفق على العلم والمعرفة هو خطوة فى التخديم على واحد من المفاتيح الأساسية «للنجاة»، مفتاح «العلم والبحث العلمي» وهما الأمر المستهدف من إنشاء مؤسسة أو مدينة «زويل» العلمية. إذا ما اتفقنا على ماهو مفروغ منه عن قيمة العالم الراحل وانتساب المؤسسة ودلالته، فإننا إزاء «مؤسسة» اختارت الطريق الأصعب، اختارت «المستقبل» عبر البحث العلمى والعلم الجاد، فى لحظة آنية محفوفة بالمخاطر لحظة شديدة الصعوبة، لحظة العلم فيها له «تكلفته» والبحث العلمى ضرورة، ومع ذلك وجدت أيادى مصرية وطنية صادقة، او عناصر من المجتمع الاهلى او المدنى غير حكومية تمتد اليها وتتبناها وتؤسس لها كجزء من قاعدة او اساس منحاز الى العلم، لابد أن ينشأ، إن نحن أردنا الاستمرار. نحن على وشك ميلاد حقيقى «لمعجزة» ثانية بعد المعجزة التى تفجرت فى أسوان على يد القديس «مجدى يعقوب»، مؤسسة مجدى يعقوب والتى هى حلقة من تجليات ما يمكن ان يقدمه المصريون فى حال توافر الفرصة والإمكانات بمعايير عادلة. توقفت عند لقاء ضم المهندس سميح ساويرس والدكتور مجدى يعقوب من خلال برنامج لشريف عامر «المهني».. كانت مباراة نبيلة، فى محبة الأرض التى اليها ينتميان.. كيف يقنعان الرأى العام، بأن العلم ليس رفاهة وان البحث العلمى طوق نجاة وانهما «اعظم» استثمار. روى القديس مجدى يعقوب عن بداية مشواره البحثى. العلم والاستثمار فى البشر ليس مجرد كلام ولا حلم يقظة، هنا يدخل الاستثمار والبعد الاقتصادى، فليس المطلوب اننا نلم شوية فلوس لكن المطلوب «اننا نشغل هذه الفلوس عشان تجيب فلوس» فنضمن استمرارا مؤسسيا.. المهندس سميح ساويرس عضو مجلس اوصياء مدينة زويل للبحث العلمى وأحد كبار المتبرعين، لم يكتف بفكرة التبرع، لكن هو مشغول ببعد استثماري، يضمن الاستمرار المؤسسى لمدينة علمية تعيش وتستمر ولا ترتهن بافراد، مؤكدا ان الاستثمار فى العلم على المدى الطويل يعود بثلاثمائة ضعف.. يعنى لو دفعت جنيها فى استثمار العقول عاد لك الجنيه بعد عقدين او ثلاثة ب300 جنيه،.. فى رؤية مدينة زويل العلمية أن يذهب عشرون بالمائة من تغذيتها المالية الى البحث العلمى الصرف، وثمانون بالمائة الى نوع من التعليم العلمى الرفيع المستوى، يتم اختيار طلابه وفق ملكات او معايير تتجاوز فكرة المجموع الى فضاء الملكات او الامكانات العقلية، بحيث تذهب الفرصة الى مستحقها بعدالة وشفافية عشرة جنيهات، يدفعها المصرى، مضروبة فى عددنا تضمن. كيف يفك «المقتدرون» اكياسهم ، ويستحضرون الاميرة فاطمة إسماعيل ..؟ لمزيد من مقالات ماجدة الجندى